تواصل المؤسسة العسكرية تزييف الأرقام، سواء إحصائيات أو نتائج. وفي هذه المرة، تنسب إليها إنجازًات وهميًا في المجال العلمي؛ ولم تستفد من تجربتها السابقة لعلاج الإيدز بـ«جهاز الكفتة».
وتسبّب المتحدث الرسمي باسم الجيش، العقيد تامر الرفاعي، في إحراج المؤسسة العسكرية مجددًا؛ عندما ادّعى حصول فريق بحثي من كلية طب القوات المسلحة على المركز الأول في مسابقة علمية كبرى، وهو الأمر الذي لم يُشر الموقع الرسمي للمسابقة مطلقًا إليه؛ وتبيّن أنّ الفريق المصري لم يفز بأيّ جائزة في المسابقة، البالغ عددها 29؛ بل إنه لم يُرشّح إلى أي منها من الأساس.
إعلان رسمي كاذب
وتحت عنوان «الفريق البحثي لكلية الطب بالقوات المسلحة يحصد المركز الأول بمسابقة igem العالمية للبحث العلمي»، أعلن المتحدث على صفحته في «فيس بوك» فوز الفريق.
وقال إنّ «الفريق البحثي لكلية الطب بالقوات المسلحة حصد المستوى الأول والميدالية الذهبية بمسابقة igem العالمية للبحث العلمي والهندسة الوراثية، التي أقيمت بمدينة بوسطن في ولاية ماستوستش بالولايات المتحدة الأميركية، وشارك فيها أكثر من 5000 طالب يمثلون 337 فريقًا بحثيًا من أكثر من 40 دولة على مستوى العالم، تتنافس فيها الفرق المشاركة على إيجاد الحلول، باستخدام أحدث تقنيات الهندسة الوراثية والبيولوجيا التخليقية لإيجاد الحلول العلمية غير التقليدية للمشكلات، وتطوير مستوى البحث العلمي في الجامعات».
وسارعت الصحف الموالية للنظام بنشر الخبر والاحتفاء به والتهليل للجيش واعتباره إنجازًا لا يقبل الشك؛ حتى إنّ صحيفة «اليوم السابع»، المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة أحد أذرع نظام السيسي، أفردت تقريرًا مطوّلًا لتسليط الضوء على الإنجاز الزائف.
لكن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بحثوا عن الأمر، ودخلوا إلى الموقع الرسمي الخاص بالمسابقة؛ ليفاجؤوا بكذب تصريحات المتحدث، وأنّ الفريق المصري لم يحصل على المركز الأول أو أيّ من المراكز الثلاثة الأولى في أيّ من المسابقة.
الأمر الأكثر غرابة أنّ الفريق المصري لم يترشّح من الأصل إلى المنافسة على أيّ مسابقة؛ لكنه حصل على ميدالية ذهبية توزّع على المشتركين كافة في نهاية المسابقة بشكل عام.
وينتمي الفريق البحثي إلى كلية الطب بالقوات المسلحة، المنشأة عام 2013 بقرار من وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي. وقال مدير الكلية إنّ كلية طب القوات المسلحة تستعد في العام الدراسي القادم 2018-2019 لاستقبال الإناث للالتحاق بها.
«جهاز الكفتة»
ولا يعدّ هذا أوّل إنجاز زائف تتبناه المؤسسة العسكرية؛ ففي فبراير 2014 أعلن اللواء عبدالعاطي عن جهاز يعالج فيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز) وفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي)، وقدّمه الجيش في صورة رئيس لفريق طبي توصّل إلى اختراع عالمي غير مسبوق لعلاج الإيدز، وسُوّق الاختراع إعلاميًا كإنجاز طبي لوزارة الدفاع.
وظهر عبدالعاطي في مؤتمر صحفي بحضور المراسلين العسكريين شارحًا الاختراع المزعوم، وقال جملته الشهيرة: «ناخد من المريض الفيرس ونقدمه له صباع كفتة يتغذى عليه»؛ ومن هنا نال لقبه على مواقع التواصل الاجتماعي «عبدالعاطي كفتة».
ومن جانبها، أحالت النقابة العامة للأطباء بمصر مشاركين في تقديم الجهاز إلى التأديب، في مايو الماضي.
وتبيّن بعد أنّ عبدالعاطي لم يحصل على أيّ شهادة طبية ولم ينخرط في الجيش المصري؛ بل حصل على رتبة لواء الشرفية بقرار استثنائي غير معلن الأسباب، تعزوه مصادر إلى نجاحه في علاج قائد عسكري كبير ولاقتناع اللواء طاهر عبدالله، القائد السابق للهيئة الهندسية بالجيش، بأفكاره؛ ثم اُستُبعد عبدالله من منصبه، ولم تجدد خدمته بسبب هذه الواقعة.
وعقب نيله شهرة إعلامية، تبيّن أنه كان يقدم برامج للعلاج بالأعشاب والقرآن في قناة «الناس» الفضائية، التي سبق وأغلقتها السلطات المصرية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ثم سيطرت عليها وغيرت سياستها التحريرية بعد الانقلاب على حكم الدكتور محمد مرسي.