قالت مجلة «ستيت مجازين» الأميركية إنّ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة «تنظيم الدولة» أعلن أنّه نفذ غارة جوية في محافظة دير الزور جنوب شرق سوريا، قيل إنّها قتلت 150 مسلحًا. وقالت مجموعة المراقبة المستقلة «إيروارز» إنّ التحالف نفذ 122 ضربة فى يناير بسوريا و212 الشهر الماضي، وهو أقل عدد منذ أغسطس 2014، الشهر الأول للحملة، وانخفضت من أعلى مستوى لها في 17 أغسطس الماضي.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ بطء الضربات ليس مفاجئًا؛ فلم يتبق كثير من العمل الذي يحتاج إلى قصف؛ فالتنظيم فقد 95% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، وقتل أكثر من 60 ألف من مقاتليه، وفقد 120 من قادته، كما توقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا تقريبا، وبينما، من الصعب الوصول إلى رقم دقيق عن الموالين لـ«تنظيم الدولة»؛ فثمة تقديرات بأنهم ما بين ألف و ثلاثة آلاف مقاتل.
ومن المفترض أنّ يكون هذا توقيت إعلان انتصار الولايات المتحدة وحلفائها على التنظيم، لكنه يضع المسؤولين الأميركيين في موقف محرج؛ لأنهم يختلفون في وصف «تنظيم الدولة» الآن؛ سواء كالقذيفة المكسورة أو ما زال قوة قتالية تتمتع بالقوة؛ لذا هم متعثرون في الإعلان عن هزيمته أو مواصلة القتال ضده.
وقال «ديفيد كلارك»، نقيب شرطة مقاطعة ميلووكى وواحد من أقوى مؤيدى ترامب، إنّ الخط العام الذي استقر عليه المسؤولون الأميركيون والقادة أنه بالرغم من هزيمة تنظيم الدولة كقوة إقليمية، فالقوات الأميركية ستحتاج إلى البقاء للتأكد من أنه لن يعود مرة أخرى، لافتًا إلى ما حدث مع تنظيم القاعدة من قبل في العراق؛ إذ اعتقدت أميركا أنه انتهى إلا أنه عاد في أشكال أخرى.
في الأسبوع الماضي، وضع وزير الخارجية الأميركية «ريكس تيلرسون» أهدافًا للمشاركة الأميركية في سوريا؛ اهمها إضعاف النفوذ الإيراني المتزايد هناك ودعم القوات الكردية والضغط على بشار للتنحي.
والأمر غريب للغاية؛ لأنّ الكونجرس لم يأذن حتى الآن على استخدام القوة العسكرية لتحقيق أي أهداف، وتستخدم الولايات المتحدة الآن أساسًا قانونيًا ضعبفًا، وضع في 2001، ويجيز للرئيس استخدام القوة العسكرية لحماية المصالح الأميركية.
وأثار الديمقراطيون في الكونجرس هذا الاعتراض الأسبوع الماضي؛ إذ قرر السيناتور «كوري بوكر» أن الوقت الحالي هو الأنسب للبدء في اتخاذ مواقف قوية بشأن قضايا الأمن القومي، وكتب مقالًا على «نيويورك تايمز» قال فيه إن استمرار نشر القوات الأميركية في سوريا مخالف لكل القوانين.
لكن ترامب ليس قلقًا بشأن الديمقراطيين، الذين يخدمون مصالحهم القانونية؛ لكنّ الطبيعة المتغيرة والمتنوعة للأهداف الأميركية التي أرسلت قوات إلى سوريا بسببها تتعارض مع استراتيجية التحول التي أعلن عنها ترامب في حملته الرئاسية.
ونعقّدت مهمة القوات الأميركية أكثر هذا الأسبوع؛ بسبب التدخل التركي في عفرين لقتال الأكراد، الذين تعتبرهم الحكومة التركية إرهابيين، وقررت الولايات المتحدة أن تكون على الهامش بالنسبة لهذه المعركة؛ لكنّ الوضع يبدو محرجًا لها؛ لأنّ الأكراد حليفها الرئيس هناك.
وحذر وزير الدفاع الأميركي «جيمس ماتيس» من أن الهجوم التركي يصرف النظر عن القتال ضد تنظيم الدولة، كما تحدث ترامب مع أردوغان بشأن الوضع هناك في مكالمة هاتفية، وأكد أن البيت الأبيض يطالب الدولتين بالتركيز على الأهداف المشتركة المتمثلة في هزيمة تنظيم الدولة.
وسعت إدارة ترامب، وإلى حدٍ ما إدارة أوباما قبلها، إلى الحفاظ على مشاركة الولايات المتحدة في الصراع السوري بهدف هزيمة التنظيم فقط. لكن، يبدو أن الإدارة توصلت إلى استنتاج مفاده أن سحب الحصص في سوريا من شأنه أن يؤدي إلى ظهور تهديدات جديدة، كما أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عن النفوذ الذي توفره قواتها البرية؛ لذا فالقتال ضد داعش يجب أن يستمر.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، لصحيفة «واشنطن تايمز» الأسبوع الماضي: «لا نسعى إلى خلق مبرر للبقاء في سوريا، ولا نكذب فيما يخص تنظيم الدولة»، مضيفا أن الحرب ضده مستمرة؛ وهذه هي الحقيقة.