أكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عدم كفاية الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل على تنظيم الدولة في سيناء بطلب من الحكومة المصرية، موضحة في مقال للكاتب الإسرائيلي «أنشيل بيفر»، أنه طالما مازال الجيش المصري عاجز عن السيطرة على الأرض فإن الضربات الجوية ليس لها قيمة، مؤكدا أن انصار بيت المقدس، هي المنتصرة على الأرض في سيناء حاليا، وأدرى بشعابها وممراتها، كما أن معظم المتواجدين في الجزء الشمالي من سيناء لا يدينون بالولاء للحكومة المركزية في القاهرة.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أكد الكاتب أن مصر وقعت اتفاقية كامب ديفيد في 1979، تتلقى مصر مساعدات من أميركا، وحدثت بها مخزوناتها من الأسلحة السوفياتية، بأسلحة من صنع الولايات المتحدة الأمريكية، منها مقاتلات إف 16 وطائرات أباتشي ذات نماذج مماثلة للتي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، وبها توقع الجميع أن تكون مصر قادرة على التعامل مع التمرد في شمال سيناء، إلا أنه مع استمرار الهجمات على المواقع والمنشآت العسكرية هناك، فإن الجيش المصري مازال بعيدا عن القضاء على داعش، رغم خسارة التنيظم لمعظم أراضيه في سرويا والعراق.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز»، ذكرت في تقرير لها الأسبوع الماضي، أن إسرائيل تساعد الجيش المصري في سيناء، وعلى مدار العامين الماضيين شنت أكثر من مائة غارة جوية باستخدام مقاتلات وطائرات هليكوبتر هجومية وطائرات دون طيار في سيناء، بناءا على طلب الحكومة المصرية، ورغم امتلاك مصر نفس النماذج إلا أن ما احدث فرقا هو تجارب طاقم الطائرات الإسرائيلية وخبرتهم والإلكترونيات والتعديلات التي أدخلت على مقاتلاتها، بجانب مجموعة كبيرة من الذخائر الموجهة، وأجهزة الاستشعار المتقدمة، ونظام القيادة والتحكم المتفوق.
كل العوامل السابقة جعلت الطيران الإسرائيلي أكثر مهارة وقدرة في تحديد أهداف داعش بدقة بالغة وفي عمق الصحراء، كما أن لدى طياريها قدرة على التعامل مع الأنظمة الدفاعية المضادة للطائرات والتي تمتلكها عناصر داعش في سيناء، إلا أن المزايا التكتيكية للقوات الجوية الإسرائيلية ليست السبب الوحيد لمخاطرة إسرائيل بطائراتها وطياريها لخدمة مصر.
وخلال تولي حسني مبارك السلطة، كانت إسرائيل مطمئنة حول اتفاقية السلام التي حافظ عليها منذ عام 1981، وكان أيضا حليفا جيدا لإسرائيل ويُعتمد عليه، وحافظ على السلام البارد بين الدولتين، إلا أنه بعد الإطاحة به عقب ثورة يناير 2011، انتاب إسرائيل قلق عميق من العامين والنصف الذين تلوا الثورة وقلق على مستقبل التحالف بين الدولتين، إلا أن تولي عبدالفتاح السيسي السلطة في انقلاب عسكري في 2013.
وعلى وجه التحديد، أكد مسؤولون إسرائيليون كبار، أنه لم يوجد أي رئيس منفتخح على إسرائيل واعلن ذلك علنا، مثل السيسي، وهو الذي أكد في مقابلة مع «واشنطن بوست» في 2015، أن التعاون بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير مسبوق، مؤكدا أيضا وجود تعاون أمني بين الجانبين لم يحدث مثله من قبل، وهو تحالف يدعم السلام بين الدولتين، رغم أن معظم وسائل الإعلام المصرية والمثقفيين المصريين، مازالوا معادين لإسرائيل.
إلا أن هناك حدودا لفاعلية الضربات الجوية الإسرائيلية ضد داعش في سيناء، فقبل وجود داعش كانت الجماعة المستهدفة الأصلية والتي أعلنت ولائها لداعش هي «أنصار بيت المقدس»، وهي حركة محلية تتألف من أفراد من قبائل مختلفة في البدو، ويجمعهم سخطهم على الحكومة المركزية في القاهرة، وعززها الإسلاميون الذين فروا من القاهرة إلى هناك عقب الانقلاب العسكري، والميزة التي يمتلكونها هي أنهم يحاربون على أرض وطنهم وبلدهم الأم وبين شعبهم؛ ويعرفون جيدا الممرات والمدقات الجبلية الوعرة.
وفي حين يسيطر الجيش المصري على معظم القطاعات الاقتصادية، إلا أن معظم أفراده من المجندين الفقراء، وغير مجهزين أو مدربين جيدا على محاربة العدو الحالي، وهو ما يجعل المعركة ضد الإرهاب في سيناء غير متكافئة، كما أن التضاريس الوعرة لسيناء، تجعلهم كالأجانب الذين يحاربون على أرض ليست أرضهم، بعكس المنتجعات السياحية على ساحل البحر الأحمر في الجزء الجنوبي من سيناء، وبجانب ذلك تم تجاهل التنمية في شمال سيناء لعقود، ولا يوجد لدى قاطنيه أي ولاء للحكومة المركزية في القاهرة، والجيش هناك بالكاد يسيطر على الطريق الساحلي الرئيسي وبالليل ينام الجنود في ساراتهم المدرعة.
وبحلول نهاية 2016، ساهمت الغارات الجوية في القضاء على داعش في سوريا والعراق وهناك تقارير عن مقتل زعيمهم، إلا أنه رغم ذلك، مازال الجيش المصري يفشل حتى الان في اكتساب مزايا على أرض سيناء ضد التنظيم، ومازاد من تعقيد الأمر على الجيش، هو انضمام قيادات فرت من سوريا والعراق العام الماضي إلى أقرانهم في شبه جزيرة سيناء، وبالتالي فإن دعم إسرائيل أو الولايات المتحدة بالغارات الجوية فوق شبه الجزيرة لن يساهم في القضاء على داعش ولن يفيد مطلقا، مالم يستطع الجيش المصري تحقيق انتصارات على الأرض.