مع انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل، تبرز في مصر 3 قوانين بارزة أثارت انتقادا حقوقيًا وسياسيًا شبه دائم، وسط حديث للمعارضة بأنها تدفع لعدم تكافؤ الفرص بين المرشحين، مقابل رأي حكومي يؤكد أنها تحمي البلاد وإجراءتها دون عرقلة أو قيود.
وفي 8 يناير الجاري، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات (مستقلة معنية بتسيير الانتخابات)، فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بداية من 20 يناير الجاري وحتى 29 من الشهر ذاته، على أن تجرى الانتخابات في مارس المقبل.
وتجرى الانتخابات الرئاسية في ظل قانون الطوارئ، الذي وافق على تمديده مجلس النواب للمرة الثالثة لمدة 3 أشهر في عموم البلاد، اعتبارا من 9 يناير الجاري وحتى شهر إبريل.
كما تشهد البلاد، تفعيلًا لقانوني التظاهر (الذي يفرض شروطًا أمنية على حق تنظيم المظاهرات)، والجمعيات الأهلية، وهو قانون ينطبق على المنظمات غير الحكومية التي ستراقب مدى نزاهة وحيادية الانتخابات الرئاسية في البلاد.
الطوارئ
وافق مجلس النواب، في 9 يناير الجاري، على تمديد حالة الطوارئ، 3 أشهر، في عموم البلاد، للمرة الثالثة منذ إبريل 2017.
وأثار ذلك القرار جدلا حول قانونيته وأسبابه؛ حيث اعتبره مراقبون «تحايلًا على الدستور»، الذي يقضي بعدم مد الطوارئ أكثر من مرتين.
وتجرى انتخابات الرئاسة المقبلة، في ظل إجراءات تقع تحت طائلة قانون الطوارئ، وفق أبرز مواده الـ20.
ومن بين هذه الإجراءات: للسلطات المصرية الحق بمراقبة الصحف ووسائل الاتصال والمصادرة، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة في فرض الإجراءات التأمينية والتفتيش، والإحالة لمحاكم استثنائية وإخلاء مناطق وفرض حظر تجوال في مناطق أخرى، وسحب تراخيص الأسلحة وفرض الحراسة القضائية.
وفي إبريل 2017، قال رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، في كلمة بالبرلمان، إن الطوارئ تسمح بمراقبة موقعي فيسبوك ويوتيوب وغيرهما من المواقع التي تبث أية أخبار للتواصل بين الإرهابيين.
التظاهر
وبخلاف العمل بقانون الطوارئ، أقرت السلطات المصرية قانون التظاهر، في نوفمبر 2013، والذي يلقى انتقادات من جانب حقوقيين ومعارضين.
وسبق أن تحدثت السلطات المصرية أكثر من مرة عن نيتها إجراءات تعديلات برلمانية عليه لتلافي الملاحظات التي تقدم بها حقوقيون بينهم المجلس القومي لحقوق الإنسان بخصوص اشتراطات التظاهر، التي يرونها تمنع فعليا التظاهر.
وطالبت حركات وقوى معارضة بإلغاء قانون التظاهر، قبيل انطلاق الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة مؤيدين للمرشح الرئاسي المحتمل خالد علي قيد الحبس الاحتياطي وإلغاء الأحكام الأولية بالسجن على خلفية محاكمتهم أو إدانتهم في وقائع تظاهر مؤخرا.
وليس هناك تقديرات رسمية عن أعداد المحبوسين على ذمة قضايا تظاهر أو الصادر بحقهم أحكام، غير أن تقارير حقوقية ومحلية ودولية تعدهم بالمئات.
الجمعيات الأهلية
في أواخر مايو 2017، صدَّق عبدالفتاح السيسي، على قانون «الجمعيات الأهلية» الذي ينظم عمل المنظمات غير الحكومية.
وطوال الفترة الماضية، قوبل القانون بانتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات دولية من بينها العفو الدولية؛ حيث يقصر القانون نشاط المنظمات الأهلية على الأنشطة التنموية والاجتماعية ويفرض عقوبات بالسجن تصل إلى 5 سنوات على مخالفيه.
في المقابل، ردت الخارجية المصرية، على منتقدي القانون، في بيان سابق لها، بأن القانون «خرج متسقًا مع الدستور ويهدف إلى إدراج جميع المنظمات غير الحكومية تحت مظلة قانونية واحدة مع وضع ضوابط محددة للتمويل، دون أية نية للتضييق على عملها».
ولا يزال القضاء المصري ينظر قضية بارزة للجمعيات الأهلية متعلقة بتمويل أجنبي، وصدرت في الأشهر الأخيرة قرارات قضائية بالتحفظ على أموال حقوقيين على خلفية تحقيقات بتهمة «تلقيهم تمويلًا أجنبيًا من جهات خارجية بالمخالفة لأحكام القانون، بمبلغ يزيد على مليون ونصف المليون دولار أميركي»، وفق أوراق القضية.
ومؤخرا، أطلق النائب البرلماني علاء عابد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «المصريين الأحرار»، تصريحات صحفية، بشأن منع 20 منظمة حقوقية من مباشرة الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال عابد، إن هناك 20 منظمة حقوقية لن يتم السماح لها بمباشرة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك ضمن 300 منظمة دولية مسجلة في مصر، بدعوى أنها «تثير الفتنة وتخدم أجندات الدول الممولة لها».
وذكر أن من بين تلك المنظمات، «هيومن رايتس» الأميركية المعنية بالأوضاع الحقوقية وحرية التعبير.
عرقلة أم حماية
جورج إسحق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر، يشدد على ضرورة تعطيل قانون الطوارئ بالتزامن مع انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية.
وفي حديث للأناضول، يقول إسحق، إنه «من المفترض عدم إجراء أية انتخابات في ظل العمل بقانون الطوارئ».
ويشير السياسي والحقوقي المصري البارز، إلى أن هناك ضروريات يجب العمل بها قبيل انطلاق الماراثون الانتخابي ولشفافية الانتخابات؛ أولها «عدم المساس بالدستور، وعدم تدخل السلطة التنفيذية في الانتخابات».
من جانبه، قال محمد الشناوي، نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق، في تصريحات سابقة لصحفية محلية، إن حالة الطوارئ لا تعوق من قريب أو بعيد سير العملية الانتخابية بجميع مراحلها، مشيرا إلى أنها حالة فرضت لمواجهة وضع معين يتعلق بمسائل أمنية بحتة، ولا تحول دون إتمام إجراءات الانتخابات، خاصة في وجود هيئة مستقلة لا تتبع أي جهة أو شخص، وهي وحدها المنوطة بمسألة الانتخابات، هي الهيئة الوطنية للانتخابات.
وشدد الشناوي على أن حالة الطوارئ لا تعد عائقا لأية إجراءات انتخابية ولا تعطل تصويتا أو فرزا أو إعلان نتيجة، مشيرا إلى أن السيسي يمارس جميع صلاحياته الدستورية كرئيس للبلاد حتى إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة التي أعلنت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات في شهر مايو المقبل.
ومساء الجمعة الماضي، أعلن السيسي، اعتزامه الترشح لفترة رئاسية ثانية، وذلك في كلمة له، خلال اليوم الختامي لمؤتمر «حكاية وطن» الذي انعقد على مدى 3 أيام في القاهرة، لتقديم كشف حساب عن ولايته الرئاسية الأولى، التي تنتهي في يونيو 2018.
وبعد ساعتين من إعلان السيسي، وفي الساعة الأولى من صباح السبت، أعلن الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، ترشحه بالانتخابات الرئاسية، وذلك عبر كلمة متلفزة نقلتها صفحة حملته الانتخابية، وبجانب السيسي وعنان، أعلن المحامي اليساري خالد علي، ورئيس نادي الزمالك البرلماني مرتضى منصور، عزمهما خوض رئاسيات 2018 في مصر.
المصدر: الأناضول