أعاد مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، ترتيب الأوراق لأطراف النزاع في اليمن، خاصة وأن الفترة التي سبقت إعدامه على يد الحوثيين، حملت تغيرات كبيرة وتبدل واضح للمواقف بينهم.
وفتح مقتل صالح، أمام المحللين والسياسيين، بابا واسعا من التوقعات لمستقبل الصراع في اليمن وشكل التحالفات وموازين القوى خلال الفترة المقبلة.
شكل الصراع
قبل مقتل صالح، بدأت الخلافات تدب بين أطراف الانقلاب في اليمن، «جماعة أنصار الله» وصالح وحزبه «المؤتمر»، وقع على إثرها اشتباكات دامية في صنعاء، كانت الغلبة فيه في البداية للرئيس المخلوع الذي أعلن سيطرته على عدد من المؤسسات الحكومية، منها وزارة الدفاع والجمارك والنقل، إلا أنه سرعان ما انقلب الأمر وبدأ الحوثيين بالرد بشدة.
جاء مقتل صالح سريعا، بعدما أعلن استعداده لحوار وفتح صفحة جديدة مع دول الجوار، فيما أعلن التحالف في بيان سريع، تأييده لتحركات صالح ضد الحوثيين ومحاولة التمدد الإيراني في اليمن، وفتح باب من التوقعات لتحالفات جديدة، ليأتي مقتل صالح، ويطرح تغيرات على شكل الصراع في اليمن، وسيناريوهات المواجهة.
وقال عدنان العديني نائب رئيس الدائرة الإعلامية في التجمع اليمني للإصلاح، إن هناك العديد من السيناريوهات المطروحة إلا أن واحدا فقط هو القادر على حسم المعركة لصالح دولة اليمن.
وأوضح العديني في تصريح لـ«رصد»، أن السيناريو الوحيد هو «أن تتقدم القوات اليمنية والقادمة من مأرب نحو صنعاء بالتزامن مع انتصارات في تعز» لافتا إلى أن «أي سيناريوا آخر سيكون غير مجدي ولن يثمر استقرار حقيقي في اليمن»
السيناريو الذي طرحه العديني يتوافق مع ما طرحه الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور، في بيانه الذي ألقاه على خلفية مقتل صالح،حيث أكد أن «الجيش المرابط على حدود صنعاء سيدعم الانتفاضة».
دور التحالف العربي
وتلقى الرئيس المخلوع من التحالف العربي، سواء سياسيا ببيانات رسمية مؤيدة وصفت تحركاته بـ «الانتفاضة المباركة»، ودعم عسكري جاء في صورة غارات جوية على صنعاء بالتزامن مع تحركات صالح على الأرض، إلا أن هذا الموقف يضع تساؤلات حول دور التحالف خلال الفترة المقبلة.
المعركة حاليا في اليمن أصبح لها طرف انقلابي واحد، وسط توقعات بتراجع لميزان قوى «المؤتمر» بعد مقتل صالح، ويرى العديني، أن المعركة حاليا تعني التحالف بالدرجة الاولى، «لأن أمن الخليج مرتبط بأمن اليمن واستمرار صنعاء في قبضة الحوثي ذراع ايران سيهدد أمنهم».
وأوضح نائب رئيس الدائرة الإعلامية في التجمع اليمني للإصلاح، أن المطلوب حاليا من التحالف « استمرار دعم القوات المسلحة اليمنية حتى دخول صنعاء وتحريرها».
نفق مظلم
وفي الوقت ذاته، راودت السياسيون مخاوف حول مصير مظلم لليمن، بعد تغير معالم الأزمة، وحذرت صحيفة «نيويورك تايمز» الدخول في صراع طويل في اليمن، لافتة إلى أن مقتل صالح سيشكّل نقطة تحوّل في الحرب الجارية في اليمن، خاصة أنها قد تؤدّي إلى إنهاء التحالف بين حزبه، المؤتمر الشعبي العام.
أما الجارديان البريطانية، فتوقعت أن يكون مقتل علي عبد الله صالح بهذه الطريقة على يد الحوثيين الموالين لإيران، قد يدفع السعودية إلى ردّ فعل حازم ضد التغلغل في اليمن.
الحوثيون بفضل صالح يحتكمون الآن إلى قوة عسكرية لم يسبق أن تنعموا بها قبل تحالفهم مع المؤتمر، ما يشير إلى أن الصراع القادم سيكون أشد وافتك عن ذي قبل، خاصة مع توقعات بردود أفعال قوية من التحالف بعد أن أصبح عدوهم واحد.
المؤتمر في الصورة
وبحسب مراقبون فإن حزب المؤتمر سيتأثر بشدة بمقتل صالح من دون شك، حيث تشير التوقعات لتراجع دوره بشكل كبير خلال الفترة المقبلة أو أن يتقدم بثياب الشرعية بعد أن يترأسه الحاكم الفعلي عبد ربه منصور.
وأصدر حزب المؤتمر بيانين متتالين تعليقا على مقتل صالح، شدد خلالهما على أن الحزب سيقود الفترة القادمة التحركات ضد الحوثيين، مؤكدا أن قيادته ستظل في حالة انعقاد دائم بالعاصمة صنعاء، وستطلع قيادات وكوادر المؤتمر على المستجدات أولا بأول.
ودعا الحزب قيادات وكوادر وأعضاء المؤتمر في صنعاء ومختلف المحافظات إلى التماسك والثبات والتحلي بالصبر، وأن يكون الجميع يدا واحدة وصفا واحدا في الحفاظ على وحدة المؤتمر، الذي وصفه بـ«التنظيم الرائد» المرتبط بتربة الوطن.