يعتبر عام 2017 عام كارثي على صحة المصريين، حيث بدأ برفع أسعار الأدوية، لتبدأ معاناة المرضى في البحث عن الدواء طوال العام، فلا يمر شهر على المصريين، دون حدوث أزمة نقص شديد في دواء حيوي، وكان أخر هذة الأزمات، نقص دواء البنسالين، والتي لم تحل حتى الأن.
وبخلاف نقص الدواء وغلاء أسعاره، أختتم العام بقانون التأمين الصحي، والذي لاقى رفض من جميع النقابات الطبية، من أطباء وصيادلة، حيث حذر أطباء من أن هذا القانون مقدمة لخصخصة المستشفيات الحكومية، بخلاف أنه يزيد من مصاريف العلاج على المواطنين.
رفع أسعار الدواء
بدأ عام 2017 بزيادة أسعار الدواء ففي ١٢ يناير من بداية العام، أصدر وزير الصحة أحمد عماد، قرار رفع الأسعار، للمرة الثانية خلال أقل من عامين، بعد ضغوط من شركات الدواء، مخالفًا وعوده المتكررة بعدم رفع أسعار الأدوية، خاصة مع معاناة المواطنين عقب تحرير سعر الصرف، وزيادة معدل التضخم.
وأصدر راضي القرار رقم 23 لسنة 2017، الصادر من وزير الصحة بشأن إعادة تسعير 15 % من أدوية الشركات المحلية، و20 % من الأدوية المستوردة والأجنبية.
وبموجب القرار، تم رفع أسعار 3010 صنف دوائي، وبلغت قيمة الزيادة في المستحضرات المحلية من 1 إلى 50 جنيهًا نسبة 50%، والأدوية من 50 إلى 100 جنيه نسبة 40%، والأدوية أغلى من 100 جنيه نسبة 30%، وبالنسبة لزيادة الأدوية المستوردة، فشملت قائمة الزيادة 50% للأدوية من 1 إلى 50 جنيهًا، و40% للأدوية فوق 50 جنيهًا.
البيع بسعرين
عقب قرار الزيادة اجتمع ممثلو غرفة صناعة الأدوية مع الوزير لمناقشة توفير الأدوية الناقصة، وآليات العمل بالقرار الوزارى الخاص برفع أسعار 3010 أصناف دوائية، الصادر فى 12 يناير 2017 وتم السماح للشركات ببيع التشغيلات القديمة التى تم إنتاجها قبل إصدار قرار الزيادة بالسعر الجديد، كإجراء مؤقت لضمان توفير نواقص الدواء، وأنه تم رفض طمس السعر القديم واستخدام عبوات غير مدون عليها السعر.
وأعلن «متحدث الصحة» خالد مجاهد أن الوزارة أمهلت الشركات 6 أسابيع للعمل بذلك كإجراء مؤقت، على أن يكتب على الوجه الأمامى للعبوة تاريخ الإنتاج وسعر البيع للجمهور، ولكن الشركات لم تلتزم والوزير لم ينفذ تهديده لهم بمعاقبة كل من يتوقف عن الإنتاج والتوريد، الأمر الذي قوبل بهجوم شديد من قبل جموع الصيادلة الذين دخلوا في صدامات ومعارك مباشرة مع المرضى بسبب «البيع بسعرين» وفي ظل الضغوط المتواصلة تراجعت الوزارة عن قرار طمس الأسعار القديمة على ظهر العبوات الدوائية المحلية.
مقتل مساعد صيدلي
توفي مساعد صيدلي نتيجة مشاجرة بسبب الاختلاف على سعر دواء.
وقال نقيب الصيادلة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي إن المتوفي مساعد صيدلي اسمه أحمد يعمل بصيدلية د. شريف ببولاق الدكرور.
وأوضح أن خلاف نشب بينه وبين رجل مسن على سعر شريط ريفو، سعره 3 جنيهات، والرجل المسن يرى أنه ب 2 جنيه، وتحول الأمر لمشاجرة، واعتدى المساعد علي المسن فقام أحد المارة بضرب المساعد على رأسه ولفظ أنفاسه في مستشفي القصر العيني.
وأشار إلى أن المساعد المتوفى أخو الدكتور شريف صاحب الصيدلية.
نقص المحاليل
ومنذ بداية شهر فبراير من 2017، تفاقت أزمة نقص المحاليل، حيث شهدت أغلب المستشفيات الحكومية والخاصة، نقص حاد في المحاليل، كما اختفت من جميع الصيدليات، وقال الدكتور مروان سالم، الخبير في الدواء والغذاء: إن المحاليل بالفعل ناقصة خلال الآونة الأخيرة، وفي فترات ينعدم وجودها تمامًا، والمرضى يعانون معاناة شديدة، خصوصا مرضى الكلى، والحوادث، والحالات الطارئة.
وأكد سالم: «أننا نعانى بالفعل وقبل عدة أشهر من نقص صارخ في المحاليل الطبية، وللأسف هناك شركة واحدة فقط تنتج المحاليل في مصر، ولن تستطيع تغطية كل محافظات مصر من مستشفيات وصيدليات»، متسائلا: «لماذا شركة واحدة فقط تنتج المحاليل؟ ولماذا توقفت شركتا هايدلينا والنيل الحكوميتين عن إنتاج المحاليل الطبية».
وتزايدت أسعار عدد من المحاليل الطبية المختفية داخل مستشفيات وزارتي الصحة والتعليم العالي بنسبة 60% ووصل سعر محلول «رينجر» والجلوكوز في السوق السوداء إلى 7 جنيهات بعد أن كان لا يتجاوز 3 جنيهات، وكذلك أسعار عدد من المحاليل الأخرى، بلغت 60 جنيهًا حتى وصل سعر الكرتونة (24 زجاجة) إلى 550 و600 جنيه في بعض الأماكن والصيدليات الخارجية بدلا من 80 جنيها.
نقص الأدوية
وبينما أكدت الوزارة في أكثر من مناسبة، أنها نجحت في الحد من نقص الدواء، وتوفير معظم المستحضرات الطبية لجموع المرضى، إلا أن لجنة الصيدليات بالنقابة العامة لصيادلة مصر، والمركز المصري للحق في الدواء، أكد أن عدد الأدوية الناقصة في السوق المصرية، يتخطى الـ1400 صنف، في سابقة جديدة علي مستوى الدواء في مصر بشكل عام.
والمفاجأة أن هذه الأنواع الناقصة، يوجد من بينها أصناف تم زيادة أسعارها على الورق فقط، ولم تدخل مراحل الإنتاج المختلفة، وعددها يزيد على مائة صنف، من بينها أدوية الأمراض المزمنة.
البنسلين يتصدر النواقص
تصدرت حقن البنسلين طويل المفعول، الذي يُستخدم لمرضى الحمى الروماتيزمية، قائمة الأدوية الناقصة في السوق، حيث يحصل عليه المريض مدة تتراوح من 15 إلى 25 سنة، بصفة دورية شهريًا، أو كل 21 يومًا، حتى لا يؤثر على القلب مستقبلًا.
وخرجت الوزارة ببيان يؤكد توفير وضخ 859 ألفًا و380 فيال من الأصناف المختلفة لعقار «البنسلين» طويل المفعول، من خلال كل فروع شركات الدواء المصرية.
وقالت الدكتورة رشا زيادة رئيس الإدارة المركزية لشؤون الصيدلة، إن أصناف البنسلين المتوافرة هي 124 ألف فيال من عقار ديورابين، و2436 فيال من عقار ديبوبين من الشركة المصرية، و571 ألفًا و158 فيال من عقار ديبوبين من شركة المهن الطبية بجانب 1786 فيال من عقار بينستارد المستورد من الشركة المصرية، بالإضافة إلى استيراد كميات أخرى من نفس العقار السابق، خلال سبتمبر الجاري، وجاري توزيع 160 ألف فيال من شركة النيل للأدوية.
ألبان الأطفال
وفي شهر سبتمبر، تفاقمت أزمة نقص لبن الأطفال، حيث خرجت أحتجاجات الأمهات إلي الشوارع، وقطع طريق الكورنيش، بينما تنفي وزارة الصحة في وقتها وجود أي نقص في ألبان الأطفال المدعمة، وأن الكميات وفيرة والمخزون آمن،
وتدخل الجيش في الأزمة، حيث أستورد كميات كبيرة من لبن الأطفال، وباعها للمواطنين، ورفع سعر عبوة لبن الأطفال إلي 30 جنيه.
قانون التأمين الصحي
يعتبر إقرار مجلس النواب لقانون التأمين الصحي، هو أخر كوارث عام 2017، في ظل رفض الأطباء والصيادلة للقانون، الذين أعتبروة مقدمة لخصخصة المستشفيات الحكومية، ويزيد من الأعباء المالية على المواطنين.
وفي ذات الإطار، ترى الدكتورة منى مينا، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، أن مشروع القانون ينتابه الغموض من تحديد مصير المستشفيات الحكومية التي لن تحصل على الجودة، ولم تُحدد اللجنة القائمة على إعداد مشروع القانون وضعها حال عدم حصولها على الاعتماد، هل ستخرج من الخدمة، أم ستُباع للقطاع الخاص أم تُطرح للشراكة؟
وتساءلت مينا عن مصير آلاف العاملين في هذه المستشفيات من أطباء وإداريين وأطقم معاونة، موضحة أن النقابة لم تتلق أي إجابات محددة عن هذه التساؤلات حتى الآن.
وأرسلت نقابة الأطباء خطابًا اليوم إلى رئيس مجلس النواب علي عبد العال؛ أوضحت فيه أن مشروع القانون الجديد يفتح الباب واسعاً أمام ضياع أصول المنشآت الصحية الحكومية التي بنيت بأموال الشعب عبر سنوات طويلة.