قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن القدس مدينة مقدسة اجتمع فيها العديد من العوامل التي بوأتها مكانة عالية في قلب كل مسلم، كونها المدينة التي خصها الله تعالى بجعل مسجدها الأقصى مسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأضاف، في حديثه الأسبوعي على الفضائية المصرية، أن القدس والمسجد الأقصى على نفس قدر قدسية وتعظيم المسجد الحرام والمسجد النبوي، وكما يجوز للمسلم أن يرحل إلى مكة للصلاة بالمسجد الحرام، وإلى المدينة للصلاة بالمسجد النبوي، يجوز له أن يرحل للصلاة بالمسجد الأقصى، ولا يفهم من ذلك -كما يفهم النصيون والحرفيون- أنه لا تشد الرحال لزيارة قبور الصالحين، فشد الرحال للصلاة والعبادة شيء وشد الرحال للزيارة والاعتبار شيء آخر، فالحديث لا يؤخذ منه تحريم شد الرحال للزيارة، وإلا كان يمنع من شد الرحال مطلقا.
واستشهد بقول الله تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير»، ومنها بدأ العروج إلي السماء، وأن مسجدها الأقصى هو أولى القبلتين اللتين صلى إليهما المسلمون 16 شهرا، أو 17 شهرا، حتى نزل التوجيه الإلهي بالتوجه نحو البيت الحرام بمكة.
وأوضح أن التاريخ يكذب هذه المزاعم التي يذيعها اليهود في إعلامهم وأدبياتهم؛ فقد ثبت تاريخيا أن العرب اليبوسيين هم أول من استوطن هذه المدينة، وسميت باسمهم «يبوس» وهم من بطون العرب الأوائل، الذين نشأوا في صميم الجزيرة العربية ثم انتقلوا إلى مدينة القدس، كما سميت بأرض كنعان، والكنعانيون عرب كذلك، وكان ذلك قبل سنة 3000 من الميلاد، ثم دخلت في حكم بني إسرائيل على يد داود عليه السلام عندما غزا هذه المدينة في القرن العاشر قبل الميلاد، فعمر عروبة المدينة يزيد الآن على 6 آلاف عام، وظل الوجود العربي متصلا عبر هذا التاريخ.
وأشار إلى أن الوجود اليهودي في عهدي داود وسليمان لم يتعد 415 سنة! وهذه المدة بالنسبة لـ6 آلاف سنة قبل الميلاد حتى الآن لا تساوي شيئا بما يعني أن ادعاء اليهود بأحقيتهم في القدس ادعاء باطل، وهم يعلمون هذا الكلام، ومن أجل ذلك هم يزيفون الحقائق والتاريخ حيث لا مستند لهم إلا التزييف، والتزييف دعمته سياسات عالمية أخيرا لأجل المصالح.
وأكد «الطيب»، أن اليهود يتناسون أنهم منذ احتلالهم القدس سنة 1967م قد قلبوا باطن الأرض بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي وحوله؛ فلم يجدوا حجرا واحدا يثبت أنه قد كان في هذا المكان معبد يهودي في يوم من الأيام، مشيرا إلى أنه على فرض أنهم كان لهم معبد في القدس في غابر الأزمان يزعمون أن سليمان بناه للرب في القرن العاشر قبل الميلاد، فهل يمكن أن يعاد رسم خرائط الدول وحدود الأوطان وملكيات الشعوب والجماعات البشرية، بناءً على أن أجدادها القدماء كان لها معابد في بعض الأماكن والبقاع؟
وشدد الإمام الأكبر على ضرورة تعريف أبنائنا في الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعة بقضايا القدس أو قضايا فلسطين؛ لأن هذه القضايا بالنسبة لهم قضايا مجهولة وتاريخها مجهول حيث لا يوجد مقرر واحد يركز على هذا المكان المقدس الذي أهمل تماما.
وبيّن أن استناد اليهود إلى نصوص من أسفار التوراة لإثبات أحقيتهم في الأرض الفلسطينية، يبطله أننا إذا نظرنا إلى الأدلة التي يستندون إليها في التأسيس لما يسمونه «وعد الله» هذا الوعد الإلهي بزعمهم لإبراهيم عليه السلام ونسله بامتلاك الأرض المقدسة، ينسبونه إلى نصوص وردت في «سفر التكوين» ومنها: قول الرب لأبرام بعد اعتزال لوط له: “ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا؛ لأن جميع الأرض التي أنت ترى أعطيها لك ولنسلك إلى الأبد” (سفر التكوين 13: 14،15).