«منذ خمسة أيام، اجتاحت التظاهرات مدنًا إيرانية بسبب اعتقاد المواطنين الإيرانيين أنّه من المفترض أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية بعد رفع العقوبات المفروضة على دولتهم من الولايات المتحدة؛ لكن الفساد والبيروقراطية والتدخلات العسكرية الإيرانية في دول الجوار تسببوا في إهدار موارد البلاد بدرجة كبرى»، كما قالت صحيفة «واشنطن بوست».
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الدولة الإيرانية أيضًا قمعية وتصادر على المواطنين حريتهم في التعبير عن رأيهم. وعزّز ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصة في المدة الأخيرة، من تسارع الاحتجاجات؛ التي تطوّرت بسرعة إلى مواجهة المرشد الأعلى علي الخميني.
ووفقًا لما سبق، مطالبة الشعب الإيراني بالتغيير يجب أن يدعمها الغرب. وأكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة دعمه للاحتجاجات الإيرانية؛ لكنه يتعيّن على القادة الأوروبيين، الذين اعتادوا أن يكونوا أكثر حرصًا، الخروج عن صمتهم والتعلم من دروس التاريخ، وإعلان دعمهم للإيرانيين؛ خاصة بعد أن أثبت نظام الخميني أنه معتاد على إخماد الحركات المعارضة، التي كان آخرها في عام 2009، ولا تزال تتوفر لديه موارد قمعية تحت تصرفه، من أسلحة ومليشيات وأجهزة أمنية.
والاحتجاجات الأخيرة تختلف عن سابقتها في 2009؛ فهي تفتقر إلى وجود قائد أو خطط واضحة، وبدأت في مدينة مشهد وشجعتها في البداية جماعات المحافظين المعارضة لحكومة الرئيس روحاني، وانتشرت بسرعة في عشرات المدن والبلدات الصغرى. لكن طهران، التي كانت مركزًا لاحتجاجات 2009، أكثر هدوءًا الآن.
المختلف الآن أنّها أكثر عنفًا من سابقتها، وقالت الحكومة ومراقبون مستقلون إنّ المتظاهرين قادوا هجمات على مرافق حكومية وقواعد عسكرية في مدن، وتحدّثت تقارير عن مقتل ما لا يقل عن 12 متظاهرًا حتى الآن. وبسبب ما فعله المتظاهرون؛ يتوفر لدى الحكومة الإيرانية الآن المبرر لتصبح أكثر عنفًا تجاههم، باستخدام قوات الحرس الثوري والمليشيات الشيعية الموالية وقوات الباسيج.
غير أنّ هذه الأجهزة والمليشات ما زالت تنتظر الأمر حتى الآن. ويقدم حسن روحاني، الرئيس المعتدل نسبيًا في النظام السياسي الإيراني المعقد، رسائل تصالحية إلى المتظاهرين، واعترف يوم الأحد بأنّ مطالبهم شرعية؛ موافقًا على حقهم في التظاهر والتعبير عن أنفسهم.
لذلك؛ ينبغي على إدارة ترامب والحكومات الغربية الأخرى أن تسعى إلى المسارعة في دعم الاحتجاجات بطرق أكثر عملية؛ كالتلويح بفرض عقوبات في حالة سفك مزيد من الدماء، وينبغي عليهم أيضًا أن يبذلوا ما في وسعهم، وكذلك البحث عن طريقة تمكن الإيرانيين من التواصل مع بعضهم بعضًا بعدما حجب النظام الإيراني جميع وسائل الاتصال.
وفي الوقت نفسه، يجب على ترامب تجنب الأفعال المقوّضة للاحتجاجات؛ مثل التخلي عن الاتفاق النوي الموقّع في 2015، وهو أمر من شأنه تعميق الخلاف بين أميركا والدول الأوروبية، ويقضي على إمكانية التنسيق بينهما فيما يتعلق بدعم الإيرانيين المحتجين.
ومن الضروري أن يركّز ترامب على دعم الشعب الإيراني.
ستة أسباب
وقالت شبكة «بي بي سي» إنّ التظاهرات الإيرانية اندلعت لستة أسباب رئيسة:
1- الغلاء، خاصة الارتفاع الأخير في أسعار البيض والدواجن بنسبة 40%، وتبرير الحكومة غير المنطقي بأنّ الزيادة لحماية المواطنين من إنفلونزا الطيور.
2- البطالة، التي ارتفعت نسبتها في العام المالي الحالي إلى 12.4% بزيادة 1.4% عن العام السابق، كما أكد مركز الإحصاء الإيراني.
3- انتشار الفساد وسوء الإدارة، وهما أمران حذّر منهما الرئيس نفسه.
4- ارتفاع معدّل التضخم ووصوله إلى 8%، في الوقت الذي لم يؤدِّ فيه رفع العقوبات الاقتصادية إلى تراجع معدله.
5- سخط المتظاهرين على الحكومة والمرشد الأعلى؛ وهو ما عبّرت عنه الشعارات التي أطلقوها.
6- كما إنّ للسياسة الخارجية دورًا في الاحتجاجات؛ إذ يعترض المتظاهرون على التدخل الإيراني في سوريا ودعم طهران لحزب الله، ورؤوا أنّ حكومة بلادهم تركّز جهودها وأموالها على القضايا الإقليمية بدل التركيز على تحسين ظروف مواطنيها.