نشرت صحيفة «ميدل إيست آي»، مقالا لـ«بيلين فرنانديز»، مؤلفة كتاب «رسول الإمبريالية: توماس فريدمان أثناء عمله»، مقالا حول خطة ولي العهد «ابن سلمان» لتجويع اليمن، على غرار ما فعل هتلر في القرن العشرين، واستخدامه لاستراتيجية الجوع، لمحاربة الاتحاد السوفيتي، وهي الخطة التي انقلبت عليه في النهاية وطبقتها بريطانيا على ألمانيا، وتسببت في هلاك أكثر من 750 ألف مواطن ألماني.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أشارت الكاتبة إلى أن هناك تواطئ دولي ولا سيما تواطؤ أمريكي، فيما يفعله «ابن سلمان» باليمن، مشيرة إلى أن هذا التواطؤ يعطيه الفرصة للمساهمة في تعميق «أسوأ كارثة إنسانية» باليمن، إلى جانب مساهمة مراكز الأبحاث والصحف الأمريكية، التي تعمل على إظهار آل سعود بأنهم إصلاحيين ومبداعين، واتخذت الكاتبة، الروبوت «صوفيا» لعقد مقارنة بين ما تدعيه السعودية وما هو موجود على أرض الواقع.
واستطردت بيلين: أطلقت السعودية الشهر الماضي لغزا جديدا مضحكا، حيث منحت الروبوت «صوفيا» الجنسية السعودية، وهي خطوة يفترض أن تهدف إلى زيادة «حداثة وتقدم» السطات السعودية المستبدة.
وفي مقابلة أجرتها مؤخرا مع صحيفة «الخليج تايمز» الصحيفة الإماراتية، تكهنت صوفيا، بأنه من الممكن جعل الروبوتات أكثر أخلاقية من البشر، وأن هناك خيارين فقط للمستقبل، «إما أن الإبداع سوف يطرأ علينا، مثل اختراع آلات متسامحة وفائقة الذكاء، أو انهيار للحضارة».
والعديد من أفراد المجتمع العالمي الآن، يتصدرون حاليا لقضايا أكثر دنيوية، مثل كيفية البقاء على قيد الحياة تحت القفص والحصار الذي تقوده السعودية ضد اليمن المجاور، هناك قد يتم غفران للسكان، إيمانهم بأن الحضار انهارت فعلا.
المجاعة المقبلة
السعودية نسيت الإبداع، وأقدمت هي وشركائها على تدمير أفقر بلد في العالم العربي، اليمن، بالإضافة إلى مساهمتها في التحضير للمجاعة الوشيكة بها.
وأوضحت الكاتبة، أن للإمارات دورا أساسيا أيضا في ذلك، فهي لها مجهود حربي أساسي في الحرب الدائر هناك، وهي دولة تسعى إلى إخفاء جوهرها الوحشي، وراء قناع التنمية والحداثة والمباني المبهجة والمراكز التجارية ومنحدرات التزلج.
وأشارت إلى أن المساهم في الحرب من جانب السعودية، أيضا، كانت أكثر عدائية، حيث أشارت مجلة «نيويوركر»، إلى أن القوات المسلحة السعودية المدعومة بأسلحة أمريكية قيمتها أكثر من 40 مليار دولار المأذون بها من غداراتي ظاوباما وترامب، قتلت آلاف المدنيين في غارات جوية باليمن.
وأكدت أنه بذلك، تكون الولايات المتحدة، مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الكثير من الأعمال الوحشية التي تقوم بها دولتي الإمارات والسعودية، بما في ذلك هجمات طائرات الدرون، او الطائرات دون طيار على حفلات للزفاف، وهي أحداث موثقة.
إلا أن المجاعة التي تساهم فيا تلك الدول، أكثر من أي شئ، هي عكس ما تدعيه من حداثة، لا يوجد في التقدم أن تتسبب في مجاعة أناس.
لنفكر على سبيل المثال في كلمات «فيجتيوس»، الخبير العسكري الروماني في القرن الرابع، الذي كان واضحا جدا منذ 17 قرنا أو أكثر من ذلك، حيث قال «أفضل طريقة لإخضاع العدو هي، المجاعات والغارات والإرهاب، أكثر من خوض معركة يلعب فيها الحظ دورا أكبر من الشجاعة».
خطة التجويع النازية
وشهدت فترات الحرب الأخيرة، استخدام «التجويع» كسلاح، ففي كتاب نشر في يونيو 2017 بلندن، تحت عنوان «النازيون استخدموه وكذلك نحن»، شرح أليكس دي وال، استراتيجية «التجويع» باعتبارها «آداءة فعالة للقتل الجماعي» في الحرب العالمية الثانية، وكان التجويع القسري بحسب الكاتب، أحد أدوات محرقة هتلر، وشرع النازيون في رسم خطة واستراتيجية للتجويع لتطبيقها على قطاعات من الاتحاد السوفيتي.
ومن المثير للإهتمام أن ولي العهد «ابن سلمان»، أشار إلى هتلر في بعض أحاديثه، كما أكد «ليو تيمس» محرر الشؤون الخارجية بصحيفة «نيويورك تايمز»، حيث شبه ابن سلمان، المرشد الإيراني آية الله الخميني، بأنه «هتلر الجديد في الشرق الأوسط»، وأضاف: لا نريد هتلر جديد في إيران، لا نريد تكرار ما حدث في أوروبا للشرق الأوسط.
إلا أن خطة النازيين في القرن العشرين، انقلبت عليهم، حيث توفي حوالي 750 ألف ألماني بسبب الجوع، بعد الحصار الذي فرضته عليهم بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى، وأشار أيضا إلى أن الولايات المتحدة، استخدمتها في محاربة اليابانيين عام 1945، وأسمت عملية جوية ضد اليابان باسم «التجويع».
وإذا أردنا رؤية نماذج حديثة لتلك الخطط، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا، هي عقوبات الأمم المتحدة التي فرضتها على العراق في أوائل التسعينيات، وأشارت التقديرات إلى أن حوالي نصف مليون طفل عراقي لقوا حتفهم بسبب الجوع، كما قالت «مادلين أولبرايت» سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحد، في تعليقها على نتائج العقوبات، وقال «اعتقدنا أن الثمن يستحق ذلك».
وكان عالمان أمريكيان تابعان لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، تناولا في صحيف «نيويورك تايمز» مقالة عام 1995، تأثير العقوبات على العراق، مثل الزيادة الكبيرة في الإصابات بالهزال بين الأطفال العراقيين، وهو أمر يتطلب اهتماما عاجلا.
كما نقلت صحيفة «التايمز» عن مؤلفي التقرير، إن الذراع الإنسانية للأمم المتحدة تقدم مسكنات من أجل تخفيف المعاناة، في حين أن مجلس الأمن عازم على مواصلة العقوبات.
الصحافة المسلحة
بالعودة إلى المستقبل العام الجاري 2017 الجاري، خرجت تحذيرات عاجلة من الأمم المتحدة تحذر من كارثة وشيكة ستؤثر على الملايين في اليمن، وبالعودة إلى صوفيا، ربما هي على حق بخصوص الأخلاقيات التي تحدثت عنها.
وأشارت أيضا إلى حادث الروضة، بمثابة فرصة ذهبية لدول التحلف الإسلامي المكون من 40 دولة إسلامية بقيادة السعودية، حيث أفادت «رويترز»، أن ولي العهد «ابن سلمان»، أعلن في اجتماع عقده في الرياض يوم الأحد، عن حشد أكبر كيان لمكافحة الإرهاب، وقال إن الهجوم في مصر مؤلما جدا، وأن الإرهاب والتطرف لا يهدد الأبرياء فقط أو نشر الكراهية، بل تشويه متعمد لديننا وسمعتنا.
«هي نقطة جيدة وعادلة بما فيه الكفاية، لكن ليس بالنسبة لشخص يشن حربا حالية في اليمن».
ولحسن الحظ السعودية وشركائها، فإن التواطؤ الأميركي في مساعيهم الإجرامية أمر مضمون إلى حد كبير، طالما أن عائدات النفط فضلا عن المساهمات في التوترات الإقلمية وصفقات الأسلحة، مازالت مستمرة.
مضمون إلى حد كبير طالما أن عائدات النفط السعودية – ناهيك عن المساهمات في الفوضى الإقليمية – لا تزال تترجم إلى مبالغ كبيرة لصناعة الأسلحة الأمريكية.
ويساعد المؤسسة السياسية الأمريكية، وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث، التي تصور أبناء الملكية السعودية، بأنهم مبدعين ورائدي إصلاح، على سبيل المثال في المقابلة التي اجريت مع «ابن سلمان» والتي أشرنا إليها، تعمد فريدمان، التقليل من لكارثة الإنسانية في اليمن، وكان يظهر أن ما يفعله، هو «تبييض» لما يقوم به ابن سلمان.
هو نفسه فريدمان، الذي قال من قبل، إن مشكلة السعودية ليست الديمقراطية، بل مشكلتها وجود الكثير من الديمقراطية فيها، وتشمل مآثره الأخرى المشكوك فيها، قوله بعد زيارة اليمن في 2010 ومضغه القات، إن كل صاروخ نطلقه على اليمن لمحاربة القاعدة، يجب أن نبني بعده 50 مدرسة جديدة.