أكدت صحيفة «ستارتز تايمز»، فشل الأهداف الأميركية من زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيرلسون، مؤكدة في مقال لـ«جوناثان إيال»، أن أيا من زيارته إلى الدول الخمس لم تؤتي ثماراها، خاصة فيما يتعلق باحتواء المخاوف وتبديد الشكوك الشرق أوسطية حول الاستراتيجية الأمريكية الجديدة والتي أعلن عنها ترامب مؤخرا.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، اختتم وزير الخارجية الأميركية ريكس تيرلسون، جولته في الشرق الأوسط والتي استمرت أسبوعا، أجى فيها محاداثات مع قادة مصر والكويت والأردن ولبنان وتركيا، ورغم أن الجولة كانت بمثابة عودة إلى النهج الأميركي التقليدي في أمور الدبلوماسية، وطمأنة الحلفاء الأقرب في المنطقة، إلا أن وزير الخارجية فشل في تبديد الشكوك حول استراتيجية واشنطن المتناقضة والخاصة بالشرق الأوسط.
ووفقا لدبلوماسي أميركي رفيع المستوى شارك في المحادثات، رفض ذكر إسمه، فإنه لم يبد أي ارتياح للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رغم أن مصر أكبر دولة في المنطقة وتمثل ربع العرب، مشيرا إلى أن تيرلسون أيضا محبط بشانها منذ أن تولى منصبه، وكان أحد المساهمين الأساسيين في تجميد قرابة 300 مليون دولار أمريكي من المساعدات العسكرية لمصر في العام الماضي.
إن التوتر ليس على سجل حقوق الإنسان في مصر، وقد أشاد السيد ترامب، على عكس سلفه، بالسيد السيسي الذي جاء إلى السلطة نتيجة انقلاب عسكري عام 2013، والذي يبدو مؤكدا أنه سيعاد انتخابه الشهر المقبل. ووصف الزعيم الأميركى نظيره المصرى بأنه «رجل رائع».
وكشف المصدر، أن الخلافات تعمقت منذ اكتشاف الاستخبارات الأمريكية الصفقة العسكرية بين مصر وكوريا الشمالية، ووفقا لمحللين أمريكيين، كانت واحدة من أبرز سبل انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات الموقعة عليها.
ووفقا لنفس المصدر، فقد فشل تيرلسون في إقناع مضيفييه المصريين بقطع صلاتهم تماما مع طوريا الشمالية، واعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن علاقات بلاده بكوريا الشمالية تقتصر فقط على التمثيل الدبلوماسي ويوجد لكوريا سفارة في العاصمة القاهرة ولمصر بالمثل هناك، إلا أنه على المسؤولين المصريين أن يبذلوا المزيد في هذا الإطار.
ووفقا لكاتب المقال، فإن ما دفع تيرلسون لمحاولة التقرب من مصر مرة أخرى، هو الحمللات العسكرية التي تشنها مصر لمحاربة الإرهاب، مضيفا أن تيرلسون دافع بقوة عنها .
وفيما يتعلق بالعراق، اكد وزير الخارجية الأميركي على دعم أميركا الدائم لعملية إعادة الإعمار، وتعهدت الولاياتا لمتحدة خلال مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت، بتقديم مساعدات بقيمة 3 مليار دولار للحكومة العراقية، كما تعهد وزير الدفاع الأميركي «جيمس ماتيس»، أمام نظرائه الأوروبيين الأسبوع الماضي، بأن يبقى الجيش الميركي منتشرا في الشرق الأوسط، مضيفا أن ما يسمى بـ«تنظيم الدولة» في العراق وسوريا تحطم مؤخراء، إلا أن المعركة لم تنته بعد.
ورغم ذلك، لم يكن لدى وزير الخارجية ووزير الدفاع ما يقولانه بشأنه الأزمة الخيجية والحصار السعودي الإماراتي لقطر، وهي المواجهة الدبلوماسية التي قادتها السعودية من أجل إقناع الدول العربية لمقاطعة قطر، بإشارة من ترامب، في حين أن معظم كبار المسؤولين والوزراء في الإدارة الأمريكية منحازين كليا إلى قطر.
وأشار الكاتب، إلى أن الحصار السعودي ضد قطر، كان موضع خلاف وتناقض لأميركا، حيث دعم ترامب السعودية أما المسؤولين في الإدارة دعموا قطر.
أما فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد فشل تيرلسون في إضافة جديد، مشيرا إلى أنها مسألة أخرى ذات موضع خلاف بين المسؤولين الأمريكيين والبيت الأبيض، ورغم أن البيت الأبيض كان أبدى استعداده للكشف عن خطته فيما يتعلق بالسلام الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أنه لم يتم الإشارة إليها من قريب أو بعيد في زيارته للشرق الأوسط.
وفي الأدرن، مثل عرض تيرلسون 1.3 مليار دولار مساعدات للمملكة الهاشمية، إشارة قوية على دعم نظام الملكية الإقليمية، إلا أنه بخلاف القضية الفلسطينية والأزمة الخليجية، يتفق جميع المسؤولين الأمريكيين على الدعم الإيجابي للأردن، فيما ردت الأردن على لسان ملكها عبدالله الثاني بأن تيرلسون «صديق».
أما على مستوى العلاقات مع تركيا لم تكن رحلة تيرلسون مثمرة جدا، رغم ترحيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحار به، غير أن أردوغان عبر عن غضبه من دعم الأمريكيين للميليشيات الكردية في سوريا، وتحديدا القوات التي يقاتلها الأتراك حاليا، وقال وزير الخارجية التركي «ميفلوت كافوس أوغلو» الذي اتهم الولايات المتحدة بـ«سوء النية» في دبلوماسيتها المتعلقة بسوريا، إن علاقةا لولايات المتحدة بتركيا في «مرحلة حرجة جدا».
وبصرف النظر عن اللهجة القاسية التي تحدثت بها أنقرة لواشنطن، إلا أنه يجب على تيرلسون محاولة استيعاب المخاوف التركية المتعلقة بالأكراد وغيرهم، خاصة وأن الولايات المتحدة ترى أن الميليشيات الكردية قوات محلية فاعلة، وليس لدى الولايات المتحدة أي نية أو خطة لتقليل الدعم المقدم إليهم.
ورغم أن زيارة تيرلسون بشكل عام إلى الشرق الأوسط، كانت تهدف إلى تبديد المخاوف والشكوك بشأن سياسة واستراتيجية أميركا الجديدة في الشرق الأوسط، إلا أنه فشل في احتوائها، وفشل حتى في احتواء مخاوف الإسرائيليين، والدليل على ذلك، هو أنه عندما وقع اشتباك عسكري مباشر بين الجيشين الإسرائيلي والسوري، لم يهاتف نتنياهو ترامب، بل سارع إلى مهاتفة بوتين بدلا منذ لك.