مع إعلان النظام المصري فشل مفاوضات سد النهضة مع أثيوبيا، تقلصت خيارات مصر المتاحة لمواجهة أثيوبيا في بناء السد، ورأى الخبراء أن حل المواجهة العسكرية ليس ناجعًا .
وأكد خبراء أن الموقف المصري أصبح صعبا، والحديث عن وجود خيارات مصرية لمواجهة أثيوبيا لا يخرج عن إطار الإعلام، ولكن على أرض الواقع الخيارات محدودة جدا وتكاد تكون معدومة، في ظل فشل المفاوضات، والتنازل الرسمي عن حقوق مصر في مياة النيل بتوقيع عبدالفتاح السيسي على اتفاقية المبادئ مع أثيوبيا والسودان.
التصعيد الدولي
وحذر خبراء من صعوبة الموقف المصري، في حالة التصعيد الدولي ضد أثيوبيا، خاصة بعد توقيع عبدالفتاح السيسي على اتفاقية المبادئ، واعترافة بسد النهضة، في ظل عضوية أثيوبيا في مجلس الأمن، الأمر الذي سوف يصعب الموقف المصري.
كما جاء الموقف السوداني الداعم لبناء سد النهضة، ليمثل ضربة قوية لفرص تصعيد مصر، حيث يضعف الموقف السوداني الموقف المصري دوليا.
وقال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إنه على مصر الدخول في مفاوضات دبلوماسية مباشرة مع إثيوبيا، وطلب وقف استكمال بناء سد النهضة لحين تسوية الخلاف الفني الذي انتهى إليه وزراء الري للدول الثلاث في اجتماعات القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر الجاري.
وطالب سلامة بالتفاوض مع أثيوبيا، عبر وسطاء أو التفاوض المباشر على أعلى مستوى عبر الرؤساء، وأكد أن خطوة التصعيد للأمم المتحدة غير مطلوبة في الوقت الحالي ولابد من استنفاد كافة الخيارات الدبلوماسية الموجودة لحل الأزمة.
كما أن من بين الأزمات التي صعّبت الموقف المصري، هو انتهاء عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي في الأول من يناير 2018، وهي العضوية التي كانت قد حصلت عليها في 2016، من بين المقاعد العشرة المخصصة للدول غير دائمة العضوية، في حين ستستمر عضوية إثيوبيا حتى مطلع 2019، وهو ما سيسمح لها بنفوذ كبير في مواجهة أي تحرك دولي مصري.
وبدأت إثيوبيا ولايتها لمدة عامين كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة في الأول من يناير 2017 بعدما تم انتخابها بـ185 صوتاً من أصل 193 من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتحتل مقعداً من المقعدين المخصصين لأفريقيا في مجلس الأمن، والذي كان بحوزة أنغولا.
الضربة العسكرية
يعتبر الخيار العسكري في أزمة سد النهضة، أحد الخيارات المستبعده، في ظل تكاليف هذا الخيار على مصر، من عقوبات دولية ضد مصر وإفريقية.
وقال الدكتور أيمن شبانة، hgأستاذ بمعهد الدراسات الأفريقية، إن الخيار العسكري في حل أزمة سد النهضة الأثيوبي بعيد للغاية ولا يتمناه أحد، كما أنه باهظ التكاليف، مضيفًا: «الشعب الأثيوبي شعب شقيق، والشعب السوداني شعب شقيق، ومصر دولة كبيرة، والقيادة السياسية في مصر، ترى أن المفاوضات هي الاصل في التعامل مع المشكلات والقضايا».
وأضاف «شبانة»، خلال مداخلة هاتفية في برنامج «بتوقيت مصر»، على «التليفزيون العربي»، أنه لا بد من تطوير الشأن التفاوضي على مستوى رئاسة الدول الثلاث، مع تحديد بساط زمني معين ولا يوجد تضارب في المصالح، حيث أن مصر في حاجة إلى حصتها الكاملة من المياه.
وأشار إلى أنه من الممكن أن تتدخل دول الخليج للتوسط في حل الأزمة لما لهم من ثقل اقتصادي في تلك المنطقة.
مواصلة المفاوضات
خيار مواصلة المفاوضات هو خيار أيضا يدعمة النظام المصري منذ بداية بناء سد النهضة وحتى الأن، وأمام الفشل المتتالي في مفاوضات السد ظهر الموقف الأثيوبي الذي يعتبر التفاوض وسيلة لاستغلال الوقت لاستكمال بناء السد، ووضع مصر أمام الأمر الواقع.
ويقول الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن إثيوبيا استغلت إعلان المبادئ الذي وقع عليه عبدالفتاح السيسي أسوأ استغلال، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تسعى لكسب الوقت والمماطلة لبناء السد.
ويضيف خبير الموارد المائية، في تصريحات لـ«لمصري اليوم»، أن مصر تسرعت وتورطت في التوقيع على هذه الاتفاقية التي تنص صراحة على أن إثيوبيا لها السيادة المطلقة على كل الموارد المائية وأضفت شرعية على هذا السد واعتراف رسمي مطلق دون أي تحفظات على وجوده وإنشائه في حين لم تتضمن الاتفاقية أي ضمانات لحصة مصر التاريخية.
وتابع: «الحل هو إلغاء وثيقة إعلان المبادئ، بعرضه على مجلس النواب، كما ينص الدستور المصري، بعد انعقاده ليتم رفضه فيكون وفقًا للقانون الدولي مُلغى وكأنه لم يكن وبذلك تسحب مصر اعترافها بالسد».