مرت ثلاثة أيام على عملية الهجوم «مسجد الروضة» ولم تعلن أي جهة مسؤليتها عن الهجوم ، باستثناء خبر متداول عن تبنى بيت المقدس للهجوم ولم يتسنى التأكد منه ولا العثور على بيان الجماعة . وكان من اللافت للنظر خروج العديد من التنظيمات المسلحة في سيناء، لتعلن عن استنكارها للحادث، وتهاجم المنفذين، وتعزية ذوي الضحايا، الأمر الذي أثار التساؤلات حول حقيقة المتورط والمستفيد من هذه العملية، وهل هناك أصابع لجهات أمنية بهذا الهجوم؟
تلميح لتورط القوات المسلحة
كشف شيخ قبائل شمال سيناء، تفاصيل جديدة عن هجوم مسجد الروضة، الذي وقع الجمعة، وراح ضحيته أكثر من 300 قتيل.
وقال الشيخ عيسى الخرافين، خلال لقاء ببرنامج 90 دقيقة على قناة «المحور»، إن أحد العناصر المهاجمين، بعد الانتهاء من العملية، اتصل بشخص آخر وقال له: «تمام يا ريّس»، مضيفا أن القائد طلب منه العودة وإطلاق النار على المصلين حتى نفاد الذخيرة، وهو ما فعله العنصر المهاجم.
وفي تلميح غير مباشر حول تورط جهة أمنية بالهجوم، قال الخرافين: «التنظيمات الإرهابية تستخدم كلمة الشيخ، أو الأمير في مخاطباتها، وليس يا ريّس»، مضيفًا : «هذه الكلمة أهديها للقوات المسلحة والمخابرات الحربية.. فلتبحث عن هذا الموضوع».
وبحسب الخرافين، فإن العناصر المهاجمة بلغ عددهم 14 شخصا، خمسة منهم ملثمون، مرجحا أن يكونوا من أبناء سيناء.
وأشار إلى إن خمس سيارات دفع رباعي كانت تنتظر المهاجمين خارج المسجد، وبداخل كل سيارة السائق، وعنصر آخر كان يترصد الفارين من المسجد للإجهاز عليهم.
وكان مسلحون هجموا على مسجد الروضة ببئر العبد بالعريش، شمال سيناء أثناء صلاة الجمعة
تنظيم القاعدة يتبرأ
وأعلنت جماعة «جند الإسلام»، الموالية لتنظيم القاعدة، تبرأها من عملية «مسجد الروضة»، وأكدت الجماعة في بيان لها، أنها تستنكر استهداف المساجد والمواطنين الآمنين.
وقالت الجماعة، في بيان أصدرته جاء جزء من نصه: «إننا في جماعة جند الإسلام نعلن براءتنا واستنكارنا الشديد لعملية التفجير التي حدثت بمسجد قرية الروضة التابعة لمركز بئر العبد بمحافظة العريش بشمال سيناء موقعة عشرات القتلي والمصابين كما نعزي إخواننا وأخواتنا أهالي وذوي القتلى غفر الله لهم وأسكنهم فسيح جنانه سائلين الله أن يلهمهم جميل الصبر وأن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل».
وأضافت الجماعة: «نؤمن بعظيم حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ونسعى من من خلال جهادنا لصونها» ممثلين قول الله عز وجل «وما لكم ألا تقاتلوا في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا».
الجدير بالذكر أن جماعة جند الإسلام هي جماعة انشقت عن تنظيم الدولة بمنطقة سيناء لاختلافها مع التنظيم في عدة أمور عقائدية وجهادية، من بينها رفض الجماعة الهجوم وقتل صغار الضباط والجنود أو قتل المدنيين، بينما لا يرى تنظيم الدولة أي مشكلة في قتل الجنود أو صغار الضباط أو قتل وتعذيب المدنيين والتمثيل بجثثهم.
وعقب انشقاق الجماعة أسمو أنفسهم بجماعة جند الإسلام وبايعوا تنظيم القاعدة وبعدها بدأو في مناهضة تنظيمالدولة بسيناء.
حركة حسم تنفي اشتراكها وتتهم النظام
فيما أدانت حركة سواعد مصر «حسم» التي تعد إحدى الحركات المسلحة في مصر، الهجوم الذي وصفته بالآثم على مسجد الروضة في العريش، محملة النظام في مصر مسؤولية الحادثة.
وأضافت فى بيان لها: «تتقدم الحركة إلى شعبنا المصري العظيم عامة وإلى أهلنا في سيناء خاصة بخالص التعازي والمواساة في ضحايا الحادث الأليم، ونحسبهم عند الله من الشهداء، وقد لقوا ربهم في بيت من بيوت الله».
وحملت نظام عبد الفتاح السيسي المسؤلية عن الحادث، وقال البيان إن «الحركة إذ تدين هذا الحادث، فإنها تُحمِّل هذا النظام العميل المسؤلية الكاملة عن دماء المصلين الأبرياء».
ووصفت النظام في مصر بأنه «دموي وخائن لشعبه المُفرط في أرضه، الذي دائما ما يدعو المصريين إلى الصبر على الجوع والفقر الشديد الذي أوصلهم إليه ويبرر لهم العيش بلا كرامة و انتزاع حريتهم مقابل أمنهم وحمايتهم».
وأشار البيان إلى أنه «بينما الحق الذي لا مراء فيه أن الشعب لم يجنِ من هذا النظام غير إراقة دماء أبنائه بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر الحديث حتى تحولت دعابة سوريا والعراق إلى حقيقة نحصيها في ثلاثمائة من أبناء شعبنا في تفجير مسجد فنهج الأنظمة العميلة أنه لا أمان للشعب وأن الدماء مستباحة مصلحة النظام العميل وحلفائه تروى بدماء الشعب المصري».
وختم البيان بالدعاء: «أن يرحم الله جميع شهداء هذا الوطن الحبيب وأن ينصر شعبنا العظيم في درب المقاومة فلا سبيل للحرية والكرامة إلا بالتخلص من هذا النظام العميل وإرساء العدل والمساواة بين جميع أبناء الشعب».
رشدي: ماذا يستفيد النظام؟
ومن جانبه لم يستبعد أسامة رشدي تورط النظام في الحادث، موضحا أن إعلان التنظيمات المسلحة في سيناء تبرئها من الحادث أمر طبيعي، لأنه ضد منهجها، وأن استهداف المدنيين ليس من طبعها، فهي تركز على الجيش والتنظيمات المسلحة، مشيرا إلي أن هذا الأمر يثير التساؤلات أيضا حول دخول جماعات مسلحة جديدة إلي مصر.
وأضاف رشدي في تصريح خاص لـ«رصد» :« إننا يجب أن نبحث عن المستفيد من هذة العملية وأهدافها ونتائجها، موضحا أن أهم نتائجها إخلاء سيناء من سكانها، وهو ضمن مخطط صفقة القرن التي يعمل عبدالفتاح السيسي على تنفيذها، مما تشير أصابع الاتهام إلي النظام وإسرائيل».
فيما توجه الاتهامات ايضا لتنظيم ولاية سيناء، الذي يتوسع في استهداف المدنيين، حيث لا توجد جماعات مسلحة في سيناء تستهدف المدنيين، مثل ولاية سيناء، حتى إن جماعة جند الإسلام أعلنت رفضها لاستهداف من وصفتهم بالدواعش للمدنيين منذ فترة طويلة، ويعتبر المسجد مقراً للطريقة الجريرية، والتنظيم يستهدف الصوفيين منذ العام الماضي بشكل كبير، منذ قتل اثنين من شيوخ الصوفية.
وطالب رشدي بتحقيقات شفافة من جهات مستقلة، من أجل كشف الحقيقة، وأن حديث عبدالفتاح السيسي عن القوة الغاشمة يكشف عن أنه لن يكون هناك تحقيقات، وأنه سيتم قتل مزيد من الضحايا، واتهامهم بالعملية دون تحقيقات شفافة، كما يحدث منذ 30 يونيو حتى الأن.
من جهته، تناول المحلل الاستراتيجي، عبدالحميد عمران، الموقف، وقال عبر صفحته في «فيسبوك»، بالنسبة لاتهام الإخوان المسلمين: «لا توجد لديهم دوافع لقتل أبناء نفس العقيدة والوطن»، مضيفا: «لو افترضنا خطأ بأنهم يفكرون بذلك، فإنهم لا يملكون قدرة التنفيذ، ولا توجد فائدة تعود عليهم».
وحول اتهام المسيحيين من جماعة (الأمة القبطية)، أكد عمران، أنه «لا توجد لديهم دوافع للقيام بهذا العمل الإجرامي، رغم بعض الخلافات والأطماع الكنسية، ورغم أن لديهم إمكانية التنفيذ، فلا فائدة تعود عليهم».
وعن اتهام تنظيم الدولة، رأى المحلل السياسي والعسكري، أنه «لا يوجد لدى التنظيم دافع لقتل مصلين في المسجد ولكن لديهم مصلحة في استهداف الجنود»، مؤكدا أن «لديهم إمكانية التنفيذ، لكن لا توجد فائدة تعود عليهم، وحتى لا يسيئوا إلى صورتهم السيئة أصلا».
وبالنسبة لما يثار من اتهام لعناصر القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، أكد عمران، أن «دحلان يعمل لحساب إسرائيل، وطبقا لتعليماتها وتعليمات من يدفع الثمن، بالتالي لا يوجد لديه دافع شخصي ».