تمر المصالحة الفلسطينية، بمرحلة مخاض صعبة، عقب عدة تصريحات متبادلة بين حركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، وحركة فتح، تنذر بانتكاسة قد تشهدها الاتفاقات بين طرفين، بعد تنازلات قدمتها حماس من أجل رفع العقوبات عن قطاع غزة، وفك الحصار المفروض عليها، دعتها للحديث عن «قلب الطاولة» إذا ما نفذت فتح الاتفاق.
ومع اقتراب موعد الأول من ديسمبر، والمتفق عليه لاستعادة السلطة الفلسطينية كامل السيطرة على القطاع، تنذر تصريحات مسؤولي فتح بأزمة عقب التليمح بإمكانية إرجاء الموعد، ما دعا إلى توجيه اتهامات بضغوط أميركية على الحكومة من أجل إفشال المصالحة.
تصريحات واتهامات متبادلة
وبدأت حماس تصعد من لهجتها ردا على التصريحات التي تطلقها الحكومة الفلسطينية، بشأن عدم تمكينها حتى الآن من إدارة القطاع، لافتين إلى أن ما تمر به المصالحة هذه الأيام أمور غير مبشرة أو مطمئنة لتطبيقها.
وقال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة غزة، إن كافة الفصائل أجمعت على تطبيق اتفاق المصالحة لعام 2011، إلا أن حركة «فتح «طالبت بتمكين الحكومة في غزة فقط. وقال إن فتح وضعت شروطا جديدة لإتمام المصالحة، تخالف ما جرى التوصل إليه. واتهم أطرافا فيها بأنها تريد «الانقلاب» على عملية المصالحة.
وأضاف الحية «قادرون على قلب الطاولة ولكن نحن ملتزمون بالمصالحة».
وفي المقابل تطلق الحكومة الفلسطينية، وقادة حركة فتح، تصريحات حول عدم تمكين الحكومة حتى الآن من القيام بدورها في القطاع، وتعرقل رفع العقوبات على القطاع.
وأثارت تصريحات وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ يوم الأحد، بأن حكومة السلطة الفلسطينية تولت السيطرة فقط على 5% من قطاع غزة، غضبا، حيث عقب عليها صلاح البردويل، العضو الرفيع في بعثة حماس للمفاوضات مع فتح، قائلا «استلمتم الوزارات و السلطات و المعابر، بينوا للشعب بالأرقام ما هي الـ 95% التي لم تستلموها».
ومن جهته لفت عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية للحركة، ورئيس وفدها إلى حوارات المصالحة، في تصريحات له إلى أن إنهاء الانقسام الفلسطيني بعد11 سنة بحاجة إلى وقت ولن يتم بين يوم وليلة.
وفي الوقت ذاته قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، الاحد الماضي، إن تمكين الحكومة في قطاع غزة هو تمكين شكلي وكل إجراءات استلامها لمهامها في القطاع شكلية.
وعبر نشطاء عن غضبهم من تصريحات السلطة، واعتبروها ابتزاز لأهل غزة المنهكين من سنوات الحصار من أجل مكاسب سياسية، لافتين إلى أن مصطلحات جدية بدأت تطلقها فتح لعرقلة اتمام المصالحة، منها «تمكين شكلي» «تمكين الحكومة».
ودعا الحية مصر الضامنة للاتفاق الموقع بين الطرفين، إلى التدخل وتحديد الطرف المعطل لتنفيذ تفاهمات المصالحة، وإعلان ذلك حتى يتحمل المسؤولية، مضيفا أن الحركة «قدمت كل التنازلات وبمرونة عالية لدفع تنفيذ المصالحة وإنهاء معاناة قطاع غزة».
اتفاق فصائل بلا مخرجات
ويم الأربعاء الماضي، فشلت الفصائل الفلسطينية، في إخراج بيان ختامي، يحقق أهداف المصالحة، ويبني خطوات فعالة ونفاذة، لاتمامها، فخرخ خالي من أي تفاصي او مواعيد لاتمام البنود، بما لا يشير إلى انفراجات أو تسهيلات لقطاع غزة .
وعلق البردويل على نتائج الاتفاق، قائلا « عملنا بكل ما لدينا من قوة من أجل أن نعود بنتائج عملية من رفع للعقوبات، وفتح للمعابر والتقدم في مجالات المصالحة، إلا أننا للأسف لم نستطع أن نحقق ذلك»، قبل أن يتراجع ويعتذر عنه وسصفه بأنه تصريح غير دبلوماسي.
ومن جهته أكد الحية، أن هناك ضغوط أميركية وصهيونية، وإغراءات للمال تتعرض لها فتح من أجل إفضال المصالحة، وطالبهم بعدم الرضوخ لها، وعدم التذرع بالملف الأمني، وقال «نحن جاهزون لتطبيق ملف الأمن بالكامل، ولنعمل على وضع آليات للتطبيق وفق اتفاق أكتوبر الماضي، وليأتي وفد أمني من الضفة وليلتقي بوفد أمني في غزة».
ملفات الأزمة
ولا تزال أبرز 3 ملفات تمثل عقبة في سبيل مضي المصالحة، تتعلق بـ «سلاح المقاومة والموظفون والأمن»، بالإضافة إلى إصرار حماس على رفع العقوبات على القطاع، كبيان لحسن نية الحكومة في المضي قدما باتخاه اتمام الاتفاقات.
وفيما يتعلق بملف الموظفين، قال الحية «الموظفون (الذين وظفتهم حماس وعددهم نحو 40 ألفا) خط أحمر لا نقبل تجاوزه بأي حال من الأحوال».
وطالب الحية كل الأطراف بـ «الكف عن الحديث في ملف سلاح المقاومة»، مؤكدا «سلاح المقاومة لا يقبل القسمة ولا الحديث عنه بأي حال من الأحوال، وكل الخطوط الحمراء تحته. هذا السلاح لن يمس وسينتقل إلى الضفة الغربية لمقارعة الاحتلال».
وفي المقابل قال الناطق باسم فتح أسامة القواسمي للجزيرة اليوم الثلاثاء إن سلاح المقاومة «فعلا خط أحمر»، متابعا «أن حركته لم تطرح أبدا موضوع نزعه على طاولة الحوار، وأن فتح حركة مقاومة وتعرف قيمة ذلك السلاح»، على حد تعبيره.
وأوضح القواسمي أن فتح لم تسمع عن نزع سلاح المقاومة إلا في وسائل الإعلام من قادة حماس. وأضاف أن ما تريد الحركة أن تبحثه مع حماس هو موضوع الأمن، مشددا على أن الحكومة الفلسطينية لن تستطيع أن تعمل وتنفذ مشاريعها وخططها الأمنية في قطاع غزة إذا كانت بلا ذراع أمنية.