لازلت اتذكر حينما كان عمري عشر سنوات حينما كان يظهر السيد حسن نصر الله في شاشة التلفاز بعمامته الشيعية المميزة ولحيته السوداء (حينها) كيف كان ابي يهلل له ويدعوه بالمقاوم الاسد الذي استشهد ابنه في سبيل مقاومة الاحتلال الصهيوني كان رمزا للممناعة والمقاومة الاسلامية حينها وكيف كنا نتابع قناة المنار واغانيها الحماسية بشغف كان ابي يحبه وزرع فينا انا واخوتي حب هذا الرجل وحب حزب الله والمقاومة اللبنانية ثم جاء العدوان الصهيوني على معاقل حزب الله في عام 2006 حيث قام العدو الاسرائيلي باستهداف بيوت مدنيين في جنوب لبنان الحرب التي اسفرت عن مقتل حوالي الف مواطن لبناني واتذكر حينها كيف اثارت تلك الحرب تعاطف جميع الشعوب العربية وانتفضت وسائل الاعلام من اجلها ومن اجل الضحايا من الاطفال الذين تساقطوا تعلمنا وقتها كيف نحفظ بل ونعشق اسماء مدن الجنوب اللبناني مثل صيدا وصور والبقاع ,وزدنا احتراما لايران التي تساند حزب الله وتموله والتي كانت تواجه العالم بأسره ببرنامجها النووي كان مرسخا في ذهن المواطن العربي المتعطش للحرية والكرامة ان حزب الله وايران والنظام السوري هم رمز المقاومة والكرامة العربية في وجه المحتل الصهيوني وكنا نتمنى ان يكون لدينا حكاما مثل هؤلاء القادة والحكام الشيعيين وكنا نحترم الحجاج الايرانيين كثيرا الذين كنا نقابلهم في مكة ! ونحسدهم على سياسة دولهم الشجاعة في مواجهة الغرب واسرائيل! اتذكر انه منذ حوالي ثلاث سنوات نشر تقريرا عن ثروة حكام وملوك ايران السابقين وابنائهم واتذكر كيف قوبل هذا التقرير بالرفض من قبل الكثير من اطياف المواطنين العرب الذين قرأوه فكيف نصدق ان هؤلاء الحكام هم ايضا ناهبين لثروات شعوبهم تماما مثل غيرهم من حكام وملوك العرب !. نشرت صحيفة نيويورك تايمز في اكتوبر من عام 2010 خبرا تسخر فيه من احمدي نجاد الرئيس الايراني الحالي بانه لم يغير قميصه ولابدلته لمدة اسبوع اثناء حضوره مؤتمر الجمعية العامة للامم المتحدة واتذكر كيف قوبل الخبر بتعليقات تستحسن تواضعه وزهده وتقشفه احمدي نجاد المهندس والسياسي المخضرم والاستاذ الجامعي الذي طالما صرح ان اسرائيل مثل الورم الذي يجب استئصاله وانها لا مكان لها على خارطة الشرق الاوسط! ومن ثم يتجلى التناقض الواضح في ـاييده لنظام الاسد الذي تعتبره اسرائيل كنزا استرتيجيا!,ثم قامت الثورات العربية وانتفضت الشعوب المقهورة منذ مئات السنين وتوالى مع انتفاضتها سقوط الاقنعة المزيفة الواحد تلو الاخر بشكل فاضح وتجلت حقيقة الحكام العرب وسياسات حكمهم لشعوبهم وسياسات دول اخرى ساندت الانظمة الدكتاتورية مثل روسيا والصين ظهرت حقيقة القذافي التي رسخت في ذهن المواطن العربي فليس هو المقاوم الممانع في وجه امريكاو اسرائيل والذي بسببه فرضت العقوبات الاقتصادية على ليبيا وليس (علي صالح) الرئيس الطيب المحبوب من قبل شعبه المسالم وكذلك ليس بشار الاسد هو البطل الطبيب المقاوم للاحتلال الصهيوني وتجلت الطائفية المذهبية اللبنانية لحزب الله والايرانية في ابشع صورها مع ثورة الشعب السوري بل انها كانت اشد وطأة من كراهية الكيان الصهيوني نفسه للعرب ومن المؤسف انه يبدو ان شعوب ايران وجنوب لبنان لايعترضون على سياسة حكامهم ومواقفهم المؤيدة لنظام الاسد ويتجلى ذلك في تعليقاتهم وصفحاتهم المؤيدة له على شبكات التواصل الاجتماعي !حيث ينددون بما يصفونه ب(ارهاب الجماعات الارهابية المسلحة) وهو اللقب الذي يطلقونه على الثورة السورية المجيدة وينددون ايضا بانشقاقات افراد الجيش السوري عن نظام الاسد!.في مصر تتباين الاراء بالرغم من مناخ التعاطف السائد بين المصريين نحو الثورة السورية لايبدو في نفس الوقت ان هنالك اي مواقف جادة تتخذ منهم لنصرة الشعب السوري حتى انه لم تقم هناك اي مظاهرات حقيقية او احتجاجات تطالب المجلس العسكري سابقا والرئيس مرسي حاليا باتخاذ قرار وموقف حازم لمناصرة ثورة سوريا,حتى ان الرئيس مرسي اكتفى بكلمتين مقتضبتين عن الثورة في مؤتمره في جامعة القاهرة حيث صرح في خطابه اننا سنعمل على حقن دماء الشعب السوري كلمة لم تروي عطش المصريين المتعطشين لمساندة اخوانهم في سوريا ولا السوريين انفسهم الذين هللوا حينما تولى الدكتور مرسي الحكم وظهر احباطهم من خطابه في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي .بل ان الكثير من مناصري ثورة سوريا انتقدوا الرئيس مرسي الذي يعلن تأييده للثورة السورية وفي نفس الوقت يستعد لزيارة الصين وايران المساندتان لنظام الاسد ولعل البعض يعزي ذلك بان المصالح الاقتصادية لمصر المنهكة والمنهوبة اقتصاديا تقتضي ذلك والتي تمر بظروف اقتصادية صعبة دفعتها للاقتراض من صندوق النقد الدولي.بعض الاراء هنا وهناك ترى ان السوريين تسرعوا في ثورتهم لان ظروف سوريا الطائفية والايدولوجية تختلف عن بقية دول الربيع العربي والحل في سوريا كان يجب ان يكون سياسا بامتياز لوقف نزيف الدم المتواصل الذي لايبدو ان له نهاية تلوح في الاجواء مع نظام طاغ ومتوحش مثل نظام الاسد صار من الطبيعي ان يقتل في اليوم الواحد اكثر من مائة سوري على الاقل لخص الشعب السوري في ارقام في نهاية اليوم اعتاد المواطن العربي ان يشاهد قناة الجزيرة او العربية ليعرف عدد الذين استشهدوا في مناطق سوريا المختلفة لهذا اليوم ثم يأوي لفراشه ليستيقظ في الصباح ويمارس حياته الطبيعية يأكل ويشرب يلبس ويذهب لعمله ويداعب اطفاله ويتنزه ويتزوج ويتكاثر! بل ان المواطن العربي لم يعد يهتم الآن حتى بمعرفة عدد القتلى اليومي لانه صار امرا مملا واعتياديا بالنسبه له!. ويبقى الثائر السوري الجائع الذي لايجد كسرة خبز تسد رمقه ورمق طفله الذي يدخل النظام السوري له خبزا مسمما علله يفنى يجعله ينزف دما من معدته فلا يوجد طعام امامه غير الخبز وان لم يقتله الخبز قتلته دبابة او طائرة في القصف العنيف المتوحش او ربما يذبحه (شبيح) مثل اطفال مجزرة (الحولة)! .سوريا تنزف وسط تجاهل غربي متعمد وتخاذل عربي من الدول العربية التي تعقد صفقات اسلحة بمليارات الدولارات لتصاب بالصدء في المخازن من دون ان تحرك ساكنا لنصرة الشعب السوري شتان بين مواقف الدول الاسلامية المتخاذلة وبين مواقف الصحابة وغزواتهم التي كانت تنتصر للمسلمين حينما كانوا يتعرضون لاعتداء اينما كانوا.لايوجد في سوريا نفط ليبيا مما يجعل الغرب يتهاتف لان يتدخل حزب الناتو لانقاذ الشعب السوري مثلما فعلت الدول الغربية دعاة حقوق الانسان مع ليبيا والتي سوف تظل تدفع ثمن التدخل الغربي في الحرب ضد القذافي سنينا طويلة قادمة من ذهبها الاسود.بين الصمت والتخاذل العربي والدولي يبقى نزيف الدم السوري وصمة عار تلطخ جبين العالم وتفضح معاني الانسانية المزيفة لدى شعوب العالم التي لا تحاول ان تنتصر للشعب السوري ولا تهتم حتى بقضيته ويبقى ابطال الجيش السوري الحر يسقطون الاقنعة بدون استثناء عن اوجه قادة وشعوب العالم ويبقى شىء في ضمير الكون يخبر الطفل السوري ان الصبح آت موعده غدا !ويبقى هو الطفل السوري الاشقر جميل الشكل ينظر ليده المبتورة في القصف على منزله في حلب ويتسائل لماذا ومتى؟!