أجرت مجموعة عمل سياسية في برلين منافشة مع الفيلسوف والمفكر الفرنسي «آلان باديو» عن الثورة المصرية والحركة السياسية فيها، مؤكدًا أنّها أحدثت في 2011 فرقًا حقيقيًا في التسلسل التاريخي للأحداث السياسية، كما استطاع المصريون التحدّث بعلوّ صوتهم بأنهم هنا في ميدان التحرير رمز انتفاضتهم، وأنهم المصريون الحقيقيون وليس الدولة الاستبدادية.
نشر موقع «أوبن ديمقراسي» ما ذكره المفكر الفرنسي في المناقشة، وترجمته «شبكة رصد»، وأكّد أنّ الثورة فشلت، لكن يمكن التعلم من دروسها، والكيفية أو الطريقة التي فشلت بها.
وعندما خرج المصريون في 2013 ضد السياسات المثيرة للجدل التي اتخذها الدكتور محمد مرسي، بدلًا من إعادة التفاوض على العقد الاجتماعي الجديد بوسائل ديمقراطية؛ سارع الجيش، الذي اختطف حركة المصريين وثورتهم، إلى إزاحة الرئيس بالقوة، مبشّرًا بعودة السلطة إليه؛ ما ترك كثريين من حركات المعارضة الديمقراطية مصدومين وغاضبين ويشعرون بالفشل.
وأدى النهج القمعي الذي اتبعه السيسي إلى تراجع معارضين عن العمل السياسي؛ غير أنّه في الأشهر الأخيرة، وعلى أعتاب الانتخابات الرئاسية المقبلة، عزّز السيسي من قبضته على السلطة بطريقة غير مسبوقة؛ فمن ناحية وضع كثيرين خلف القضبان وقتل آخرين، بينما من ناحية أخرى عادت إحياء روح ثورة 2011؛ فما الذي يتعين علينا فعله؟
تطرح الانتخابات المصرية سؤالًا أكثر أهمية خارج نطاق المشاركة، بشأن الشكل الذي سيبدو عليه انتصار المعارضة بخصوص الانتخابات، والتحدي المتمثل في استمرار السياسة الثورية في مصر في ضوء ما حدث منذ عام 2011.
وكان تطوّر الحركة السياسية في مصر مهمًا؛ فهي نقطة انطلاق للشرق الوسط بشكل عام، وهو ما مثّل إعادة إحياء للتاريخ، ولم يكن التركيز حينها على مستوى الدولة بقدر التوحّد لصنع القرار؛ وهذا أمر يحتاج إلى زمن لتستطيع الحركة عبوره.
وفيما يتعلق بالمشاركات السياسية والانتخابات وغيرها، فهي أمور رجعية في مصر، تمامًا مثلما حدث في فرنسا عام 1968؛ إذ تحوّل الظلم إلى شيء اعتيادي بدلًا من استثنائي. لكنّ الثورة المصرية تمثّل تاريخًا استثنائيًا، والظروف التي اندلعت بسببها عادت إلى الوضع الاعتيادي الآن؛ فهي بدأت كالتالي: «مبارك، حركة كبرى، ثم استثنائية، حكم الإخوان، العودة إلى الديكتاتورية العسكرية».
وما حدث يعتبر فشلًا ذريعًا للمعارضة المصرية؛ والدورس التي يجب تعلمها أنّ تتمحور بشأن كيفية فشلها وأسبابها، وتمثّل نقطة انطلاق لانتفاضة جديدة؛ ومن الضروري تخطي فكرة الفشل والانطلاق نحو الآتي. لكنّ الكاتب لا يمتلك تفسيرًا لهذه النقطة تحديدًا؛ بينمت يمتلكه المصريون.
وأخطأ الإخوان في توليهم السلطة بمصر؛ لأنهم لم يكونوا في موقف يؤهلهم للسيطرة عليها حينها، لكنهم كانوا جزءًا من الحراك الثوري نفسه؛ ورأى الكاتب ما حدث درسًا تاريخيًا، وامتلك شغفًا حقيقيًا بالحركة المصرية ورآها شيئًا جديدًا يحدث في التسلسل التاريخي الحالي على المستوى العالمي وليس المصري فقط.
كما ذكر أنّ «الثورة» تختلف تمامًا عن «الحركة المسلحة»، وعن النهج التقليدي للوصول إلى الحكم؛ لكن ما فعله المصريون في 2011 كان مختلفًا تمامًا ويطلق عليه مفهوم ثورة، لها رمز ميدان التحرير؛ وعبّر المصريون حينها أنّ مصر هنا في التحرير وهؤلاء المصريين الحقيقيين؛ وهذه رمزيتها الأكبر.