شرح خالد الخاطر، المتخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، كيفية إفشال استراتيجية السعودية والإمارات لضرب العملة القطرية والإيقاع باقتصادها عن طريق تخفيض قيمة سنداتها وزيادة كلفة تأمينها، وكيف عادت بنتائج عكسية على العملات الأخرى المرتبطة بالدولار في المنطقة، كما نشرت «شبكة الجزيرة».
وأضافت الشبكة، وفق ما ترجمت «رصد»، أنّ خالد مهندسُ السياسة النقدية القطرية في الأزمة المالية العالمية عام 2008، ويعمل في البنك المركزي القطري وحاليًا في إجازة منه ببريطانيا.
وعلى الرغم من أنه لم يسمِّ الدول التي وقفت وراء هذه الاستراتيجية؛ فتسريبٌ من بريد السفير الإماراتي في واشنطن «يوسف العتيبة»، كشفه موقع «إنترسبت»، أظهر أنّ أبو ظبي خطّطت لقيادة حرب مالية ضد قطر شملت هجومًا على العملة القطرية عبر التلاعب في السندات.
وقال «إنترسبت» إنّ الخطة، التي حصل عليها من مجموعة تسمى «جلوبال ليك»، استعانت فيها الإمارات ببنك «هافيلاند» الخاص (في لوكسمبورج) ومملوك لأسرة رجل الأعمال البريطاني المثير للجدل ديفيد رولاند.
وتقوم الخطة على أساس تخفيض قيمة سندات قطر وزيادة كلفة تأمينها، مع هدف نهائي يتمثّل في خلق أزمة في العملة من شأنها أن تستنزف احتياطات النقد في البلاد، وتشترك السعودية مع الإمارات في وضع هذه الاستراتيجية.
خفض أسعار السندات القطرية بفعل فاعل
قال خالد الخاطر إنّ جزءًا من الاستراتيجية الرامية إلى تقويض سعر صرف الريال القطري هي تداول سنداتها الحكومية بأسعار منخفضة للغاية بشكل مصطنع؛ لإظهار أنّ الاقتصاد القطري في مأزق، وفشلت هذه الاستراتيجية لأنّ سوق السندات القطرية غير سائل؛ لذا التداول كان صعبًا، ولأن قطر اتخذت إجراءات وقائية فكان الأمر أكثر صعوبة عليهم.
وأضاف: إنها حرب اقتصادية متعمدة، وهي استراتيجية تسبب الخوف والذعر بين جمهور المستثمرين؛ غرض زعزعة الاقتصاد القطري.
احتياطات الغاز والبيع بالريال القطري
وقال الخبير الاقتصادي إنّ قطر تعد من أكبر مُصدِّري الغاز الطبيعي المسال في العالم، ومن الممكن أن تتلقى المدفوعات بالعملة القطرية بدلًا من الدولارات؛ ما من شأنه أن يخلق طلبًا عالميًا على عملتها، مؤكدًا أنه لا يوجد خطر من انخفاض قيمة العملة.
ويعتقد معظم المحللين أنّ الاقتصاد القطري باحتياطاته المرتفعة من الغاز والأموال لن يتأثر بهذه المحاولات أو بأيّ عواصف اقتصادية. ولا يوجد خطر من تخفيض العملة القطرية، ويبلغ سعر الدولار بالريال القطري 3.64 بشكل رسمي منذ عام 2001.
وقال محافظ البنك المركزي «الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني»، الموجود في منصبه منذ عام 2004، في تصريحات الشهر الماضي، إنّ الحكومة والبنك المركزي يستطيعان دعم النظام المصرفي، بجانب احتياطات الدولة وصندوق الثروة السيادية القطري.
البنوك الخارجية والتلاعب في الأسعار
أكد خالد أنّ انخفاض سعر الريال القطري في السوق الخارجية لدى بعض البنوك تقف وراءه الدول التي تقاطع قطر (لم يسمّها باسمها)، موضحًا أنهم تلاعبوا في السوق عبر تبادل العملة عند مستوياتها الضعيفة، أقل من سعرها في الأسواق الداخلية؛ لكنه لم يقدّم أدلة.
واستقر سعر الريال القطري الأسبوع الماضي في السوق المحلية عند المقرر له 3.64 دولارات؛ وعند تداوله الأسبوع الماضي في السوق الخارجية وصل عند مستوى 3.8950 دولارات.
التأثير على سوق الأسهم: قال مؤشر أسعار الأسهم «إم إس سي آي» إنّ هذه الفجوة قد تستخدم أسعار الصرف الخارجية لحساب قيمة سوق الأسهم القطرية؛ وهو أمر قد يغير وزن الأسهم القطرية على المؤشر.
وردّ البنك المركزي القطري قائلًا إنه سيوفر احتياجات العملة لجميع المستثمرين، ويعمل أيضًا مع البنوك لضمان إجراء المعاملات بشكل طبيعي.
تدمير مشترك
أسعار النفط: لأنها مرتبطة بالدولار في جميع أنحاء المنطقة، من الممكن أن تتأثر الولايات المتحدة هي الأخرى بأي تلاعب فيها، وهي تعاني فعلًا من ضائقة مالية وصعوبات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط، ووصف الهجوم على الريال القطري بأنه «تدمير متبادل».
عملة البحرين: يقول خالد إنّ أيّ زيادة في الضغط على العملة في البحرين، المصنفة ديونها بأنها غير مرغوب فيها، يمكن أن يدفع المنامة إلى الحصول على الدعم من المملكة العربية السعودية، التي يعاني اقتصادها من عجز كبير في ميزانية الدولة؛ بسبب ثلاث سنوات من انخفاض أسعار النفط.
الاكتفاء الذاتي: قال خالد إنّ المقاطعة أجبرت قطر على أن تكوّن اكتفاء ذاتيًا في الزراعة وتجهيز الأغذية والصناعات الخفيف؛ ما ساعد على تحقيق هدفها الطويل الأجل بتنويع الاقتصاد، مضيفًا أنّ المقاطعة «أجبرت على قطر أن تسرع فيما هو ضروري».