بعدما تم إحراق مبنى ديوان عام المحافظة بسبب مشكلة الإسكان التي تفاقمت ووصلت لذروتها ببورسعيد إبان ثورة 25 يناير المجيدة, فضلا عن انبساط مساحات شاسعة للعشوائيات.
أكد المواطنون ومنهم: «رشدي السخري – موظف حكومي – والعربي وهيب – بالتربية والتعليم – وأشرف إسماعيل – تاجر ومستورد- بالحرة» أنه أخيرا.. ولأول مرة ستودع بورسعيد أكبر وأشهر منطقة سكنية عشوائية على أرضها نهائيا قبل نهاية العام الحالي.. ستدخل منطقة «زرزارة» الممتدة على مساحة 7 أفدنة تقريبا بأطراف حي الضواحي على أرض الحرة.. في «مزبلة» التاريخ بعد 30 عاما من معاناة قاطنيها البسطاء.. حاملة في طياتها كل سلبيات الماضي ومساوئه، إلى غير رجعة؛ لتعلن للقاصي والداني بداية ميلاد ثمار ثورة التغيير، التي انطلقت في 25 يناير 2011؛ لتحقيق العيش ، الكرامة، والعدالة الاجتماعية لكل مواطن على أرض مصر.
وتحقيقا لذلك الحدث الفريد من نوعه.. تحولت الإدارات المعنية المختلفة بمحافظة بورسعيد، من الآن إلى خلية نحل لإنجاز الهدف، ونقل آخر مواطن عشوائي وأسرته من غياهب عشش تلك المنطقة، إلى الوحدات السكنية الجديدة التي تم تشييدها خصيصا لهم، على أرضها رحمة بهم مع نسيم الثورة؛ ليشعرون بآدميتهم, ويتذوقون لأول مرة، معنى كلمة الكرامة بعد سنوات طويلة من المهانة.. تلك التي عانوا فيها الكثير والكثير من التهميش، في ظل نظام الرئيس المخلوع وسياسات حكومات الوطني البائدة, التي ألقت بأبناء مصر في زرزارة البورسعيدية، وفي مئات المناطق العشوائية مثلها، التي أفرزها نظامهم البائد في كل مكان، فريسة للضياع واليأس والحرمان حتى من أبسط حقوق الإنسان، وهو الحياة كآدمي مستور بين أربعة جدران؛ ليعيشوا أسوء ثلاثة عقود بين الحيوانات الضالة والحشرات والأمراض.
العمل هنا يجري على قدم وساق؛ لتسليم الوحدات السكنية بمشروع إسكان «الأمل الجديد»، الذي تم زرعه على أنقاض زرزارة أوائل شهر ديسمبر القادم، والذي يوافق ذكرى العيد القومي «للحرة».. وهو المشروع الذي أقامته المحافظة، مؤخرا، بالتنسيق مع جهاز تطوير العشوائيات بمجلس الوزراء ــ لأول مرة بعد ثورة 25 يناير ــ على أرض أكبر وأشهر منطقة عشوائية شهدتها مصر عامة وبورسعيد خاصة.. للقضاء نهائيا على تلك المنطقة التي مثلت على مدى ثلث قرن من الزمان، هي فترة الـ 30 عاما الماضية، صداعا مستمرا في رأس التنفيذيين، والمحافظين الذين تولوا زمام الأمور ببورسعيد طوال تلك الحقبة.
ويضم ذلك المشروع السكني والاجتماعي، الذي تمخض عن الثورة الفريدة.. نحو 2484 وحدة سكنية، تم بناؤها خصيصا لتسكين البقية المتبقية من المستحقين من أصحاب العشش بتلك المنطقة العشوائية الشهيرة.. وبتسليم تلك الوحدات الجديدة لهم، تسدل بورسعيد الستار نهائيا على منطقة زرزارة ــ إلى غير رجعة ــ بعدما قامت من قبل عدة أشهر مضت بنقل 5000 أسرة من قاطني تلك المنطقة العشوائية أيضا إلى مساكن «فاطمة الزهراء» المواجهة للمنطقة العشوائية وعلى الجانب المقابل لها مباشرة, ومن المنتظر أن يتلازم مع لحظة تسليم الشقق الجديدة للمستحقين، الإزالة الفورية حتى سطح الأرض للعشش المتبقية في تلك المنطقة، وإعادة استغلال أرضها كحدائق خضراء ومنافع عامة حتى لا تتكرر مأساة إعادة استخراج زرزارة أخرى في مصر الحديثة.
وفي إطار الاستعدادات المبكرة لأجهزة المحافظة، والتنسيق فيما بينها؛ لتحقيق ذلك الهدف في موعده التقى المحافظ اللواء أحمد عبد الله محمد في اجتماع بمكتبة مؤخرا بالمسئولين التنفيذيين لوضع الخطوات اللازمة لتسليم شقق مشروع الأمل، عقب انتهاء التشطيبات النهائية بها على المستحقين, وذلك بناء على خطابات التخصيص السابق صدورها لكل مستحق منهم، وفقا لكشوف الحصر التي تمت من قبل بمعرفة الحي، وكذا نتائج إدارة البحوث بإدارة الإسكان.. وقد حضر اللقاء اللواءان حسام المناوي – نائب مدير الأمن – وهاني المراكبي – رئيس حي الضواحي- ومدراء شرطة المرافق وشرطة الأموال العامة، وإدارات التعبئة والإحصاء، والمشروعات والتسكين بالمحافظة, وأعرب المحافظ خلال اللقاء عن سعادته بنقل جميع سكان زرزارة من العشش إلى المساكن الآدمية الجديدة، والتي كانت من أولى اهتماماته التي سعى إلى تحقيقها منذ وطأت قدماه أرض بورسعيد، كأول محافظ لها بعد ثورة التغيير.
أشاد المحافظ بدور اللجان الشعبية بمنطقة زرزارة، وتقديمها كل العون لأجهزة المحافظة والحي، بالمساهمة في إعداد الكشوف الخاصة بأسماء المستحقين, وترقيم العمارات والشقق؛ للتيسير على الموظفين المختصين في أداء عملهم، مما كان له أبلغ الأثر في سرعة الانتهاء من تلك الأعمال التحضيرية، التي تسبق عملية تسليم الشقق للمستحقين, مشيرا إلى أنها ستتم بشفافية تامة ونزاهة مطلقة؛ كي يأخذ كل منهم حقه دون تدخل أحد, وقال: إنه تقرر بناء 4 مدارس حديثة للتعليم الأساسي والفني والعام؛ لخدمة أبناء تلك المنطقة السكنية الجديدة للتيسير عليهم إلى جانب إقامة وحدة صحية متكاملة لهم أيضا.
وشدد المحافظ على ضرورة تكثيف التواجد الأمني أثناء عملية تسليم الوحدات السكنية، مع إزالة باقي العشش الموجودة في نفس الوقت.. وكلف المحافظ رجال مباحث الأموال العامة بمديرية الأمن بضبط أي مواطن يثبت حمله لخطاب تخصيص مزور لإحدى الشقق التي سيتم توزيعها وتقديمه للنيابة العامة مباشرة للتحقيق معه, واتخاذ اللازم قانونا.. وطالب التنفيذيين بأن يكون أمام كل عمارة فرد للتيسير على المواطنين أثناء التسليم وتوجيه كل منهم إلى شقته, كما طالب ـ لأول مرة في مثل هذه المساكن الشعبية ـ بأن يكون هناك اتحاد للمشتغلين بكل عمارة، يتولى مهمة الحفاظ على سلامة المبنى ونظافته.