سلّطت «شبكة الجزيرة» الضوء على التظاهرات التي تجتاح مدنًا إيرانية منذ يوم الجمعة، وقالت إنّها لأسباب اقتصادية بحتة؛ لكنّ المسؤولين الإيرانيين يؤكّدون أنّ أطرافًا غربية تحاول تسييسها وتضخيم أعدادها؛ لإظهار النظام السياسي لا يحظى بقبول شعبي.
وقالت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ حدّة التوترات في إيران تتزايد الآن بعد خروج مئات المتظاهرين في مدنٍ للتظاهر ضد سياسات الحكومة الاقتصادية، وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية «تسنيم» أنّ المئات خرجوا في مدينة كرمانشاه (غربًا)، وحاولت الشرطة فضّ الاحتجاجات باستخدام مدافع المياه والغاز المسيل للدموع.
وقالت وسائل إعلام اجتماعية إنّ مظاهرات أخرى اندلعت في مدينة طهران (العاصمة الإيرانية). وقال محللون إنّ التظاهرات أكبر حركة معارضة اندلعت في إيران منذ المسيرات المؤيدة للإصلاح في البلاد عام 2009.
وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحكومة الإيرانية باحترام حقوق الشعب في الاحتجاج والتعبير عن رأيه. وتوتّرت العلاقات بين واشنطن وطهران منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة، وهو لا يرغب في استكمال الاتفاق النووي الإيراني.
وتفرض خطة العمل المشتركة «الاتفاق النووي»، التي وافقت عليها الولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، قيودًا على مخزون إيران من اليورانيوم، وتقليل القدرة على تخصيبها؛ مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وبعد الخطة، تطلّع إيرانيون إلى تحسين الوضع الاقتصادي؛ لكنّ الواقع بدا مغايرًا تمامًا، وازدادت الأمور سوءًا. بالإضافة إلى ذلك، دأب الرئيسان أوباما وترامب على تجاوز خطة العمل المشتركة هذه؛ بفرض قيود مشددة على التأشيرة وعقوبات منفردة أخرى.
كما دأبت فروع ووكالات حكومية داخل الولايات المتحدة على إضعاف خطة العمل المشتركة بشكلٍ موسّع؛ ما أدّى في النهاية إلى فرض جزاءات رسمية على إيران. وبالرغم من إيمان إيرانيين بأنّ جزءًا من سوء الوضع يرجع إلى أميركا؛ فإنهم يعتقدون أنّ للحكومة الإيرانية دورًا في تعميق الأزمة في البلاد؛ وهو ما خرجوا للتظاهر من أجله.
وبالرغم من التضيق على وسائل الإعلام الإيرانية، ساهم وجود وسائل إعلام اجتماعية في نقل الصورة جيدًا من داخل إيران.
تدخل خارجي
ويرى البروفيسور في جامعة طهران «محمد ماراندي» أنّ الإيرانيين يجب الأخذ في حسبانهم أثناء احتجاجهم أنّه كما للحكومة الإيرانية دور فللحكومات الأجنبية دور آخر في الأزمة. على سبيل المثال: تحاول قناة «بي بي سي» فارسي، المدعومة من الحكومة البريطانية وتتحرك بواسطة الولايات المتحدة، ووسائل الإعلام المدعومة من الغرب كافة، إلى إظهار أنّ الاحتجاجات كثيرة للغاية، وتحاول وسائل الإعلام هذه تسييس التظاهرات.
وبسؤاله عن مدى التسييس الذي أصاب التظاهرات، وهل بسبب الشعارات المناهضة للحكومة، مثل «الموت لروحاني» أو «لا للبنان وإلى غزة»؟ وهل هذه الشعارات تقوّض السياسة الخارجية لإيران؟ قال محمد ميراندي إنّ التظاهرات ليست كثيرة العدد؛ ويجب الأخذ في الاعتبار أنّها في أماكن متفرقة في إيران ولا تُردّد الشعارات نفسها؛ فبينما يردد بعض شعارات دالة على الوضع الاقتصادي السيئ، يهاجم آخرون السياسة الخارجية الإيرانية.
وأكّد الدكتور بجامعة طهران أنّ التباين دليلٌ على أنّ هناك أطرافًا تحاول تسييس التظاهرات، وأغلبها من وسائل الإعلام الغربية، التي تحاول إظهار الصورة كما يلي: «إيران على وشك الانهيار، والقيادة السياسة الحالية لا تحظى بشعبية»؛ ودأبنا على سماع مثل هذه الكلمات منذ 39 عامًا، ولا أتوقّع بشكل شخصي حدوث شيء مماثل في المستقبل.
وجابت مظاهرات مناهضة للحكومة الإيرانية مدينة «مشهد»، ثانية كبرى مدن إيران؛ رفضًا للأوضاع الاقتصادية، وبدأت الخميس الماضي وسرعان ما اتسع نطاقها لتشمل مدنًا أخرى، وامتدّت الاحتجاجات على سياسية الحكومة الجمعة إلى مدن إيرانية؛ من بينها قمّ وقزوين وهمدان وبيرجند ورشت وأصفهان وكرمانشاه وشيراز ومناطق أخرى، ورفع المتظاهرون في كرمانشاه (غربي البلاد) شعارات «الحرية أو الموت» و«الخبز والوظيفة والحرية».
وأحرق مشاركون في الاحتجاجات صورة المرشد الأعلى علي خامنئي، واصفين إياه بالديكتاتور، كما اعتقلت القوات الأمنية 52 مشاركًا في احتجاجات مشهد، وحاولت تفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والعيارات المطاطية.