نفت مصر أنها طلبت استبعاد السودان من المفاوضات الخاصة بسد النهضة، وذلك ردا على تقارير صحفية سودانية نقلا عن مصادر إثيوبية.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد -في تصريحات صحفية نُشرت على موقع الوزارة بفيسبوك: «إن هذا الخبر عار تماما عن الصحة ولا أساس له».
ونقلت وسائل إعلام سودانية عن مصادر إثيوبية، أن وزير الخارجية المصري سامح شكري أبلغ رئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين، الأسبوع الماضي، طلب عبدالفتاح السيسي بدء مفاوضات ثنائية حول سد النهضة، برعاية البنك الدولي، بصفته جهة محايدة، واستبعاد السودان من المفاوضات.
وأضاف أن الاقتراح بمشاركة البنك الدولي، كطرف محايد في مفاوضات اللجنة الثلاثية الفنية، تقدمت به مصر بشكل رسمي للحكومة السودانية، وأن مصر تنتظر رد كل من إثيوبيا والسودان على المقترح في أقرب فرصة ممكنة.
السودان ينفي
وقالت وزارة الري السودانية، إنها «لم تتلق أي إخطار رسمي يفيد بطلب الحكومة المصرية من إثيوبيا إبعاد الخرطوم عن مفاوضات سد النهضة».
ونقلت وسائل إعلام سودانية، تصريحات عن مصادر إثيوبية (لم تسمها)، أفادت بإبلاغ وزير الخارجية المصري سامح شكري رئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين طلب عبدالفتاح السيسي البدء بمفاوضات ثنائية حول سد النهضة، برعاية البنك الدولي، بصفته جهة محايدة، واستبعاد السودان من المفاوضات، الأسبوع الماضي.
وقال رئيس الجهاز الفني للموارد المائية في وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية، عضو لجنة التفاوض في مشروع سد النهضة، سيف الدين حمد: «لم يصلنا إخطار رسمي بذلك».
وأشار إلى أن «الطلب المصري، وإن صح، فإنه لا يمكن أن يتم من الناحية القانونية التي تحكمها وثيقة إعلان المبادئ التي وقعتها السودان ودولتا مصر وإثيوبيا، والتي تشترط مشاركة الدول الثلاث في مفاوضات السد».
غير مستبعد
في السياق ذاته، قال مسؤول حكومي سوداني، أمس الثلاثاء، مفضلا عدم الإفصاح عن هويته كونه غير مخول له الحديث للإعلام، إنه «لا يستبعد تقديم مصر لطلب تجاوز السودان في مفاوضات سد النهضة».
ومضى قائلا: «ينظر الجانب المصري دائما للمقترحات السودانية بموضع الريبة، رغم أننا نؤكد في كل مرة حرصنا على حقوق الجانب المصري في حصة مياه النيل».
وفي نوفمبر الماضي قال وزير الري السوداني، معتز موسى، إن «السودان لم يتآمر على مصر في قضية بناء سد النهضة».
وأضاف موسى، آنذاك: «كان السودان واضحا في مواقفه، ويستند في حديثه عن القضايا الخلافية المتعلقة ببناء السد، على المستندات القانونية».
تفاقم الخلافات
ومن جانبه، أكد عبدالناصر سلامة، الكاتب الصحفي، أن ثمة تغييرات جذرية أدت إلى تفاقم الأوضاع بين البلدين وتظل قضايا خلافية محصورة في نطاق الدولة الرسمية على مائدة المفاوضات، والمحادثات، وفي اللقاءات، إلا أن الأمر بين الدولتين وصل إلى المحافل الدولية من جهة، ووصل أيضا إلى المستوى الشعبى من جهة، وهو التطور الأخطر في العلاقات بين الشعبين.
وأكمل سلامة، خلال مقاله تحت عنوان «السودان ومصر حتة واحدة»، أن الأسباب الكامنة وراء هذه الخلافات الخطيرة تتصدرها أزمة مثلث حلايب وشلاتين والتوجه السوداني إلى الأمم المتحدة من خلال خطاب يرفض اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مـصـر والسعودية، المبرم في 8 إبريل عام 2016، على اعتبار أن هذه الاتفاقية تقر بحق مـصـر في مثلث حلايب وشلاتين، وعلى الفور وبدلا من التوجه المصري إلى السودان مباشرة في محاولة لاحتواء الأزمة، كان تصريح المتحدث باسم الخارجية بأن مـصـر بصدد تسديد خطاب إلى الأمم المتحدة، لرفض الخطاب السوداني.
واستكمل الكاتب الصحفي حديثه قائلا: «من ناحية أخرى أزمة سد النهضة الإثيوبي فكل المؤشرات تركز أن موقف السودان طوال الوقت لم يكن مناصرا للحق المصري في مياه النيل، أو هكذا كان الترقب المصري، كما أن مـصـر أيضا كانت مرغمة على التعامل مع هذا الملف بمنأى عن التنسيق مع السودان معظم الوقت، نتيجة محاولات ربط السودان هذه القضية مع قضية حلايب وشلاتين».
وتابع: «الغريب في الأمر هو ذلك التطور على المستوى الشعبي الحاصل بين البلدين سلبا، وهو ما يركز أن هناك قصورا فيما يتعلق بالأداء الإعلامي في كلا البلدين، نتج بالتأكيد عن ذلك القصور السياسي، ذلك أن المتابع للرأي العام في السودان بشكل خاص سوف يكتشف أن هناك مرارة أو غصة شديدة جدا نحو مـصـر، لذلك نحن أمام أزمة ثقة في المقام الأول».
البنك الدولي وسيط
واقترحت مصر مبادرة جديدة تشمل وساطة البنك الدولي كطرف ثالث له رأي محايد وفاصل يشارك في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، في الوقت الذي تحدثت فيه وسائل الإعلام السوداني أن مصر أكتفت بطلب إشراك إثيوبيا، وتجاهلت السودان.
ومع مرور قرابة أسبوعين، لم ترد إثيوبيا على الطلب المصري، واكتفت بإطلاق الأخبار عن أن مصر تخطط لإقصاء السودان من هذة المفاوضات.
وهنا يقول الدكتور حامد عبدالعظيم، الخبير الدولي السابق، لمصراوي، إن مصر عليها طرح القضية على أساس أنها قضية تنمية دول الحوض، وليست حوارًا ثلاثيًا، تقف فيه مصر وحيدة، مؤكدًا أن القاهرة عليها تقوية العلاقات الاقتصادية والتنموية والسياسية مع دول الحوض، التي بالطبع لا تفضل وجود صراع سياسي أو عسكري بالقرب من حدودها.
وأوضح الخبير الدولي والمحاضر بجامعة كليفورنيا أنه يجب على مصر المشاركة في مخططات التنمية الإثيوبية، مضيفًا «فنحن نمتلك خبرات كبيرة في مجال الكهرباء والطاقة ونستطيع أن ندعمهم فى هذا الملف».
رفض إثيوبيا
ومن جانبه، توقع الدكتور ضياء القوصي، المستشار السابق لوزير الري، رفض إثيوبيا المقترح المصري، موضحا أن الموقف الإثيوبي واضح للجميع، وأن أديس أبابا لم تظهر نية حقيقية لحل النزاع بالتفاوض المباشر.
وأضاف القوصي، في تصريح خاص لـ«رصد»، أنه على مصر الاستعداد الدائم للسيناريو الأسوأ، في ظل نوايا إثيوبيا الواضحة، ووضع سيناريوهات لكل أشكال التصعيد، فيجب أن تتوجه مصر إلى محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة، وأن لا تترك طريق إلا وتسلكه في ملف التصعيد الدولي.
وأوضح أن التمسك بالتفاوض يعطي لمصر الدعم والشرعية فيما ستفعل إذا صعّدت القضية لمحكمة العدل والأمم المتحدة.