أجمع عدد من خبراء الاقتصاد على خطورة خضوع السودان لسياسات صندوق النقد الدولي، مؤكدين أن الخرطوم ستتعرض لأزمات اقتصادية أكثر صعوبة من نظيرتها المصرية بعدما اتبعت حكومة شريف إسماعيل شروط صندوق النقد.
وشبت احتجاجات في السودان، خلال اليومين الماضيين، على رفع أسعار الخبز في أنحاء الدولة، ما أدى إلى مصرع طالب، في حين ألقت السلطات القبض على أحد قيادات المعارضة وصادرت صحفا عدة في تجربة لإخماد اضطرابات متنامية.
وجاءت المظاهرات في أعقاب احتجاج مماثل في مدينة سنار بجنوب شرق البلاد، يوم السبت، بعد مضاعفة سعر الخبز في الأيام الأخيرة بعد إعلان الحكومة في أواخر الشهر الماضي أنها ستلغي الدعم في موازنة 2018، تلبية لشروط صندوق النقد الدولي.
ويعد رفع الدعم جزءا من تدابير التقشف التي اتخذها السودان وهو يكافح في مقابلة زيـادة التضخم إلى نحو 25 في المئة ونقص حاد في العملة الصعبة أثر على حركة الاستيراد.
وبدأ السودان سلسلة إجراءات اقتصادية تماشيا مع توصيات من صندوق النقد الدولي تهدف إلى انتشال اقتصاد البلاد المنهك من عثرته وذلك بعد أشهر من قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات تحت آمال بعودة الاستثمارات التي تحتاج إليها الحكومة بشدة.
وخفضت الحكومة السودانية، هذا الشهر، قيمة الجنيه السوداني إلى 18 جنيها مقابل الدولار من 6.7 جنيه. لكن سعر الصرف في السوق الموازية وصل الأسبوع الماضي إلى نحو 29 جنيها للدولار.
مصيدة الديون
الدكتور رشاد عبده، الخيبر الاقتصادي، قال، في تصريح لـ«رصد»: «صندوق النقد سيضرب السودان اقتصاديا كما فعل مع مصر، كما أن الخرطوم ستتعرض لأزمة أكثر خطورة مما تعرضت لها مصر، باعتبارها دولة غير مؤثرة سياسيا مثل مصر».
ولفت «عبده» إلى قصور سياسات واجراءات صندوق النقد الدولي التي اعتاد توزيعها على دول العالم الثالث بين الفينة والأخرى في تقديم ما ينقذ الوضع الاقتصادي لجهة اختلاط وصفاته وترياقاته بالصبغة السياسية وتحقيق المآرب الذاتية للغرب عامة عبر ادخال دول العالم الثالث تحت مظلة مصيدة الديون الغربية ومن ثم الارتهان والارتماء في أحضانها وتمرير أجندتها وتحقيق منافعها.
وأضاف «دوما صندوق النقد يعمد على التركيز على المناداة برفع الدعم عن المحروقات وما من شاكلته من اجراءات بالرغم من وجود خيارات أخرى يمكن اللجوء اليها والصبر على نتائجها».
تجارب فاشلة
ويقول الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، في تصريح لـ«رصد»: «إن القارة السمراء مرت عبر العقود الماضية بسلسلة من السياسات التي فرضها عليها البنك الدولي والتي رمت في مجملها لتبني سياسة التحرير الاقتصادي تحت دعاوى المساهمة في تنشيط القطاع الخاص ونقل السياسات الاقتصادية بدول القارة من قبضة المركزية إلى باحة اقتصاديات السوق الحرة؛ حيث تم تكثيف الدعوة والترويج لخصخصة القطاعات الاقتصادية العامة باتباع سياسات التكيف الهيكلي عبر تمويل مشاريع كبيرة كثيرة عن طريق البنك وصندوق النقد الدوليين.
وتابع: «بعد عمليات الاستدانة من قبل الغرب، سقطت إريقيا في فخ هاوية جب الديون الغربية مما ساعدها في بسط هيمنتها واحكام قبضتها على دول القارة فقادت إلى آثار اقتصادية واجتماعية غير مرجوة عوضا عن المساعدة في نهوض المجتمعات والدول الإفريقية اقتصاديا واجتماعيا، فظلت الدول تعاني من تلك الآثار ولم تتعافَ من أعراضها حتى يومنا هذا».