أكدت صحيفة «ميدل إيست آي» أن تهديدات ترامب بوقف المساعدات الأميركية لوكالة «الأونروا» في فلسطين، سيساهم في وقف برامج التعليم والصحة، مما يهدد حياة الآف من اللاجئين الذين تخدمهما لوكالة، مؤكدة في مقال لـ«يارا الهواري» الباحثة والكاتبة الفلسطينية البريطانية، أن الجزء الخاص بالتمويل والذي تقدمه الولايات المتحدة، يشكل ثلثي الميزانية.
إلا أنها عاودت للتأكيد مرة أخرى، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، على أن وكالة الأنروا وغيرها من الوكالات العاملة في خدمة الشعب الفلسطيني، تخضع في الأساس لأجندات سياسية، وترتبط مصائرها بالقرارات السياسية بشكل عام، مضيفة أن عمل الوكالة نفسه يؤصل لواقع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ووجودها يساهم في تعزيز تلك النقطة، كما أنه يحرم الفلسطنيين من حقهم التاريخي في المقاومة.
وأضافت الكاتبة، أن نيكي هالي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وجهت الثلاثاء الماضي، رسالة تهديد غامضة، ردا على سؤال حول استمرار الولايات المتحدة في تمويل برنامج اللاجئين الفلسطينيين لدى الأمم المتحدة، الأنروا، وأكدت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن يقدم أي تمويل إضافي حتى يوافق الفلسطينون على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وهدد ترامب بنفسه، الأنروا، قائلا، إن الولايات المتحدة قد توقف التمويل للفلسطينيين لأنهم «لم يعودوا مستعدين للمشاركة في محادثات السلام».
عواقب وخيمة
قالت يارا، إن التهديد الغامض وبيانات السياسة الخارجية، ليست ظاهرة جديدة على ترامب، وبينما لم يبلغ المتحدث باسم الأونروا كريس غنيس، عن وقف التمويل أو أي تغيير في السياسة الأمريكية تجاه الوكالة، إلا أنه أكد أن عواقب سحب تمويل الوكالة، يجب أن تؤخذ خطورته في عين الاعتبار.
وتأسست الأونروا في عام 1950، لتوفير خدمات الإغاثة لنحو 700 ألف لاجئ فلسطيني، طردوا من فلسطين بعد تأسيس دولة إسرائيل، وهي تعمل في الضفة الغربية وغزة والأردن ولبنان وسوريا، وتوفر للفلسطيين التعليم الابتدائي والثانوني، والخدمات الصحية، فضلا عن مختلف مشاريع البنية التحتية للمخيمات.
ورغم أن الملايين من الفلسطينيين يعتمدون على خدماتها، إلا أن الأونروا تتعرض أحيانا للانتقادات، واعتبارها تأصيل للواقع الإسرائيلي وأنها تعمل ضمن هذا الواقع، وتعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للأونروا، مع تبرعات العام الماضي التي بلغت مجموعها 368 مليون دولار، أي ما يقرب 30% من إجمالي التمويل.
وفي عام 2015 تسبب نقص في التمويل من الولايات المتحدة وحدها، في تأخير بدء العام الدراسي لنحو نصف مليون تلميذ فلسطيني، ولحسن الحظ تمكنت من التغلب على العجز البالغ 100 مليون دولار، بعد توجيه نداء إلى الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون.
وأشارت الصحيفة، إلى أن نقص التمويل من الولايات المتحدة، يعني انخفاضا خطيرا في الخدمات وتوقف العديد من برامج التعليم والصحة، وبعبارة أخرى، ستغلق المدارس والمستشفيات والعيادات الصحية، مما يعرض حياة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة لخطر.
والواقع أنه إذا توقف التمويل نهائيا فإن جدوى وجود الوكالة سيكون في محل شك، ومن ناحية أخرى، إذا أجبرت السلطة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات عبر الوساطة الأمريكية مقابل استمرار التمويل، فإن الخدمات الأساسية للأونروا ستظل ملتزمة بالمطالب السياسية لإدارة ترامب، العازمة على تحدي التوافق الدولي، فيما يتعلق بالقدس.
وهكذا تواجه الأنروا إشكاليتين، نقص التمويل، أو الاعتراف بالقدس.
المساعدات والسياسة
غير أن هذا الأمر ليس جديدا، بحسب الكاتبة، إذ أن المعونات المستحقة للشعب الفلسطيني، تسيطر عليها السياسة منذ وقتٍ طويل، حيث يوضح علاء الترتير، مدير برنامج شبكة السياسات الفلسطينية، إن تدفق المعونات على مدى عقود أدى إلى ترسيخ لمبدأ الاعتماد على المساعدات، والذي جرد الشعب الفلسطيني من سلطته وإرادته في مقاومة الاستعمار والفصل العنصري والاضطهاد.
فالسلاسل السياسية بحسب الخبير السياسي، مرتبطة بالمساعدات، والاعتماد الفلسطيني عليها من ضمن الأسباب التي حالت دون قيام الفلسطينيين بتطوير سبل المقاومة المستدامة ضد النظام الاستيطاني الإسرائيلي، والواقع أن الأنروا وغيرها من الوكالات الدولية، تدفع إلى مشروعية الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وبالتالي في مساهم رئيسي في الحفاظ على الوضع كما هو.
وبحسب الكاتبة، فإن خدمات الأنروا إذا ما توقفت بشكل مفاجئ، سيقوم بملء فراغها وكالة أخرى، وتلك تفصيلة غابت عن ذهن ترامب، في الوقت الذي لم تتضح فيه بعد ما إذا كانت تهديدات ترامب ستنفذ ام لا، إلا أنه إذا نفذت، فغن المستهدف الول سيكون اللاجئين الفلسطينيين، وسيصبحون مرة اخرى فريسة للقرارات السياسية التي تحد من فرصهم في الكفاح والمقاومة.
أما إذا كانت موجهة للسلطة الفلسطينية، فإن السلطة الآن لديها عدد قليل من البطاقات التي يمكن أن تلعب عليها، أي ليس لديها خيارات عدة، خاصة وأن شرعيتها تتضاءل بين الشعب الفلسطيني.