توقعت صحيفة «ميدل إيست آي»، أن الحرب السورية ستظل مستمرة في العام الجاري 2018، خاصة بعد تمسك كل جانب من الأطراف السورية بمطالبه، بعد هزيمة تنظيم الدولة، كاشفة في مقال لـ«كريستوفر فيليبس»، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة لندن، أن روسيا تواجه صعوبة في جلب الأطراف إلى مفاوضات سوتشي والتي تتحدث عن غنهاء الصراع وبدء بناء سوريا.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، تصر جماعات المعارضة التي تسيطر على بعض المناطق في سوريا على رحيل الأسد عن السلطة، إلا أن الأسد في الوقت نفسه، مصر على تخليهم عن الأراضي التي يسيطرون عليها، وأنه أعلن من قبل أنه لن يتناول عن «شبر واحد» من الأراضي السورية.
وبجانب المعارضة والأسد، هناك أيضا الأكراد، والذين يبدو أن مستقبلهم سيتركز على مواجهة القوات السورية المعارضة لحكمهم الذاتي، في ظل أيضا عداء تركيا لهم، واستعداد أميركا للتخلي عنهم، كما حدث من قبل، مشيرا بذلك إلى أن الوضع أكثر تعقيدا مما يعتقد الجميع، كل ذلك بجانب تهديدات بقايا داعش الموجودين في سوريا والعراق.
ووفقا لفليليبس، كان العام 2017 جيدا بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد، حيث دمرت دولة الخلافة، بدعم من قوات روسية وإيرانية وكردية، فيما تخلى حلفاء المعارضة الدوليون عنهم، مما تركهم معزولين ومهمشين في الجيوب الصغيرة التي مازالوا يسيطرون عليها.
ومن المرجح أيضا، أن يتم تعزيز موقف الأسد في مؤتمر السلام المقبل، والذي تقوده روسيا في سوتشي، أواخر يناير الجاري؛ حيث تـأمل موسكو في التوصل إلى اتفاق يجلب الأكراد والمعارضة والأسد إلى طاولة المفاوضات، ورغم ذلك، حتى لو استطاعت روسيا التوصل إلى اتفاق، من المرجح أن يظل العديد من الجماعات المعارضة، مستبعدين، ولن يُفاجئ أحد إذا ما فشل الاتفاق كسابقيه.
استمرار الصراع
وبصرف النظر عما سيحدث في سوتشي، إلا أن الحرب السورية لم تنتهِ بعد؛ حيث تشير الديناميات المحلية والإقليمية والدولية، إلى أن الصراع سيستمر حتى لما بعد 2018، حتى لو بدا موقف الأسد آمنا، وأورد الكاتب عدة أسباب لرؤيته تلك، أبرزها:
أولا: الأسد وحلفاؤه مصرون على ملاحقة فلول المعارضين عسكريا؛ حيث تمتلك المعارضة 4 مناطق رئيسية في سوريا، في إدلب والرستن بالقرب من حمص وبعض الضواحي المحيطة بدمشق ولا سيما الغوطة الشرقيى، ومساحات على طول الحدود الأردنية الإسرائيلية جنوب سوريا.
ورغم إعلان معظم تلك المناطق، كمناطق تصعيد، إلا أن الواقع على الأرض يُظهر أن الاتفاق قد كُسر من الجانبين، وخاصة من قبل روسيا وإيران، وسمحت الهدنة للقوات الموالية للأسد بتوجيهها شرقا؛ حيث انهار تنظيم الدولة، والآن بعد أن انتهى تنظيم الدولة وهزم، تم تحويل تلك القوات لمواجهة المعارضين.
وفي يناير الجاري، بدأت الحكومة السورية في شن هجوم بمحافظة إدلب، بهدف إجبار المعارضين على التراجع نحو الجزء الشرقي من المحافظة وهو الجزء الأقل كثافة سكانية، وقد تكون تلك مقدمة نحو سيطرة الحكومة على المحافظة، رغم أن ذلك يعتمد اعتمادا كبيرا على ما إذا كان بإمكان روسيا الحصول على اتفاق ضمني من تركيا، بقبول لاجئين من تلك المنطقة، والتي يُقدر عدد سكانها بنحو مليوني نسمة.
وتسيطر على إدلب، هيئة تحرير الشام، وهي منظمة عسكرية، يُنظر إليها على انها إرهابية من قبل روسيا والولايات المتحدة، وهي أيضا مترددة بشأن المشاركة في قمة سوتشي، ورؤيتها لحل الوضع، قائمة على ضرورة رحيل الأسد.
السيطرة على سوريا
وتنتظر مناطق المعارضة الأخرى، مصيرا مماثلا، وهناك البعض في منطقة رستن مقتنعا بضرورة الوصول إلى حل وسط مع الأسد، إما عن طريق سوتشي أو في أي وقتٍ لاحق، إلا أن الأسد يبدو واثقا من موقفه، ومن المرجح أن يستهدف الغوطة الشرقية عسكريا، كونها مصدرا آخر من مصادر الهجمات الصاروخية على دمشق.
ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن 417 ألف سوري لا يزالون يعيشون في مناطق محاصرة، معظمهم في الغوطة، ومن المرجح أن يتم شن حملات عسكرية أخرى عنيفة في الغوطة وإدلب، مما يستتبعه خسائر فادحة في الأرواح، والمزيد من الاجئين.
ثانيا: فخارج دائرة الصراع المستمر مع المعارضين، فإن العلاقة المستقبلية بين الأسد والأكراد لا تزال غير مؤكدة، ومن المتوقع أن تتجه نحو المزيد من العنف، وفي الوقت الراهن هناك مواجهات بين قوات الدفاع الذاتي الكردي وقوات الحكومة السورية،على ضفاف نهر الفرات.
وطالما استمرت القوات الأميركية في القيام بدوريات جوية في سماءها بجانب وجود 3 آلاف من قوات العمليات الخاصة في نحو 10 قواعد على الأرض، فإن الأكراد سيشعرون بآمان نسبيا من الأسد، والذي تمثل هدفه المعلن في «استعادة كل شبر من الأراضي السورية».
لكن رغم تأكيدات البنتاجون باستمرار وجود أميركا هناك، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بخطوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فعدم رغبة واشنطن في منع سقوط كركوك وميل الولايات المتحدة التاريخي إلى التخلي عن المصالح الكردية، دفع بالكثير من الأكراد السوريين إلى أن يكونوا أكثر حذرا معها.
ومن ثم يتوقع البعض أن يحضر حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي المسيطر على قوات الدفاع الذاتي، إلى سوتشي، لخفض جو التوتر مع الأسد خلال الفترة المقبلة، إلا أنه بسبب أن حزب الاتحاد الديمقراطي، يشكل تهديدا أيديولوجيا للأسد، فإنه لن يسمح له بالازدهار في شمال سوريا، ومن المرجح أن تسعى الحكومة السورية إلى تقويض الحكم الذاتي الكردي، إما من خلال المآسي السياسية أو إعادة الغزو العنيف، وذلك حالما يغادر مؤيدوهم الخارجيون.
وأخيرا، توقع الكاتب، أن يشكل بقايا داعش في سوريا، تهديدا كبيرا هناك، فمن المرجح أن يشنوا هجمات منخفضة المستوى ضد الأهداف الحكومية، وربما يجددون انسفهم ويعودون ككيان متماسك من جديد، فيما لا تزال تركيا متشككة تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي، وبالمثل تخشى إسرائيل من وجود حزب الله اللبناني والوجود الإيراني في سوريا، لذلك فإنه من المتوقع أن تستمر معاناة السوريين في العام 2018، فالأسد قد فاز، إلا أن أفق السلام بعيدة المنال.