في الوقت الذي تواصل فيه وزارة الآثار المصرية ترميم المعابد اليهودية من أموال الشعب المصري، تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني منع ترميم وصيانة المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، وانتهاك حرمته؛ حيث يقتحمه المستوطنون وجنود الاحتلال يوميا، وتمارس سلطاته تهديدات باعتقال كل من يقوم بأعمال صيانة داخل المسجد.
الاحتلال يمنع ترميم الأقصى
أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت موظفيها بلجنة الإعمار من ممارسة عمليات الترميم والصيانة في كل أرجاء المسجد الأقصى.
وقال المنسق الإعلامي في الدائرة، فراس الدبس، أمس الثلاثاء، إن ضابطًا في شرطة الاحتلال الإسرائيلي اقتحم مكتب إعمار المسجد الأقصى داخل المسجد، وأبلغ نائب رئيس لجنة الإعمار المهندس طه عويضة بأن العمل في المسجد ومرافقه في مسجد قبة الصخرة ممنوع، بما فيه من أعمال الفسيفساء والسقف الخشبي، وترميم أبواب المسجد القبلي، وأعمال الترميم الأخرى في جميع مرافق المسجد.
أضاف المنسق الإعلامي أن الضابط الإسرائيلي أبلغ مكتب إعمار المسجد بأنه سيتم اعتقال نائب مدير مشاريع الإعمار المهندس طه عويضة، إذا خالف أي عامل أمر المنع.
وقال مدير دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، الشيخ عزام الخطيب، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قررت وقف جميع أعمال الترميم في المسجد الأقصى.. بما في ذلك أعمال الفسيفساء والسقف الخشبي في قبة الصخرة المشرفة وترميم أبواب المسجد القبلي وأعمال الترميم في المصلى المرواني وجميع مرافق الأقصى.
وأضاف أن سلطات الاحتلال منعت منذ أيام إدخال الأدوات اللازمة لإصلاح إنارة قبة الصخرة، وهددت باعتقال من يخالف القرار.
اقتحام الأقصى
ومن جانبه، أفاد المنسق الإعلامي بدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس فراس الدبس، اليوم الأربعاء، بأن شرطة الاحتلال الإسرائيلي بدأت بالسماح للمستوطنين اليهود بأداء طقوس تلمودية علنية في المسجد الأقصى المبارك.
يأتي ذلك في الوقت الذي اقتحم فيه عشرات المستوطنين، صباح اليوم، المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال.
وفي الوقت الذي يقف فيه اليهود أمام ترميم المسجد الأقصى، تواصل وزارة الآثار المصرية ترميم المعابد اليهودية من أموال المصريين، والتي كان آخرها معبد الياهو هانبي بشارع النبي دانيال بمحافظة الإسكندرية، بتكلفة 100 مليون جنيه والذي يعد من أقدم وأشهر معابد اليهود في الإسكندرية.
مصر تتحمل الترميم بدل اليهود
ترميم المعبد اليهودي بهذا المبلغ الضخم أثار جدلا واسعا، خاصة أن رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية السعيد حلمي صرح، في 5 يوليو الماضي، بأن المادة 30 من القانون رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته بقانوني 3 و61 لسنة 2010 تنص على أن الطائفة اليهودية باعتبارها الجهة الشاغلة تتحمل تكلفة الترميم بالكامل.
رئيس الطائفة اليهودية هو من كان يتولى ترميم وصيانة المعابد اليهودية بتمويل من رجال ومنظمات يهودية خارجية نظرا لقلة عدد اليهود في مصر والذي يقدر بـ6 أشخاص في القاهرة و19 في الإسكندرية.
وهو ما ينطبق أيضا على وزارة الأوقاف المصرية والكنائس المصرية، إلا أن وزارة الآثار تحملت تكلفة الترميم بالمخالفة للقانون.
ونظرا لأن المادة 30 تتيح لوزارة الآثار تقدير قيمة الترميمات لأي مبني أثري وتلزم الجهة الشاغلة بسداده، فقد قامت وزارة الأوقاف المصرية التي تتبعها المساجد في مصر بطلب تعديل تلك المادة من مجلس الوزراء في 2015 بعد أن طالبتها وزارة الآثار المصرية المسؤولة عن ترميم وحفظ المنشئات الأثرية باختلاف طبيعتها الدينية أو الزمنية سواء مساجد، كنائس، معابد يهودية، آثارا فرعونية، رومانية بمبالغ فلكية لترميم المساجد الأثرية وهو ما يفوق قدرة وزارة الأوقاف المادية على أن يقتصر دور وزارة الأوقاف على الجانب الدعوي، إلا أنه لم يتم تعديل على تلك المادة إلى الآن.
ليس الترميم الأول
ويبلغ عدد المعابد اليهودية الأثرية في مصر 10 معابد، 9 في القاهرة مثل معبد عدلي ومعبد بن عزرا ومعبد واحد في الإسكندرية هو معبد «الياهو هانبي».
وأكد وزير الآثار السابق، زاهي حواس، لـ«المونيتور»، في تصريحات سابقة، أن ترميم معبد الياهو هانبي ليس الأول الذي تقوم به وزارة الآثار المصرية على نفقتها الخاصة، كما يشاع وأنه تم ترميم معبد موسى بن ميمون في 2010 بأموال مصرية ورفضت مصر وقتها تلقي أية تبرعات من الحكومة الإسرائيلية، وهو المعبد الذي أنشئ في نهاية القرن التاسع عشر وينسب إلى «ابن ميمون» الذي ولد في قرطبة بالأندلس عام 1135 وكان عالم دين يهوديا كما برع في علوم الطب والرياضيات والفلسفة وهرب من الاضطهاد قادما إلى مصر.
إسرائيل تعمل على إسقاط الأقصى
ومن جانبه، قال الدكتور حسن إبراهيم، خبير الآثار، إن ترميم المعابد اليهودية في مصر كان من المفترض أن تتحمل تكلفتة الجالية اليهودية بمصر، وهو ما لم يحدث حاليا، ولكن في النهاية هذة معابد مصرية وعلينا المحافظة عليها كآثار مصرية.
وأضاف إبراهيم، في تصريح خاص لرصد، أنه في الوقت الذي ترمم فيه المعابد اليهودية بملايين الجنيهات، ووصل الأمر إلي مليارات الجنيهات، تمنع فيه سلطات الاحتلال الفلسطينيين من ترميم المسجد الأقصى من أموال المسلمين، وتنتهك حرمته، وتعمل على إسقاطه.
وأوضح خبير الآثار، أن إسرائيل لا تكتفي بمنع ترميم المسجد الأقصى، ولكن تعمل على إسقاطه عن طريق أعمال الحفائر الإسرائيلية بمحيط وأسفل المسجد الأقصى منذ عام 1967 والتي تهدف إلى خلخلة أساسات الأقصى لينهار في أي لحظة.
وأضاف أبراهيم أن عملية الحفر أسفل المسجد أدت إلى انهيار ترابي كبير تحت ساحة وملتقى الشباب التراثي المقدسي تحت ادعاء باطل بأن الهيكل المزعوم يقع مكان المسجد الأقصى.
وأدت الحفريات إلى تفريغ للأتربة والصخور أسفل المسجد الأقصى ليكون عرضة للانهيار بفعل هزة أرضية بسيطة أو هزات صناعية أو عمل عدواني.