بانتهاء المرحلة الأولى من بريكست، يبدأ عهد جديد، يتضمن عدا تنازليا للانسحاب النهائي لبريطانيا من الاتحاد الاوروبي، إلا أن العراقيل ما زالت على طريق ماي، والتحديات الداخلية والخارجية تزداد مع دخول المرحلة الثانية والتي ستبدأ أول الشهر المقبل.
انتهاء المرحلة الأولى
انتهت المرحلة الأولى من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، يوم الجمعة الماضي، لتضع بريطانيا كما وصفها بعض الساسة على بداية تحقيق هدفها بالخروج من الاتحاد.
وأعلن دونالد توسك، رئيس الاتحاد الأوروبي، عبر تويتر، موافقة قادة الاتحاد الأوروبي على الانتقال إلى المرحلة الثانية من محادثات البريكست، وهنأ رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على إنجاز تلك المرحلة بنجاح.
ومن جهتها، كتبت ماي، عبر تويتر: «اليوم يشكل خطوة مهمة على طريق خروج من الاتحاد هادئ ومنظم وصياغة شراكة مستقبلية وثيقة وخاصة».
وفي رسالة وجهتها ماي، اليوم الأحد، لخصومها السياسيين، قالت إنها «نجحت في إحراز تقدم في مفاوضات «بريكست» رغم هؤلاء الذين يريدون أن «يستخفوا ببريطانيا»»، وفقا لمقال نشرته صحيفة «ذا تليجراف» البريطانية.
وكانت عراقيل وقفت أمام إنجاز المرحلة الأولى من الخروج، تتعلق بمصير المواطنين المغتربين بعد بريكست ومستقبل الحدود المادية بين أيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية والفاتورة المالية لبريكست.
المرحلة الأصعب
وحذر قادة الاتحاد الأوروبي من أن المرحلة الثانية ستكون أشد صعوبة من سابقتها، بحسب ما أوردت «الإندبندنت» البريطانية.
وقال «توسك»، إن المرحلة الثانية من محادثات البريكست ستكون أكثر تطلبًا، وأكثر تحديًا من المرحلة الأولى.
وذكرت الصحيفة، أن قادة الاتحاد الأوروبي وضعوا خطوطا حمراء خلال القمة الماضية، تشير إلى تحديد عدد من المطالب التي قد ستثير غضب الساسة البريطانيين مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي دون صفقة.
وتأتي المرحلة الثانية، في ظل تراجع نسبة المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي بحسب ما أوضح استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «بي.إم.جي» لصحيفة الإندبندنت.
وأوضح استطلاع الرأي أن 51 بالمئة من البريطانيين يريدون الآن البقاء في الاتحاد الأوروبي بينما يريد 41 بالمئة الخروج من الاتحاد، وتعكس النتيجة تراجعا عن العام الماضي في المؤيدين للبريكست.
وقال العضو في مجلس العموم عن حزب العمال، كلود موريس: «هناك تقليل من أهمية المرحلة الثانية من التفاوض مع أوروبا، لكنها المرحلة الأصعب، فالمرحلة الأولى كانت حول ترتيبات الطلاق لكنها لم تكن عن تفاصيله».
تحديات المرحلة الجديدة
بعد أن توصلت بريطانيا لحلول بعض القضايا مع الاتحاد الأوروبي والتي شكلت، لفترة زمنية طويلة، عائقًا أمام استكمال المحادثات، تشير توقعات بأن تطرح المفوضية الأوروبية في 20 ديسمبر مشروع مذكرات للتفاوض، يتيح بدء مرحلة المفاوضات الجديدة اعتبارا من يناير المقبل.
وأكد رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أن الأولوية الأولى حاليًا للاتحاد هي تحويل ما توصلت إليه المرحلة الأولى من المفاوضات إلى اتفاق رسمي قبل الانتقال إلى المرحلة التالية.
وتواجه ماي، خلال المرحلة المقبلة من المفاوضات، تحديات عدة أبرزها القضايا الجديدة التي ستتم مناقشتها، وأبرزها اتفاقية التجارة، والعلاقات الأمنية، بالإضافة إلى تحديات داخلية تتمثل في تشدد من أعضاء حزبها، لإقرار قوانين تتعلق بالبريكست.
موافقة البرلمان
وصوّت النواب بغالبية 309 أصوات مقابل 305 أصوات معارضة على تعديل قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، عشية قمة حاسمة للاتحاد الأوروبي.
ونص التعديل على القانون، على إدراج ضمانات قانونية تعطي النواب حق التصويت الملزم على أي اتفاق يتعلق ببريكست يتم توقيعه مع بروكسل.
من شأن القانون أن يعطل مسار المفاوضات التي تجريها الحكومة بقيادة ماي، مع قادة الاتحاد الأوروبي إلا بالرجوع إلى البرلمان، إلا أن النواب قالوا إنه يحمي من خروج بريطاني ناعم يبقي الحال مع أوروبا كما كانت، ويمنح بالمقابل بروكسل اليد العليا في إعادة صياغة الاتفاقيات التجارية مع بريطانيا.
مرحلة انتقالية لمدة عامين
حدد الاتحاد الأوروبي مع الحكومة البريطانية موعدا مبدئيا للخروج الرسمي من الاتحاد وهو 29 مارس 2019، إلا أن الاتفاقات ستتضمن مرحلة انتقالية عقب الإعلان الرسمي للخروج، تمتد لعامين.
ووضع الاتحاد شروطا مجحفة في حق بريطانيا تخص مدة العامين، التي ستظل فيهما بريطانيا تحت رحمة قوانين وقواعد الاتحاد؛ حيث يطالب بريطانيا بتنفيذ كل قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة خلال الفترة الانتقالية، دون أن تشارك في وضعها، بالإضافة إلى اتباع قوانين الاتحاد الأوروبي الجمركية خلال الفترة الانتقالية.
اتفاقية التجارة
تتصدر أولى المناقشات في المرحلة الجديدة من البريكست، اتفاقيات التجارة بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي؛ حيث تطمع ماي في «اتفاق جديد للتجارة الحرة» يمكنها من الانخراط في السوق الاوروبي كما لو أنها عضوة في السوق الأوروبية الموحدة.
وفي تصريحات سابقة لرئيسة الوزراء البريطانية، قالت «إنها تريد إقامة شراكة خاصة مع الاتحاد الأوروبي»، ولكنها استدركت موضحة أنها «تفهم أنه لا يمكن أن تنتقي بلادها ما يحلو لها في منطقة تجارة حرة تقوم على حرية حركة السلع والخدمات ورأس المال والأشخاص».
إلا أن توقعات تشير إلى أن قادة الاتحاد الأوروبي قد لا يمنحون بريطانيا ما تأمله في العلاقات التجارية بين بلدانهم وبريطانيا، خشية أن تكون فاتورة الانفصال عن الاتحاد تكون سهلة وتفتح الباب أمام خروج متتالٍ للأعضاء.
وفي حال فشل التفاوض بشأت اتفاقية خاصة بين الطرفين، فإنه سيتعين على الالتزام باتفاقيات منظمة التجارة العالمية، والتي لا تعطي تفضيلا لدولة على حساب أخرى.
وقال سيمون تايلور، خبير بريطاني في المعهد الأوروبي للشؤون الخارجية: «ستكون مفاوضات المرحلة الثانية صعبة جدا لأن هناك صعوبات على طريق التوصل لاتفاق تجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي والجميع يعلم أن لندن لديها طموحات لتحقيق أفضل الظروف لتحقيق اتفاق تجاري، ولكن لا أعتقد أن الدول الـ27 الأخرى ستوافق على تحقيق الأمر بسهولة ووفقا لتطلعات لندن ومن هنا تأتي الصعوبة».
العلاقات الأمنية
وعلى غرار اتفاق التجارة، تسعى لندن إلى اتفاق أمني بمميزات خاصة، بعد انسحابها من «يوروبول» وكالة الشرطة الأوروبية.
ويتضمن الخروج من يوروبول، سحب المعلومات الأمني لبريطانيا، ما يشكل خطرا أمام تحديات مشتركة في مواجهة الدول الأوروبية، ولذا فمن المتوقع أن تسعى دول الاتحاد إلى اتفاقية تضمن تبادل معلومات بين الطرفين ما بعد الانسحاب.