استمرارًا لمسيرتها في الاستدانة، أصدرت وزارة المالية المصرية سندات دولية بأربعة مليارات دولار على ثلاث شرائح: خمس سنوات وعشر وثلاثين؛ ما يؤكد أنّ هناك أزمة مالية تحاول الحكومة حلها عن طريق أزمة أخرى تُضاعف أعباء الديون الدولارية والمحلية على مصر، التي بلغت ثلاثة تريليونات دولار.
والسندات أوراق مالية تقترض الحكومة مقابلها أموالًا من السوق الدولية، وتكون مستحقة السداد بعد أجل معين بفائدة محددة سلفًا؛ وكلما قلّ سعر الفائدة ينعكس مستوى أقل من المخاطر للمستثمر، وتكلفة أقل على الحكومة عند السداد.
وآخر مرة طرحت فيها مصر سندات دولارية في مايو 2017، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وقبلها كانت في يناير 2017 بقيمة أربعة مليارات دولار. كما لجأت إلى السوق الدولي للاستدانة لأكثر من سبب؛ أولهم أنّ تكلفة السندات الدولية الدولارية منخفضة مقارنة بالاقتراض من البنوك المحلية، عبر طرح أذون الخزانة المحلية التي تصدرها الحكومة.
وأثّر رفع الفائدة أكثر من مرة بنسبة إجمالية 7% منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 سلبًا على الحكومة؛ لأنه رفع تكلفة الاستدانة من البنوك لتغطية العجز بين إيراداتها ومصروفاتها.
ويدور سعر الفائدة على أذون الخزانة حاليا في مستوى 17%، والسندات 14%، ووصلت إلى مستويات أعلى من هذا كثيرًا في العام الماضي؛ لكنها بدأت تتراجع مؤخرًا مع توقعات بخفض البنك المركزي أسعار الفائدة غدًا الخميس، مع تراجع التضخم.
وأذون الخزانة هي أوراق استدانة لا تزيد مدتها على عام، والسندات أوراق مالية للاقتراض تزيد مدتها على العام، وتطرحها الحكومة بشكل دوري لتغطية عجز الموازنة. وبرر وزير المالية عمرو الجارحي طرح السندات الدولية بأنها تساعد في خفض تكلفة الدين وإطالة أجل الدين الحكومة.
مخاطرها
قال الخبير الاقتصادي الدكتور رضا عيسى، في تصريح لـ«رصد»، إنّ «السندات ديون بالدولار؛ ما يدفع إلى رفع قيمة الديون الخارجية لمصر بالدولار، كما إنّها سترفع قيمة خدمة الديون الخارجية (الفائدة) لأنها بالدولار أيضًا؛ خاصة وأن الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى 80.8 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي مقابل نحو 79 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي.
وتواجه الديون الخارجية مخاطر تتعلق أيضًا بسعر الصرف؛ خاصة مع نظام التعويم القائم حاليًا، في حالة استمرار تراجع الجنيه أمام الدولار.
وقالت الحكومة في نشرة طرح السندات ببورصة لوكسمبورج إنها تواجه مستويات مرتفعة من خدمة الديون، إضافة إلى الديون الخارجية المجدولة في المستقبل القريب. وترى أنّ المديونية قد تزداد نتيجة الاستمرار في الاقتراض وتؤثّر سلبًا على تصنيف مصر الائتماني، كما يمكن أن يكون له تأثير جوهري على الاقتصاد المصري، وكذلك على موارد الحكومة المالية وقدرتها لخدمة ديونها.
وتوسعت مصر في الاقتراض من الخارج في العام الماضي لسدّ الفجوة التمويلية وحل أزمة نقص العملة الصعبة في السوق.
مهمة أموال السندات
وقال عمرو الجارحي، في بيان لوزارة المالية، إنّ «قيمة السندات ستوجه للبنك المركزي لدعم الاحتياطيات الدولارية، في حين سيجرى توجيه المقابل النقدي لها بالجنيه المصري لتمويل أنشطة الموازنة العامة»؛ وهذه السندات الدولارية بمثابة آلية من آليات التمويل، وميزتها أنها تساعد الحكومة في تنويع مصادر التمويل بدلًا من الاقتصار على السوق المحلية فقط.