أكدت صحيفة «واشنطن بوست» أن مستقبل الاحتجاجات الإيرانية في الأيام المقبلة، يعتمد على مدى استجابة المرشد الأعلى آية الله الخميني، مضيفة أن النظام السياسي هناك حتى الآن، أظهر رفضه لها، وشن حملات اعتقالات بالجملة دون إذن قضائي، بجانب فرض قيود على وسائل الإعلام ومنع الصحفيين من التغطية، وحجب وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد» تشهد إيران الآن، أكبر حركة احتجاجية مناهضة للحكومة الإيرانية منذ الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2009، حيث نزل الآلاف إلى الشوارع في عددٍ من المدن، في الأيام الأخيرة بدأت يوم الأربعاء الماضي، وتقدم صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا مفصلا عن تلك الاحتجاجات وما يحدث فيها، وما نما إلى علمها عنها حتى الان، على هيئة أسئلة وأجوبة.
أولا.. كيف بدأت الاحتجاجات؟
بدأت الاحتجاجات يوم الأربعاء الماضي في مدينة مشهد وهي أكبر المدن الإيرانية، ويوجد بها مرقد الإمام علي بن موسى الرضا، أكبر الأضرحة هناك، وهي معقل للمحافظين ومعقل إبراهيم رئيسي، مرشح التيار المبدأي والذي واجه حسن روحاني في الانتخابات الماضية، ووفقا للمحللين بدأ المحافظون تلك الاحتجاجات كوسيلة للضغط على روحاني، وهو رجل دين معتدل نسبيا داخل حكومة «ثيوقراطية»، وما لبث أن امتدت الاحتجاجات إلى بقية أنحاء البلاد، والبالغ تعداد سكانها 80 مليون نسمة.
ثانيا.. مطالب المتظاهرين؟
بدأت التظاهرات بالتركيز على الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران، ورغم أنها قادرة الآن على تصدير النفط إلى الأسواق الدولية، بعد الاتفاق النوي الإيراني في 2015، إلا أنها تواجه ارتفاعا ملحوظا في معدلات التضخم وارتفاع نسب البطالة، وساهم الارتفاع الأخير في أسعار البيض والدواجن بنسبة 40%، والتي بررتها الحكومة الإيرانية بـ«مخاوف حول انفلونزا الطيور» في اندلاع الاحتجاجات.
ثم تطورت الاحتجاجات بهتاف المتظاهرون ضد روحاني والمرشد الإيراني الأعلى آية الله الخميني، معترضين أيضا على الدعم العسكري الإيراني للرئيس السوري بشار الأسد، وفي الوقت نفسه عبروا عن إشادتهم بالشاه الإيراني المدعوم من قبل الولايات المتحدة، والهارب إليها منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وتوفي بالسرطان في العام التالي.
ثالثا.. هل يوجد قائد للاحتجاجات؟
حتى الآن، وفقا للصحيفة، لم تظهر أي حركة أو حزب كقائد للاحتجاجات، والتي جاءت على النقيض تماما من تظاهرات 2009، والتي أطلق عليها إسم «التحرك الإيراني الأخضر أو الحركة الخضراء»، والتي اندلعت احتجاجا على إعادة الرئيس الإيراني المتشدد محمود احمدي نجاد، وسط مزاعم واسعة النطاق بتزوير الانتخابات.
ودفعت تلك الاحتجاجات الحكومة حينها، إلى شن حملة اعتقالات بحق الآلاف من الإيرانيين، وقتل العشرات، فيما تعرض آخرين للتعذيب، ولا يزال قادتها تحت الإقامة الجبرية حتى الآن.
وحاليا لجأ روحاني إلى حظر تطبيق «تليجرام» وغيرها من وسائل الإعلام الاجتماعية؛ لمنع الصحفيين من تغطية الأحداث.
رابعا.. ما مدى استجابة الحكومة؟
شرعت إيران حتى الآن، كما أشارت الصحيفة، إلى إلاغلاق وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهو ما حد من قدرة المتظاهرين على تبادل المعلومات والصور حول الاحتجاجات، فيما انتشرت قوات الشرطة في شوارع المدن، وكذلك أفراد من «الباسيج» والتي ساعدت في قمع الحركة السابقة في 2009.
وادعى روحاني أن الحكومة سمحت للمتظاهرين بالاحتجاج، ومن المعلوم بحسب الصحيفة، أن الحكومة الإيرانية غالبا ما تسمح بالتظاهرات والمسيرات المحدودة، إلا أنها وفقا لتأكيدات الصحيفة أيضا، لن تتردد في القضاء على التظاهرات الحالية.
خامسا.. هل اندلعت احداث عنف؟
وفقا لما هو معلوم حاليا، لقي 12 شخصا مصرعهم، وادعى التلفزيون الإيراني ظهر اليوم الاثنين، أن قوات الأمن تصدت للمتظاهرين «المسلحين» والذين حاولوا السيطرة على مراكز الشرطة والقواعد العسكرية دون مزيدا من التوضيح.
فيما أظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية، فارس، استخدام الشرطة لمدافع المياه لفض التجمهرات في العاصمة طهران، وإظهار الأضرار التي ألحقها المتظاهرون بالممتلكات العامة، وأفادت في الوقت نفسه، باعتقال مئات المتظاهرين، وتقول الشرطة إن معظمهم اطلق سراحه بعدها مباشرة، فيما بثت وسائل الإعلام الحكومية، مقاطع مصورة تظهر ترحيب ضباط الشرطة بالمتظاهرين «سلميا».
سادسا.. ما حدود رد الفعل الدولي؟
نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تدوينة عبر موقعه على «تويتر» عبر فيها عن دعمه للاحتجاجات الإيرانية، متهما وزارة الخارجية الإيرانية وزعماء إيرانيين بتحويل «دولة ثرية ذات تاريخ وثقافة غنية، إلى دولة مارقة مستنفدة اقتصاديًا، صادراتها الرئيسة هي العنف، وسفك الدماء، والفوضى».
فيما رفض روحاني، انتقادات ترامب، قائلا «إن من وصفوا الإيرانيين بالإرهابيين لا مجال لتعاطفهم مع الشعب الإيراني»، مشيرا إلى الحظر الذي فرضه على سفر المواطنين الإيرانيين إلى الولايات المتحدة، فضلا عن رفضه إعلان التزام إيران بجانبها في خطة العمل المشتركة «الاتفاق النووي» في خطوة نحو إلغائه.
سابعا.. هل إيران دولة ديموقراطية فعلا؟
تصف إيران نفسها بانها «جمهورية إسلامية»، والنظام السياسي فيها يتم عبر تمرير القوانين من قبل ممثلين منتخبين نيابيا، إلا أن المرشد الإيراني الأعلى، له القول الفصل في جميع المسائل الحكومية، ويتعين على «مجلس صيانة الدستور» وهو هيئة مكونة من 12 عضوا يختار نصفهم المرشد الأعلى والنصف الآخر يرشحه السلطة القضائية، ويوافق عليهم البرلمان، ومهمته الموافقة على جميع القوانين.
ومن مهام المجلس أيضا، الموافقة على جميع المرشحين الرئاسيين والبرلمانيين، إلا أن قوات الأمن تتبع فقط أومار المرشد الأعلى، كالحرس الثوري الإيراني، وتشن حملات اعتقال روتينية ضد مزدوجي الجنسية، وتستخدمهم كبيادق في المفاوضات الدولية، حسبما قالت صحيفة «واشنطن بوست».
ثامنا.. ما الخطوة التالية؟
هدد المتظاهرون بتصعيد الاحتجاجات خلالالأيام المقبلة، وفي حين يؤكد روحاني، ان الحكومة تسمح بالتظاهرات، إلا أن الشرطة الإيرانية تعتقل المتظاهرين دون إذن قضائي، وفي نهاية المطاف، فإن مستقبل الاحتجاجات في الأيام المقبلة، يعتمد على كيفية استجابة المرشد الأعلى، وكما كتب «كليف كوبشان» المحلل بمجموعة أوراسيا، «عندما يتعلق الأمر ببقاء النظام، فإن الخميني سيأمر بإطلاق النيران، وهو شخص لديه عدد كبير من القوات الموالية تحت تصرفه».