احتقان شديد تشهده فصائل المعارضة السورية قبل يوم واحد من مؤتمر «الرياض 2»، وقبل أيام من مؤتمر جنيف 8 المقرر في مطلع الشهر المقبل، وبالتزامن مع مؤتمر الدول الضامنة في سوتشي.
وتتعرض المعارضة السورية، لانقسامات شديدة في وقت دعا «الرياض 2» إلى توحيد الصف والخروج بوفد واحد ورؤية موحدة تشارك في «جنيف 8» إلا أن اختلاف الرؤى والمصالح المتباعدة بدأت في الظهور من خلال بعض المنصات والهيئات.
وتبدأ، غداً الأربعاء، أعمال المؤتمر الموسّع للمعارضة السورية، «الرياض 2»، والذي “والذي قيل أنه «يهدف إلى التقريب بين أطراف المعارضة السورية ومنصاتها، وتوحيد وفدها التفاوضي لاستئناف المفاوضات المباشرة في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة».
توترات تزامن «الرياض2»
ضربت الاختلافات الوفود المفترض لها المشاركة في الرياض2، بسبب مطالبات وضغوط تتعرض لها الفصائل فيما وصفته بعض الجهات بـ «الواقعية السياسية»، حاولت من خلالها تحييد الانتقال السياسي في سوري من أجندة المفاوضات المقرر إجراؤها بين الفصائل.
واعترضت قوى سياسية سورية، على محاولة الضغط على الفصائل لقبول منصات وهيئات تابعة للأسد وتخدم مصالحه، وتأتي التوترات في ظل فشل متتالي لمؤتمرات سابقة على مدار 4 سنوات، لم تستطع الوصول إلى حلول للأزمة السورية التي أوشكت على الانتهاء من عامها السابع، قتل خلالها الآلاف، ويقبع عشرات الآلاف من السوريين خلف قضبان نظام الأسد بلا أي مخرج من خلال تللك المؤتمرات التي تعقد في أستانة وجنيف.
ويشكك المحللون في إمكانية الوصول لوفد ورؤية موحدة تخدم مصالح الشعب السوري، خلال المباحثات القادمة.
وقال الباحث السياسي، خليل المقداد إن «المعارضة تشارك وتستعد منذ بداية الثورة وشاركت في كافة جولات المفاوضات، وكذلك في أستانا، بعضهم تباحث سرا وآخرون عادوا لحضن النظام بعد إنتهاء مهمتهم».
وأوضح المقداد في تصريح لـ «رصد»، أن «المعارضة بشكلها الحالي مفروضة على الشعب السوري وبالتالي لايمكن اعتبارها شرعية أو ممثلة للشعب الثائر».
وأضاف الباحث السياسي أنه «في مؤتمر الرياض ١ تم جمع الممثلين بناء على مصالح الدول الراعية وبمحاصصة بغيضة، أما في الرياض ٢ فستكون معارضة مفروضة وستجبر على شعنة بقاء نظام الأسد ».
واستهجن المقداد دور السعودية ومن خلفها الإمارات فيما «سيتم فرضه من تنازلات ستفضي لإنجاز تسوية مذلة تتوافق مع الرؤية الأمريكية – الروسية»، مشيرا غلى أنه «لا يمكن التعويل على وفد المعارضة، فالثورة تعيش أحلك أيامها سوادا وأشدها بؤسا».
حصان طروادة المعارضة
وتمثل جبهة منصة موسكو أبرز العراقيل التي تفرضها القوى الخارجية الداعمة لنظام الاسد، على فصائل المعارضة السورية، وتحاول المنصة على طول خط المؤتمرات أن تبعد المعارضة عن مطالب تنحية الأسد من المشهد السياسي.
وتتشدد المنصة في مسألة مصير بشار الأسد وتقول إنها «غير مطروحة للنقاش»، ما اعتبرته القوى السياسية «نسفاً لأبسط مبادئ الثورة السورية».
وتسعى روسيا إلى محاولة تهميش للمعارضة السورية المتشددة في مطالب رحيل الأسد مع زرع عناصر تهادن النظام مثل منصة موسكو والتي توصف بأنها ابن (غير شرعي) للنظام، من أجل الخروج بوفود مختلفة الرؤى تنسف أي محاولات للخروج بمطالب محددة ومشروعة.
واعتبر المقداد، أن «المعارضة مخترقة حتى النخاع، خاصة مع فرض ودمج منصات موسكو والقاهرة التي تعتبر جزءا من منظومة الحكم الأسدي، مع هيئة المفاوضات»، لافتا إلى أن « الوفد المفاوض لم يستطع اطلاق سراح معتقل واحد ولا فك الحصار عن بلدة محاصرة».
وطالبت قوى سياسية وثورية سورية، باستبعاد «منصة موسكو» من صفوف المعارضة باعتبارها «منصة صنعتها روسيا الدولة المحتلة وحليفة نظام الأسد لاختراق المعارضة وتمزيق صفوفها»، محذرين
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة لرفض مشاركة منصة موسكو في مؤتمر «الرياض2»، وطالب القائمون على الحملة كل من سيشارك في الحملة، بالتأكيد على عدم ضم منصة موسكو إلى وفد المفاوضات الذي سيمثل الثورة السورية، نظراً إلى أن مواقف منصة موسكو تتطابق مع نظام الأسد.
واتخذت الحملة وسمين أساسيين، هما «#Moscow_Platform_Out» و«#نرفض_منصة_موسكو»، وقالت أنها تأتي بسبب موقف المنصة الرافض للحديث عن إسقاط بشار الأسد وامتلاكها علاقة وثيقة بنظام الأسد و تتغاضى عن انتهاكات النظام وروسيا بحق السوريين.
استقالات من هيئة المفاوضات
وأمس الاثنين أعلن منسق الهيئة العليا للمفاوضات السورية رياض حجاب، استقالته من الهيئة، وذلك قبل يومين من انعقاد المؤتمر.
وأعقب الستقالة حجاب، استقالة عشرة من أعضاء الهيئة، بينهم الناطق الإعلامي باسم الهيئة رياض نعسان آغا.
وأشار حجاب في بيان أسباب الاستقالة، أنه حاول الصمود طوال السنتين الماضيتين أمام محاولات خفض سقف مبادئ الثورة، والتصدي لمحاولات بعض القوى الخارجية تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ ضمن صفقات جانبية يتم إبرامها بمنأى عن الشعب السوري.
وكشف الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض خالد خوجة عن ملابسات الازمة التي تشهدها الهيئة العليا للمفاوضات، ودور الخارجية السعودية فيها.
وقال خوجة، عبر حسابه الشخصي في تويتر «الدعوة إلى المؤتمر تمت بطلب من المنسق العام إلى الخارجية السعودية لتوسع الهيئة العليا للمفاوضات.
وأوضح خوجة، أن سبب طلب التوسعة هو تعزيز موقف الهيئة التفاوضي بكفاءات وطنية، مضيفا أنه «وبعد قبول الفكرة تم تشكيل لجنة توسعة من الهيئة برئاسة الاستاذ جورج صبرا وقدمت اللجنة بدورها مقترحها للتوسعة إلى الخارجية السعودية» .
وتابع الرئيس السابق للائتلاف السوري، أنه « بعد استلام الخارجية السعودية، المقترح قطعت اتصالها برئيس اللجنة والمنسق العام للهيئة وبدأت بالتواصل مباشرة مع مكونات المعارضة الأساسية اضافة الى منصات موسكو والقاهرة، وشخصيات أخرى ودعت بعضها بالإضافة إلى فريق دي مستورا إلى الرياض للتحضير لمؤتمر الرياض 2».
وأردف «أعلنت الخارجية السعودية يوم الإثنين الماضي عن استضافتها لمؤتمر للمعارضة السورية بهدف «محاربة الاٍرهاب» و«إحلال السلام» وجمع «المنصات» مع «المعارضة» متجاهلة سبب طلب الهيئة العليا للمفاوضات مع عدم ذكرها في بيان الإعلان واستبعادها من المؤتمر» .
بيان القوى السياسية
ومنذ اللحظة التي بدأت تظهر بوادر محاولات خفض سقف مطالب الثوار، ومحاولة استبعاد مطلب «رحيل الأسد»، أعلن عدد من الشخصيات السياسية والثورية بالإضافة إلى هيئات ومجالس محلية في سوريا التزامهم بثوابت الثورة وعدم التنازل عنها، وأبرزها رحيل بشار الأسد وإطلاق سراح المعتقلين واستقلال القرار الوطني.
وقالت القوى المختلفة في بيان وقعه أكثر من مئة شخصية سياسية وثورية- طالبت فيه المشاركين في مؤتمر الرياض الثاني«الالتزام بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية التي تمليها عليكم تضحيات السوريين وعذاباتهم».
وشددوا على تحقيق مطالب الشعب السوري الثائر، وأهمها رحيل بشار الأسد ومعاونيه، وعدم القبول بأي دور له مع بدء المرحلة الانتقالية المتمثلة في هيئة حاكمة انتقالية ذات صلاحيات كاملة.
وطالب البيان بإطلاق سراح المعتقلين والمغيبين قسريا، وضرورة استقلال القرار الوطني السوري لكونه الضمانة الوحيدة لتحقيق تطلعات السوريين.
ومن أبرز الموقعين على البيان المتحدث السابق باسم وفد أستانا أسامة أبو زيد، ورئيس المجلس الوطني جورج صبرة، وعضوا الهيئة العليا للمفاوضات سهير الأتاسي وخالد خوجة، وعضو الائتلاف الوطني السوري المعارض ميشيل كيلو، ورئيس المجلس الوطني السوري السابق عبد الباسط سيدا.