اعتبر خبراء ومتخصصون الرفض الإثيوبي لمقترح مصر بمشاركة البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة، كطرف دولي محايد، أمرا متوقعا.
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلا مريام ديسيلين، رفض بلاده رسميا مقترحا مصريا بإشراك البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة الذي تقيمه أديس أبابا على نهر النيل.
وأكد ديسيلين، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية، أن بلاده لا تقبل تحكيم طرف آخر في مفاوضات اللجنة الفنية الثلاثية ما دامت هناك فرصة لدى بلاده ومصر والسودان في حل الخلافات العالقة.
وأشار إلى ضرورة إدراك الجانب المصري الأهداف التنموية لسد النهضة، مؤكدا أنه لن يتسبب في ضرر بحياة الشعب المصري.
زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي مصر
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي غادر القاهرة، الجمعة، بعد زيارة استغرقت يومين ترأس خلالها وفد بلاده في فعاليات الدورة السادسة للجنة العليا المصرية الإثيوبية المشتركة.
وفي مؤتمر صحفي مشترك عقداه، الخميس، أكد السيسي وديسيلين على ضرورة تجاوز حالة الجمود في الجانب الفني بشأن مفاوضات سد النهضة، وأوضحا أنهما بحثا التطورات المتعلقة بالموضوع وإقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا.
وقال السيسي إنه عبّر أثناء اللقاء عن «القلق البالغ من حالة الجمود في الجانب الفني بملف السد» الذي تبنيه إثيوبيا وتتخوف مصر من أن يؤثر على حصتها من المياه».
متوقع
وقالت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن رفض إثيوبيا مشاركة البنك الدولي في سد النهضة كان متوقعًا خاصة منذ زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، ميريام ديسالين، للقاهرة، مؤكدًة أن زيارته أسهمت في زيادة الفجوة بصورة أكبر بين مصر وإثيوبيا.
وتوقعت «الطويل»، في مداخلة هاتفية لبرنامج «رأي عام» على قناة «TEN»، مع عمرو عبدالحميد، اليوم السبت، رئاسة السيسي لوفد مصر في قمة الاتحاد الإفريقي، المقرر عقدها في إثيوبيا 26 يناير الجاري، ومن الممكن أن يطرح الرئيس مسألة سد النهضة.
وأكد أن زيارة ديسالين إلى القاهرة أنتجت فجوة أكبر مما كانت عليه، ونحن نريد تشكيل مكاتب استشارية جديدة، ومعرفة مستوى التخزين، وتشكيل لجنة للجوء إليها في حالة الخلاف.
رئيس وزراء إثيوبيا غير واضح
وقال النائب حاتم باشات، عضو لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، إن رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ميريام ديسالين، لم يكن واضحًا، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، ورفض دخول البنك الدولي، كطرف رابع في المفاوضات حول سد النهضة.
وأوضح «باشات»، خلال لقائه ببرنامج «آخر النهار»، المذاع عبر فضائية «النهار»، مع الإعلامي عمرو الكحكي، مساء السبت، أن مخاوف إثيوبيا من دخول البنك الدولي كطرف رابع في المفاوضات، تنبع من وقف تمويل السد.
وأضاف أن الاتفاقيات التي عقدتها مصر قديمًا جميعها سارية؛ نظرًا لأن اتفاقيات المياه متوارثة، وجميعها نصت على حصص الدول وهذه نقاط يجب أن يتم الاستناد إليها في المواجهة.
وذكر أن إسرائيل تحاول توطيد علاقاتها مع إثيوبيا لتحقيق إمبراطوريتها المزعومة، ما يستدعي أن تتوخى الدولة حذرها، مناشدًا أصحاب المزارع بالحفاظ على المياه، وإدراك أهمية كل نقطة مياه.
وأعرب عن اندهاشه من موقف السودان تجاه مصر، واعتباره أن سد النهضة الإثيوبي لا يشكل أي خطورة عليه، مضيفًا أنه يتمنى أن يزداد الوعي لدى الأوساط الشبابية في السودان.
استبعاد الحرب
وأكد أن الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) تعمل على تجاوز حالة الجمود الحالية، وثمّن حرص إثيوبيا على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية.
يشار إلى أن السيسي قال، الإثنين الماضي، إن بلاده لن تخوض حربا ضد إثيوبيا أو السودان، ردا على تقارير إعلامية بشأن احتمال أن تلجأ القاهرة لعمل عسكري إذا تأكد تأثير السد على حصتها من مياه النيل.
وذكر السيسي أن هناك اتفاقا على أن التنمية في إثيوبيا لا تتعارض مع مصلحة مصر في حصتها من نهر النيل.
من جانبه، قال ديسيلين إن «بناء سد النهضة جاء كمحاولة للتغلب على فقرنا، ولن يشكل أي ضرر لأي جهة»، وأضاف أن اجتماعا ثلاثيا بهذا الشأن سيعقد قريبا.
وأكد ديسيلين التزام بلاده بالعمل مع المجموعات الفنية الخاصة بسد النهضة لتجاوز المشكلات، وشدد على أن «إثيوبيا لم ولن تفكر تحت أي ظروف في تعريض الأمن المائي للمصريين للخطر».
إثيوبيا لن تقبل بمشاركة دولية
وأكد الدكتور نادر نور الدين، خبير الري والموارد المائية، أن رفض إثيوبيا مقترح مصر إشراك البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة كان متوقعا، موضحا أن إثيوبيا لن تسمح بوجود تقرير دولي في يد مصر يثبت أضرار السد واستحقاق مصر لتعويضات أو تغيير مواصفات السد وتقليل سعة تخزينة أو فرض سنوات طويلة للملء الأول للسد بناء على تقرير دولي.
وأكد نور الدين، في تصريح خاص لـ«رصد»، أن إثيوبيا لا تريد أي شاهد دولي أو تقرير لمنظمة أممية يثبت أضرار السد على مصر، خاصة بعد موافقتها على تشكيل لجنة دولية عام 2011 لمعاينة سد النهضة والتي تكونت من علماء من ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وجنوب إفريقيا وقدمت تقريرها في 31 مايو 2013 والذي أدان سد النهضة وقال إنه سد بني دون دراسات ومخالف لكل شروط سدود الأنهار الدولية.
وأوضح نور الدين أنه بعد هذا التقرير أصبحت إثيوبيا لا تقبل بأي طرف دولي في المفاوضات، واشترطت لاستئناف المفاوضات الاستعانة بالخبراء الوطنيين فقط من الدول الثلاثة وعدم اللجوء إلى أي خبراء دوليين.
وطالب نور الدين النظام بأن يضغط للمطالبة بتعهد إثيوبي موقع بالحفاظ على تدفقات النيل الأزرق المقام عليه السد عند مستوياتها نفسها قبل بناء السد طالما أن إثيوبيا تدعي أن السد لن يضر بمصر فعليها أن توقع على ذلك.