تأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان، وسط ترقب مصر على ما سيطرأ في الحد الجنوبي لمصر خاصة وأن العلاقات مع بين القاهرة والخرطومة غير مستقرة ووصلت إلى الحد التراشق الدبلوماسي بين الطرفين، بينما رأى مراقبون أن تلك الزيارة ستشكل تهديد لكلا من الإمارات ومصر.
و شهدت الزيارة توقيع عدد كبير من الإتفاقيات بين البلدين فضلا عن الوفد الكبير الذي رافق الرئيس التركي والمكون من مئتي رجل أعمال ومستثمر تركي بالإضافة للوزراء المسؤولين، لاسيما وأن السودان غنية جدا بأراضيها الخصبة الشاسعة ومواردها الطبيعية وثرواتها المختلفة وهذا ما أكده الرئيس أردوغان في أحاديثه مع مختلف فئات المجتمع السوداني.
وقال المستشار الأول لرئيس الوزراء التركي عمر قورقماز، إن «هذه الزيارة تأخرت كثيرا لاسيما وأن الخرطوم كانت تترقب زيارة على هذا المستوى منذ سنوات، ودائما كانت مرحبة بذلك سواء على صعيد الحكومة أو الشعب السوداني الذي يعبر عن فرحته العارمة بهكذا زيارة وتقارب مع الشقيقة تركيا».
وأضاف قورقماز أن «تركيا تسعى لأن تكون هي بوابة السودان نحو أوروبا على أن تكون السودان بوابة تركيا نحو أفريقيا، وشدد على أن هذه الزيارة ليست ضد مصر ولكنها لصالح الشعبين التركي والسوداني».
بوابة أفريقيا
من جهته أكد الكاتب الصحفي التركي مصطفى أوزجان، أن «علاقات البلدين قائمة منذ زمن إلا أنها تزداد عمقا بهذه الزيارة وهناك استثمارات تركية كبيرة، وكانت تركيا تعول على دور حيوي لمصر أفريقيا أيام الرئيس مرسي؛ ولكن بعد إنقلاب السيسي غابت مصر».
وأضاف أن «تركيا تستعيد البوابة الأفريقية عبر السودان بدلا من مصر، كما أن هناك مجال حيوي للتواجد التركي في السودان؛ لأن البوابة الأوربية والأمريكية تزداد صعوبة أمام تركيا في الوقت الحالي فإن البديل هو التوجه بقوة نحو أسواق أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولذلك فرجال الأعمال الأتراك يستثتمرون في مجالات عديدة على رأسها الزراعة والميكنة مع السودان وهناك أعداد كبيرة من الجاليات التركية في السودان لمراعاة ومتابعة المصالح والاستثمارات المشتركة».
تقارب يقلق الامارات والسعودية
أما من رئيس تحرير موقع تايم تورك، فخر الدين دده، فقد أكد أن «زيارة الرئيس أردوغان إلى السودان مهمة جدا وسط المؤامرات الكبيرة التي تُحاك ضد تركيا، والتي اتضح أن بعض الدول العربية كان لها دور في محاولة الإنقلاب التي حدثت في 15 يوليو 2016 بتوفير تمويل ودعم سياسي وإعلامي وإستراتيجي خليجي».
وأضاف أن «تحركات المعسكر الإماراتي السعودي تُمثل خطورة على المسار الديموقراطي في تركيا؛ وذلك من خلال دعم منظمات إرهابية تستهدف الدولة التركية وعلى رأسهم جماعة فتح الله غولن الإرهابية، مع هجوم رسمي وإعلامي لهذه الدول على السياسة الخارجية التركية ويصفونها بالسياسة العثمانية والإخوانجية».
سلبياتها على مصر
ويرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ«رصد»: «أن تلك الزيارة سيكون لها انعكاسات سلبية على مصر، وما سينج عنه من تغير في خطط محور القارة ويزيد من قلق مصر بعد التحاق السودان بالمحور التركي المواجه لأطماع محور الخليج الغير مشروع في المنطقة».
واعتبر أن أفريقيا ما تزال «القارة البكر التي يتصارع على مواردها الأقوياء، وتعد السودان محطة مهمة للدخول إلى أفريقيا ومن الناحية الاقتصادية تحوي رقعة زراعية وخامات وموارد طبيعية عملاقة وهذا ما يفسر هذا الحضور الكبير لرجال الأعمال في الزيارة، بما يعكس إدراكا تركيا لما تمثله السودان من مساحات واعدة في الاستثمار».
وأوضح، أن السودان من الناحية السياسية حليف مهم في معادلة النفوذ في الصراع بين القوى الإقليمية والدولية المتزايد على السودان وأفريقيا عموما».