بعد أن أفرز مؤتمر الرياض2، مخرجات جديدة أهمها التوافق على وفد موحد للتفاوض في جنيف 8 المقرر انعقادها نهاية الشهر الجاري، أتى تشكيل الوفد واختيار رئيسه مع تصريحات موسكو، ليبرز مدى النفوذ الروسي داخل صفوف المعارضة، وكيف يمكنها التحكم في مخرجاته عبر آلياتها.
وأتى المؤتمر المنعقد برعاية سعودية، بهدف توسيع صفوف الهيئة العليا للتفاوض وإعادة تشكيلها، ما اعتبره سياسيون، محاولة لدمج أفراد وجهات تتبنى وجهات نظر النظام وحليفها، مع خفض سقف المفاوضات وضمان لوجود الأسد في الانتقال السياسي.
مفاوضات تحقق أهداف روسيا
وأثار تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حول «الرياض2»، تساؤلات حول مدى النفوذ الروسي داخل المؤتمر، بعد أن أكد أن روسيا دعمت جهود السعودية الرامية إلى توحيد المعارضة السورية التي عقدت مؤتمرا في الرياض.
ودعمت روسيا نظام الاسد، من خلال تدخل قواتها في الحرب بينه وبين المعارضة، ما أدى إلى سقوط سريع لأماكن سيطرة المعارضة، وفي ذات الوقت تخرج في المفاوضات بصورة الدولة الضامنة والراعية للسلام.
وقالت صحيفة «التايمز» في افتتاحيتها أن مستقبل سوريا سيتم التوافق عليه من خلال المفاوضات وليس عبر المعارك، لافتة إلى أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلم هذا الأمر، وليس من الغريب أنه بعد عامين من قصف المعارضة السورية وتنظيم الدولة، فإنه يقدم نفسه على أنه وسيط خير».
واعتبرت الصحيفة أن محادثات السلام بالنسبة للرئيس الروسي هي امتداد للحرب، لكن بطرق أخرى، لتأمين وكيله الديكتاتور بشار الأسد، الذي كان تخصصه حتى الآن القتل والذبح الجماعي للمواطنين.
وأشار الإعلامي السوري فيصل القاسم، إلى تحكم الروس في مصير السوريين، في مقال له بعنونا «هل تركت روسيا شيئا للسوريين كي يقرروه بأنفسهم؟»، « أكثر ما يثير الضحك في التصريحات الروسية حيال الوضع السوري أن الكرملين يكرر باستمرار أن السوريين وحدهم سيقررون مصير النظام والرئيس، مع العلم أن من يقرر كل شيء في سوريا الآن هم الروس بآلتهم العسكرية الجبارة».
توافق على رئيس الوفد
واختارت المعارضة السورية الرئيسية، الجمعة، نصر الحريري رئيساً جديداً لوفدها المفاوض، قبل بدء جولة مفاوضات جديدة في جنيف، الأسبوع المقبل، ليجل محل رياض حجاب، الذي رأس الهيئة العليا للمفاوضات خلال الفترة السابقة، واستقال قبيل بدء المؤتمر، بعد ضغوط حول مصير الأسد، أشار إليها في تصريحات.
وفي أول تصريح للحريري، عقب اختياره قال إن المعارضة ذاهبة إلى جنيف، في 28 نوفمبر، لعقد محادثات مباشرة بهدف الانتقال السياسي، وأكد استعدادها لمناقشة كل شيء على طاولة المفاوضات.
وعلق الباحث السياسي خليل المقداد على اختيار الحريري رئيسا للوفد، وقال «يبدو أن نصر الحريري قد نال رضى رعاة مؤتمر الرياض2 وبالتالي رضى روسيا».
واعتبر المقداد أن باختيار الحريري «تدشن شرعية جديدة تبدأ فصلا جديدا من فصول وأد ثورة الشعب السوري».
موسكو والقاهرة ربع الوفد
وشهد المؤتمر نقاشات حادة حول بنود البيان الختامي ونسبة التمثيل في الهيئة العليا للمفاوضات ووفد التفاوض الذي سيذهب إلى جنيف، إلا أنه أفرز في النهاية 36 أسما يمثلون المعارضة في مفاوضات جنيف، ولكن الأسماء المقترحة وأعداد تمثيل كل فريق، أبرز تخوفات حول مدى توغل روسيا في قرار الوفد عبر «منصة موسكو» المقربة من نظام الأسد، و«منصة القاهرة».
ويشمل الوفد 8 أعضاء من الائتلاف السوري و7 من الفصائل و8 من المستقلين و5 من هيئة التنسيق و4 من منصة موسكو و4 من منصة القاهرة.
ونشر سياسيون اسماء المشاركون وهم 1. نصر الحريري رئيسا 2. عبد الرحمن مصطفى 3. عبدالاحد سطيفو 4. هادي البحرة 5. ربا حبوش 6. حواس خليل 7. عبدالاله فهد 8. احمد سيد يوسف 9. بشار الزعبي 10. احمد جباوي 11. اخمد العودة 12. محمد الدهني 13. ياسر عبدالرحيم 14. حسن حاج علي 15. طلال سلامة 16.خالد محاميد 17. يحيى العريضي 18. طارق الكردي 19. عوض العلي 20.بسمة قضماني 21. سميرة مبيض 22. فدوى العجيلي 23. هنادي ابو عرب 24.حسن عبدالعظيم 25. احمد القصيراوي 26. اليس فرج 27. نشأة طعيمة 28.عروبة المصري 29. مهند دليقان 30. سامي الجابي 31. يوسف سلمان 32.فراس الخالدي 33. جمال سليمان 34. منير درويش 35. قاسم الخطيب 36. صفوان عكاش.
وانتقد الصحفي السوري أحمد كامل، الهيئة المعتمدة لتمثيل المعارضة في جنيف، واعتبر أن حصول موسكو مع القاهرة على عدد يوافق ربع المشاركين، هو خيانة للثورة السورية، وقال إن «حجم الخيانة أكبر بكثير مما توقعنا».
وأوضح كامل «الرياض تعطي عملاء المحتل الروسي في وفد المعارضة ٤ مقاعد ولعملاء السيسي ٤ مقاعد ولهيئة التنسيق المستسلمة ٥ ولمستقلين منتقين بعناية ٨ ولفصائل أستانة ٧ ولحثالة الائتلاف ٨ ولموسكو والقاهرة لوحدهم الربع المعطل (٨ من ٣٦) فالقرارات تحتاج لموافقة ٢٨».
وسخر الإعلامي والمحلل السياسي إياد أبو شقرا من مشاركة موسكو في المؤتمر والوفد واعتبارها معارضة، وقال «لا خلاف بين ‘منصة موسكو’ والمعارضة في سوريا سوى على قضيتين بسيطتين جداً: تنحي الأسد وتدخل إيران.. غير ذلك الاتفاق تام على ‘القضايا الكبرى’ مثل: الأرض مستديرة، والسماء زرقاء، والقمر يظهر ليلاً، والفيتامينات مفيدة للصحة..»
لا يحقق اهداف الثورة
ولم تلقى مخرجات المؤتمر واختيار الوفد المشارك في مفاوضات جنيف قبولا لدى السياسيين والنشطاء السوريين.
وقال الباحث السوري أحمد أبازيد «في خطاب مبكر لبشار الأسد بعد اندلاع الثورة في درعا قال: لو كانت هذه ثورة فأنا أول المشاركين، يبدو أنه اقتنع بعد سبع سنوات ولذلك صار مشارك رئيس في وفد المعارضة إلى جنيف عبر بوابة منصة موسكو».
وفي تصريحات سبقت المؤتمر، اعتبرت ما تعرف بحكومة الإنقاذ السورية أن مؤتمر المعارضة لن يقدم جديد مثله مثل سابقيه من المؤتمرات، وأكدت أنه يصب في مصلحة النظام وإعادة تفعيل بشار الأسد.
وقال رئيس الحكومة محمد الشيخ، في تصريح للجزيرة إن «مؤتمر الرياض لا يخدم مصلحة الشعب السوري مثل المؤتمرات التي عُـقدت أخيرا»، مُعللا ذلك بأنها لا تنطلق من أسس تُفضي إلى انتقال حقيقي».
ومن جهتها اعتبرت عضو الائتلاف السوري عليا منصور، أن مصلطح «الاتحاد» للمعارضة، أصبح يشير إلى الاندماج مع نظام الأسد، وقالت عبر حسابها على تويتر «هل تعلمون كم مرة توحدت المعارضة بالسنوات الستة الاخيرة وكم وفد مشترك تشكل؟ ومع ذلك سنبقى نتوحد حتى نصل الى مرحلة الذوبان مع الاخر فلا يبقى من يفاوضنا».