في حقبة الحرب العالمية الثانية، لم يكن الزعيم النازى الشهير أدولف هتلر، يتخيل يوما في حياته أن تكون نهايته على يد أقرب المقربين منه «هينرش هيملر»، فـ«هتلر» الذي حارب الجميع ولم يكن يثق في أحد وهزم لفترات جيوش العالم، تعرض لخيانة من ذراعه اليمنى، والسؤال هنا هل يكرر اللواء عباس كامل أحد المقربين القلائل لعبد الفتاح السيسين، سيناريو «هيملر».
وهناك تشابهات في العلاقة بين السيسي ووعباسب كامل وبين «هتلر وهيملر»، وهي أن ثفة السيسي وهتلر لم تكن إلا لشخص واحد لكل منهما، كما يجمع الطرفين صفة الديتكاتورية في الحكم وتخوين القادة.
وما أشبه الليلة بالبارحة، خاصة وأن السيسي لجأ إلى أسلوب هتلر في التعامل مع الضباط الخارجين عن طاعته، حيث أن هتلر عادة ما كان يتخلص من الضباط والقادة في جيشه لمحاولتهم التخلص منه أو شكوكه ضدهم، وهذا ما ظهر جليا في في عملية «فالكيري» التي حاول عبرها بعض الضباط الألمان اغتيال هتلر، ليرد الأخير عليهم بالاعتقال والاعدام.
وفي مصر بات مدير مكتب عبدالفتاح السيسي، اللواء عباس كامل، الرقم الأصعب في معادلة الحكم في مصر، للدرجة التي دفعت البعض لوصفه بأنه الحاكم الفعلي في البلاد. ، خصوصاً بعدما تحول كامل إلى ظل للسيسي يتبعه أينما تحرك، ويجلس إلى جواره على كافة طاولات المشاورات واللقاءات الرسمية في مصر والعواصم العالمية.
ولم يكتفي السيسي بان يكون كامل ظل له، بل قام بتعيينه مديرا مؤقتا لجهاز المخابرات العامة، بعد إقالة اللواء خالد فوزي وعدد آخر من الضباط في ذلك الجهاز.
رعب السيسي
خلال الأسابيع الأخيرة، كثر الحديث عن أن هناك حالة من الغليان داخل الجيش المصري، حيث ظهر ذلك في خطاب عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاحه حقل ظهر للغاز الطبيعي وتهديده لجميع معارضيه أيا كانوا، ليكشف مدى رعبه من احتمالية حدوث انقلاب الجيش السيسي، إلا أن هناك عدة أسباب تعجبل بتمرد قواعد الجيش عليه.
وكان عبد الفتح السيسي في خطابه إلى استجداء ما أسماهم «أهل الشر» التي يشير بها السيسي إلى معارضيه دون تسميتهم، معتبرا أن كل من يعارضه هم من الأشرار، مطالبا بالسماح له باستخدام القوة الغاشمة والحملات القمعية ضدهم.
وأيضا تحدث السيسي عن الجيش معلنا، أنهما جزء واحد قائلا: «أمنك واستقرارك يا مصر ثمنه حياتى أنا وحياة الجيش.. ومحدش يفكر يدخل معانا فى موضوع أمن مصر ده أنا مش سياسى بتاع الكلام، وإحنا مش بنبى البلد بالكلام وعشان ترجع بالشكل ده ربنا اللى عالم رجعت إزاى».
أمر ليس مستبعد
وفي هذا الصدد يقول، ممدوح حمزة الناشط السياسي، في تصريح لـ«رصد»:«السيسي فقد كل كبار قادة الجيش بعد عمليات الإزاحة الدورية في مفاصل القوات المسلحة المتمثلة في اعتقال سامي عنان وسجن العقيد أحمد قنصوة وإجبار شفيق على التراجع، والإطاحة بمدير المخابرات العامة، لذا لن يكون عباس كامل من المبشرين بالبقاء بجوار السيسي».
وأضاف، حمزة، «مسألة التخلص من السيسي سوا ء من عباس كامل أو غيره غير مستبعده، فمبارك نفسه أجبره المجلس العسكري على التنحي، والسادات قتله ضباط في الجيش فأين خينها جهاز المخابرات ليحميه من خطر الاعتيال».
كيف خدع هينرش قائده
وبالعودة إلى «هينرش هيملر» الذراع اليمنى لقائد الجيش النازى ورفيق رحلة النضال معه في جميع الحروب، التي خاضها الجيش النازى ضد حلفائه، فقد انضم للحزب النازى والتحق بسلاح وذلك عام 1925 وأسند إليه هتلر قيادة القوات الخاصة المعنية بحمايته الشخصية والتي كانت تضم 280 عضوًا هم صفوة سلاح «SA» الأكبر حجمًا، ومن هنا أصبحت العلاقه وطيدة بين هيملر وهتلر، واعتماده عليه، وطور هيملر القوات الخاصة، حتى أصبحت من أفضل الميليشيات المدربة عسكريًا.
نجح هيملر بالتعاون مع «هيرمان جورينج»، الأب الروحى للجيستابو في إقناع هتلر من الخطر الذي يمثله تنامى قوة الـ «SA» وقائده « إرنست روم» واحتمال استعمال سلاح «SA» للإطاحة بهتلر ونظامه، وذلك لإيمان « إرنست روم « بأن الثورة الحقيقية لم تبدأ بعد، ومبادئه الاشتراكية، ما جعل هتلر يقتنع بخطر «روم»، قائد الـ «SA» ووافق على تصفيته جسديًا وهذا ما تم على يد هيملر وجورينج، جعل الساحة شاغرة لهيملر، ومن هنا أصبح الرجل الأول بالأجهزة الأمنية.
وأصبح « هيملر» نائبًا لقائد الحرس الأسود، وذلك في عام 1925، وقرر هتلر في عام 1929، إعفاء هايدن، قائد الحرس الأسود من منصبه، وبذلك أصبح» هيملر» قائدًا للحرس الأسود، وقرر « هتلر» أن يصبح الحرس الأسود، ذا قوة خاصة في الجيش الألمانى، وأن يتميز رجال الحرس الأسود بالقوة والصحة الجيدة، وقرر « هيملر» أن يتزوج أعضاء الحرس الأسود بنساء يتشابهن معهم في القوة والصحة الجيدة، رافضًا أن يدخل أي أشخاص غريبة إلى هذا السلاح، مقتصرًا على أعضائه ونسلهم الخاص بهم.
وعندما تسلم «هتلر» السلطة في ألمانيا، قرر «هيملر» زيادة عدد أعضاء الحرس الأسود، وكون « هيملر» قوة مخابرات، وذلك للسيطرة على مدينة برلين، وأقام بعد ذلك معسكرات خاصة بالاعتقال، ذات طرق تكنولوجية جديدة في فنون التعذيب وإعدام المعارضين بالحرق أو الصعق.
كما أنشأ فرقا جديدة لحراسة المعتقلات، وذلك بعد أن عمل على توسيع معسكر الاعتقال وأطلق عليه اسم « الجمجمة»، وكان رجال حرس المعتقل من أعضاء الحرس الأسود، وكان من ضمن أعمال هذا المعسكر، تصفية زعماء « فرقة العاصفة»، وقام» هيملر» بمساعدة « جوبلز» في إعداد قائمة لتصفية زعماء هذه الفرقة، وعندما حدثت هذه المجزرة، كان يوجد « هيملر» بجانب « هتلر» وكانت قوات الحرس الأسود تنفذ أوامر» هتلر» الذي يشيره عليه « هيملر».
وعندما قام قادة الجيش الألمانى بالتآمر على « هتلر» ونشر شائعة جنونه وأنه السبب الرئيسى في هزيمة ألمانيا أمام روسيا، وقام « هيملر» بإحباط هذه المؤامرة عليه، وإعدام هؤلاء القادة، وأفراد الشعب الذين انضموا إليهم، وبعد أن أصبح هتلر يفقد الثقة برجال جيشه، وزيادة ثقته برجال الحرس الأسود، الذي يقوده رفيق نضاله « هيملر» ومن هنا زاده نفوذ «هيملر» في كل ما يتعلق بشئون التجنيد والسلاح والمخابرات، وأصبح الرجل الثانى في ألمانيا بعد «هتلر» والذراع اليمنى له.
بعد أن شرب هتلر من كأس الخيانة من قبل بعض القيادات في الجيش الألمانى، وتسبب ذلك في فقدان ثقته برجال جيشه، وأسند كل مقاليد أمور الجيش في أيدى هيملر، وزاد من نفوذه، لم يخطر في باله مطلقًا، أن يشرب من كأس الخيانة مرة ثانية، وعلى يد رفيق نضاله داخل الحزب النازى، والجيش الألمانى، وذراعه اليمنى « هيملر» وذلك عندما تحالف» هاينريش هيملر» مع قوات التحالف ضد « هتلر» وعقد معهم اتفاقية سلام، والانسحاب من العمليات العسكرية، وهذا دون علم « هتلر» ما جعل هذا في وجهة نظر « هتلر» خيانة كبرى له، وعلم « هتلر» بهذه الاتفاقية، وجن جنونه، وقرر القبض على « هيملر» وقال حينها « هتلر»، « لقد خذلتنى وخذلت ألمانيا والعنصر الألمانى، لذلك لن تجد جزاء سوى القتل» وأخرج « هتلر» مسدسه لكى يقتله، إلا أن هيملر قام باستعطافه، ولم يقتله.
انتحار « هتلر»
بعد أن علم « هتلر» بخيانة « هيملر» له مع الإنجليز، وعقد اتفاقية استسلام في السر، غضب غضبًا شديدًا، وحينها قرر أن كل شيء انتهى، وانفرد بنفسه داخل غرفته وكتب وصيته، بأن يتم حرق جثته حتى لا يمثل بجثته مثلما حدث مع موسولينى، ثم قام بوضع السم لزوجته التي تزوجها قبل انتحاره بـ 40 ساعة، والتي فضلت أن تنتحر معه، ثم بعد ذلك أطلق الرصاص على نفسه، وقام بعض رجال الحرس الخاص به، بحرق جثته، إلا أنهم لم يتمكنوا من حرقها بالكامل، بسبب هجوم الجيش الروسى على مقر إقامته.