في اللحظات الأخيرة وقبل دقائق من إغلاق باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وصل إلى مقر الهيئة الوطنية للانتخابات، رئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى، (66 عاماً) ليدخل سباق الترشح كمنافس لعبد الفتاح السيسي، بعد فشل محاولات النظام توريط حزب «الوفد» في «مسرحية الرئاسيات»، وهنا يطرح سؤال نفسه كيف استطاع موسى أن يكمل أوراق ترشُّحه من كشف طبي وهو مغلق منذ يوم الجمعة الماضي، وكيف جمع توكيلات شعبية، في 24 ساعة فقط، من إعلانه الترشح.
تدخل الأجهزة الأمنية
مصادر نيابية ذكرت لـ «العربي الجديد» أنّ قرار الدفع بموسى لم يتخذ إلا مساء السبت، بعد اتصالات مستمرة للأجهزة الأمنية مع رؤساء الأحزاب، لإقناع أحدهم بخوض الانتخابات، والقبول بلعب دور «الكومبارس»، مرجعة إصرار النظام الحاكم على الدفع بمرشح منافس للسيسي هو «قطع الطريق على سيناريو عدم فوزه بالمقعد الرئاسي».
وأوضحت المصادر، أن تلك الأجهزة كانت لديها تخوفات من ضعف الإقبال العام على الانتخابات في حالة ترشح السيسي بمفرده، وحشد التيارات المناوئة له أنصارها للتصويت لصالح (لا) ببطاقة الاقتراع، ما يُهدد فرصه في الفوز، وذلك بعدم الوصول إلى ثلاثة ملايين صوت لصالحه، وهي النسبة الدستورية المحددة بواقع 5% من إجمالي الناخبين.
قرار مفاجئ
ويبدو أن أعضاء حزب الغد تفاجئوا بقرار ترشح موسى، فنائب رئيس الحزب الدكتور أيمن حسن، قال في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، مساء الأحد، «تفاجأت بهذا الحديث -مثل كثيرين- بما جاء في الإعلام وبرامج التوك شو بعزم موسى مصطفى، رئيس الحزب الغد، خوض المنافسة الرئاسية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي».
ووصف حسن هذا الترشح بأنه ازدواجية غريبة ونقض لاتفاق الحزب، قائلاً:«كيف ننافس من اتفقنا على تأييده ودعمه في الانتخابات؟!».
وتابع: «منذ يونيو 2013 كان لحزب الغد، بقيادة الصديق المحترم المهندس موسى مصطفى، دور كبير -بتفاعل كل أعضاء الحزب وكوادره- في تأييد المرشح آنذاك الرئيس السيسي، وكنا قادة حملته الشعبية (حملة كمّل جميلك يا شعب)، وكان رئيسها المهندس موسى، وكنت نائباً لرئيس الحملة، وخط الحزب معروف؛ فالرئيس السيسي هو الأنسب للمرحلة، ورفضي الترشح من منطلق أنه يكفي أن الحزب سيُتهم بالازدواجية.. فمن كنا نؤيده بالأمس علينا أن ننافسه اليوم ومن دون اتفاق أو وفاق أو حتى معرفة حزبية!».
تجهيز طلبا خاليًا
وأكدت المصادر أن موسى لم يتقدم بطلب رسمي إلى المجالس الطبية المتخصصة لإجراء الكشف الطبي اللازم لأوراق ترشحه، قبل انتهاء الموعد التنظيمي لها الجمعة الماضية، والمحدد بواسطة هيئة الانتخابات، مشيرة إلى أنّ قرارها الهيئة بقبول أوراق ترشح موسى من عدمه، في القائمة المبدئية المقرر إعلانها بعد غد الأربعاء،ستبين تورط أعضاء في الهيئة الوطنية للانتخابات من عدمه.
وفي السياق نفسه، رجحت المصادر إصدار الهيئة «طلباً خالياً» من البيانات بتوقيع الكشف الطبي بتاريخ سابق، لتجاوز تلك الإشكالية القانونية.
تزكيات معدة سابقًا
وحول استمارات التزكية النيابية التي قال موسى أنه جمع 27 منها، قالت المصادر، إن عدداً من استمارات التزكية النيابية، التي استند إليها موسى في أوراق ترشحه، اشتملت على تباين واضح في خط النواب، وتوقيعاتهم، باعتبار أنها جُهزت مسبقاً من جانبهم، من دون إملاء بيانات اسم المرشح، انتظاراً لما ستسفر عنه ضغوط الأجهزة السيادية للدفع بأحد المرشحين «الشكليين» أمام عبد الفتاح السيسي.
وأفادت المصادر، أنه ستحدث حالة من التعتيم الكامل على أسماء النواب الموقعين على تلك الاستثمارات، كون بعضهم تغيب عن الحضور اليوم، ما اضطر الأمانة العامة للبرلمان، إلى الشروع في تزييف خطهم، لاستكمال بيانات الاستمارات، وسرعة إرسالها إلى الهيئة، التي يتواجد مقرها في مواجهة مبنى مجلس النواب بوسط القاهرة، بحد قولها.
توكيلات زائفة
وفيما يخص عدد التوكلات الشعبية التي زعم موسى جمع 48 ألف منها، سبق وكشف الإعلامي عمرو أديب أن إجمالي التوكيلات التي جمعها المرشحون بلغ مليوناً و100 ألف توكيل، كان للسيسي منها أكثر من 900 ألف توكيل، في حين كان نصيب المرشح المنسحب خالد علي، ما يزيد على 23 ألف توكيل، وكان قريباً من الترشح رسمياً قبل انسحابه، فيما كان نصيب السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، 16 ألفاً و300 توكيل، وكان لحمدين صباحي، رغم عدم إعلانه الترشح، 14 ألف توكيل، ولم يذكر نهائياً أيَّ توكيلات لصالح موسى مصطفى.
مرشح «سوابق»
ولم تمضِ ساعات قليلة عن إعلان ترشُّح موسى رسمياً، حتى بدأت تظهر أوراق رسمية تكشف عن تورُّطه في مخالفات قانونية، وصدرت بحقه أحكام قضائية في قضايا شيكات.
داعم للسيسي
بإجراء بحث سريع على اسم موسى مصطفى موسى على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تجد صفحته الشخصية. وبصرف النظر عن الأخطاء الإملائية الفجّة، فإنك ستفاجأ بأنه وضع صور السيسي كصورة غلاف لصفحته وكتب تعليقًا عليها «من أجل مصر.. نؤيدك رئيسا لمصر»، وذلك في إطار حملة «مؤيدون» لترشيح السيسي لانتخابات الرئاسة 2018.
الملصق الذي وضعه موسى مصطفى موسى على صفحته الشخصية على «فيسبوك» أثار موجةً من السخرية والاستهجان، حيث كتب أحد المعلقين ساخرًا «يعني نازل ضد واحد حاطه صورة غلاف وقولنا قشطة، لكن تعمل لايك لنفسك!! بس هعصر ع نفسي ليمون وانتخبك عشان انت مش السيسي». وكتب آخر معايرًا «الكومبارس أهو»، قبل أن يغلق موسى الصفحة.