قالت صحيفة «وورلد ويكيلي» إنّ دعوات انفصالية خرجت من جنوب اليمن تطالب باستقلاله عن الشمال، وهناك خلافًا إماراتيًا سعوديًا يتعلق بهذا الشأن؛ ما تسبب في فشلهما في إحراز أي تقدم ضد الحوثيين.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنه بينما يتركز اهتمام معظم وسائل الإعلام على التوغل التركي داخل الأراضي السورية، هناك صراع آخر يحتدم في الشرق الأوسط ويزيد بسرعة؛ ففي 21 يناير الجاري أعلن انفصاليون في جنوب اليمن حالة الطوارئ، محذرين من أنهم بدؤوا الإطاحة بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وأعطوا الرئيس عبدربه منصور هادي أسبوعًا للامتثال.
ومع اقتراب انتهاء المهلة، أصدروا بيانًا سلّطوا فيه الضوء على المظالم التي طالتهم ومدى تعقد الصراع اليمني، واتهموا القوات الحكومية بأنها فاسدة وجوّعت السكان المحليون، وتحدثوا عما أسموها «معاناة لم يسبق لها مثيل».
وتعد اليمن من أفقر الدول العربية حتى قبل التدخل السعودي العسكري في 2015، ويعتمد غالبية الشعب اليمني على المساعدات الإنسانية.
وغالبًا ما يُصوّر الصراع في اليمن على أنه بين حكومة تدعمها السعودية من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، وترى الرياض الحوثيين بأنهم وكلاء إيران في المنطقة وجزء من خطط طهران للسيطرة على العالم العربي؛ وبالفعل تلقّى الحوثيون مساعدات مالية من إيران في شكل أموال وأسلحة، وفقًا لتقارير مختلفة؛ لكنهم يرفضون ادّعاء التحرّك بناء على أموال إيران.
واتخذ الصراع اليمني منحى آخر بمقتل علي عبدالله صالح على أيدي الحوثيين في ديسمبر الماضي. ولكن، بينما يُركّز على الحرب بين التحالف السعودي والحوثيين، هناك دعوات انفاصلية خرجت الآن تطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، وأعلن الرئيس اليمني هادي أنّ عاصمة اليمن هي عدن في الجنوب بشكل مؤقت؛ بعدما استولى الحوثيون على صنعاء.
وقال مراقب يمني (رفض أن يُذكر اسمه) إنه رأى بعينه أفرادًا جنوبيين يؤكّدون تصعيد الصراع مع هادي من أجل الانفصال، مضيفًا أنّ مدير الأمن العام الجنرال «شلال علي شايع» موجود في عدن واجتمع مع مجموعات منهم؛ ما يلفت إلى نيتهم لانقلاب ضد هادي، ويعد «شايع» جزءًا من حكومة هادي التي تسيطر على عدن.
دور سعودي إماراتي
وقالت مصادر محلية إنّ الحركة الانفصالية الجنوبية تتلقى دعمًا من الإمارات، وهي الحركة التي أعلنت لتوها أنها تريد الإطاحة بحكومة هادي من الجنوب؛ وأظهرت الأحداث الأخيرة أنهبينما أظهرت السعودية والإمارات تقاربًا كبيرًا للغاية على مدار الأشهر الماضية فإنهما مختلتفتان فيما يتعلق بالوضع اليمني.
وزعمت تقارير غير مؤكدة أنّ عبدربه هادي دخل في إضراب بسبب دعم الإمارات للمجلس الانفصالي، ويقال إن السياسة الإماراتية تتأثر بشدة بموقفها المناهض للإسلاميين؛ وهو الأمر الذي تجلى في دعمها لعبدالفتاح السيسي في مصر بعد انقلابه على الدكتور محمد مرسي في 2013. وفي اليمن، تعارض الإمارات حزب الإصلاح الإسلامي المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، واتّبعت الرياض استراتيجية مماثلة؛ لكنها تدعم هادي، بعكس الإمارات.
واشتبكت القوات الانفصالية الجنوبية في وقت سابق مع قوات هادي الحكومية، بمن فيهم أعضاء حزب الإصلاح، على مناطق استراتيجية؛ كمطار عدن على سبيل المثال. وقال المراقبون إنّ سبب التأخر في ساحة الحرب ضد الحوثيين يرجع جزئيًا إلى الخلاف بين السعودية والإمارات على ما يجري في جنوب اليمن.
ويرى مراقبون آخرون أنّ وفاة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح كانت بمثابة فرصة لتعزيز دعم الحوثيين؛ ويبدو أن التحذير الذي أصدرته الحركة الانفصالية الجنوبية لهادي وضع حدًا لهذا الدعم.
الاشتياق إلى الانفصال
لم تبدأ المظالم الجنوبية في اليمن مع الحرب فقط، بل تعود إلى تاريخ توحيد الشمال مع الجنوب في عام 1990 تحت قيادة صالح، وكان جنوب اليمن حينها دولة مستقلة تدعمها الاتحاد السوفيتي، وهناك مشاعر معادية للشماليين حينها لسيطرتهم على معظم موارد اليمن الطبيعية.
وبعد اندلاع الحرب الأهلية اليمنية، القائمة لسنوات، خرجت دعوات جديدة تطالب بانفصال شمال اليمن عن جنوبه. وقال ناشط يمني جنوبي، يدعى مراد عبده، إن سكان الجنوب يعيشون ظروفًا لا تُحتمل؛ ويعانون منذ مدة طويلة.
وقال «مارك لوكوك»، مدير المساعدات الإنسانية في اليمن، إنه لا يزال يشعر بقلق عميق إزاء الوضع الإنساني في اليمن، مضيفًا أنّ اليمنيين عانوا لمدة طويلة؛ مطالبًا جميع الأطراف الفاعلة في اليمن بالتوقف عن عدائهم والتوصل إلى تسوية دائمة. ووصفت وكالات تابعة للأمم المتحدة الكارثة اليمينة بأنها الأسوأ في التاريخ الحديث.
وأعلن التحالف السعودي هذا الأسبوع عن حزمة مساعدات بقيمة 1.5 مليار دولار، وهي خطوة رحّب بها «لوكوك»، مضيفا أن برنامج المساعدات يهدف إلى زيادة الواردات الشهرية من 1.1 مليون طن في العام الماضى إلى 1.4 مليون طن العام الجاري.
ويرى مراقبون أنّ التحالف السعودي مسؤول مباشرة عن الانتهاكات والأزمات الإنسانية في اليمن منذ بدء الحرب، وهم الذين فرضوا قيودًا جوية وبرية وبحرية على الورادات اليمنية التي يعتمد فيها اليمن على غذائها؛ بجانب أنها قتلت الآلاف من المدنيين العزل، وقتل حتى الآن عشرة آلاف شخص، ولا يبدو أنّ هناك حلًا سريعًا للأزمة الجارية في اليمن.