تواصل الصحف والمنظمات الغربية انتقاد نظام عبدالفتاح السيسي العسكري، ومنذ مارس 2017 صدرت تقارير دولية تفضح سياسته الاقتصادية والأمنية والعسكرية؛ ما دفع الحكومة إلى الرد على أحدهم.
وفي هذا التقرير، نستعرض أبرز الإصدارات الدولية التي انتقدت النظام العسكري بقيادة السيسي.
1- مصر ضمن «الضعفاء الخمسة»
أدرج تقريرٌ لوكالة «ستاندرد آند بورز» الاقتصادية، في 6 نوفمبر الجاري، مصر ضمن قائمة «الضعفاء الخمسة»؛ لأسباب تتعلق بمخاطر الديون السيادية الخارجية والحساب الجاري والاحتياطيات ومستوى الدين.
أطلقت مؤسسة مورجان ستانلي تصنيف «الضعفاء الخمسة» في 2013، ويتعلق بالأسواق الناشئة المعتمدة على الاستثمارات الأجنبية غير المضمونة لتحقيق خططها التنموية.
وحلّت مصر مصر والأرجنتين وباكستان وقطر محل البرازيل وإندونيسيا وجنوب إفريقيا والهند في القائمة؛ بعد بلوغ الدين الخارجي للقاهرة 80 مليار دولار في سبتمبر الماضي، وارتفع إلى 81 مليار دولار في أغسطس 2017 مقابل 79 مليار دولار في يوليو الماضي.
وفي 2 نوفمبر الماضي، قال وكيل محافظ البنك المركزي المصري لشؤون الاحتياطي النقدي وأسواق النقد «رامي أبو النجا» إنّ إجمالي ما سددته مصر من الوديعة المستحقة لليبيا بلغ 1.5 مليار دولار حتى الآن.
وسدّدت مصر في هذه المدة آخر أقساط الديون المستحقة عليها لصالح تركيا، بقيمة مائتي مليون دولار. وفي العام المالي 2016-2017، ارتفع صافي الدين الخارجي لمصر بنحو 23.2 مليار دولار (ما يعادل نسبة 41.6% على أساس سنوي).
وسبق وقال محافظ البنك المركزي «طارق عامر» إنّ مصر سددت ديونًا والتزامات خارجية تعادل 17 مليار دولار منذ التعويم، وتعتزم سداد ثمانية مليارات دولار قبل نهاية 2017.
وتتوقع الحكومة المصرية ارتفاع الدين الخارجي إلى 102.4 مليار دولار بحلول 2020-2021، وفقًا للبرنامج المقدم لصندوق النقد، الذي تنفّذ على إثره خطة اقتصادية تتضمن هيكلة النظام الضريبي وفرض مزيد من الضرائب، مع إلغاء الدعم العيني للطاقة والسلع التموينية واستبداله بالدعم النقدي، كما قرّر البنك المركزي في 3 نوفمبر 2016 تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وزيادة أسعار الفائدة بواقع 300 نقطة.
2- بوابات الجحيم
«مقابر الأحياء وبوابات الجحيم»، هكذا وصف تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» في 6 سبتمبر الماضي وضع السجون في عهد «عبدالفتاح السيسي»، وقال إنه منذ استيلاء السيسي على السلطة بعد الانقلاب العسكري في 2013 أعطى الضوء الأخضر لأجهزة الأمن لممارسة التعذيب، التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وقالت المنظمة إنها أجرت مقابلات مع 19 معتقلًا سابقًا وأسرة معتقل آخر قالوا إنهم تعرّضوا إلى التعذيب بين عامي 2014 و2016، و«أقوال المعتقلين السابقين أظهرت كيف أنّ الشرطة وضباط جهاز الأمن الوطني يستخدمون التعذيب بانتظام أثناء تحقيقاتهم؛ لإجبار من يعتقد أنهم معارضون على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات أو لمعاقبتهم».
ويقول التقرير إنّ جميع من قابلتهم من السجناء السابقين قالوا إنهم «أخبروا وكلاء النيابة العامة بما تعرّضوا إليه من تعذيب، لكنهم لم يجدوا ما يدل على اتخاذ أي إجراء للتحقيق في مزاعمهم كما يتطلب القانون الدولي».
وتؤكد التقديرات غير الرسمية أن أعداد المعتقلين تجاوزت 65 ألف معتقل؛ لتبقى حياة عشرات آلاف المعتقلين وراء القضبان في مهب الريح عرضة للقتل، نتيجة التعذيب في أي لحظة، كما أنشئ 19 سجنًا جديدًا في المدة ذاتها لاستيعاب.
3- حجب المواقع
في أغسطس 2017، تصدّرت مصر قائمة الدول التي تستخدم هجمات تستهدف المواقع الإلكترونية لتعطيلها؛ عبر زيادة عدد الزوار إلى الموقع بصورة وهمية. وقالت شركة «آكامي تكنولوجيز» الأميركية إنّ «الهجمات على المواقع في مصر ارتفعت بنسبة 28% في الربع الثاني من 2017 مقارنة بالمدة نفسها العام السابق».
وأضافت أنّ مصر تستحوذ على 32% من الإجمالي العالمي للهجمات على المواقع الإلكترونية، التي حجبت السلطات حتى الآن قرابة 133 موقعًا إلكرتونيًا منذ 24 مايو وحتى 6 أغسطس الماضيين، كما رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
وتزامن حجب المواقع في مصر مع اندلاع الأزمة القطرية الخليجية في مايو الماضي، ومناقشة البرلمان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية المعروفة بـ«تيران وصنافير».
4- نسف مبادئ الديمقراطية
قال تقرير ألماني في مارس الماضي، بعد زيارة المستشارة أنجيلا ميركل مصر، إنّ النظام العسكري في مصر بقيادة عبدالفتاح السيسي نجح في نسف مبادئ الديمقراطية أمام أعين المجتمع الدولي.
وأضاف أنّ «الجيش المصري متمسك بمقاليد الحكم، معتمدًا في ذلك على الشعبوية واستغلال الدين لمآرب سياسية؛ وهذا المزج بين الشعبوية واستغلال المشاعر الدينية للمصريين ساعد السيسي في بسط نفوذه، ويحاول تنصيب نفسه نموذجًا للرئيس المصري الخلوق الذي يحتذى به».
وقال إنّه من اللافت إلى النظر تنصيب السيسي نفسه «الناطق الرسمي» باسم الدين، محاولًا بذلك تبرير سياسته القمعية والحصول على تفويض شعبي لممارسة السلطة حسب أهوائه، كما تستغل الأجهزة الأمنية والعسكرية المساجد والكنائس لفرض رؤيتها الدينية؛ عبر إيهام الناس بأن طاعة السيسي واجب مقدس، في محاولة لإقناع المصريين بأن الدولة تسعى إلى حمايتهم من براثن التطرف.
وقالت صحيفة «تسايت» الألمانية إنّ السيسي يسعى إلى إيهام الشعب المصري بأنه حامي «الأخلاق الحميدة»، وبأنّ «كل الأفكار والمبادئ المعارضة لتوجهاته مغلوطة ولا تتوافق مع مبادئ الشعب المصري»، مضيفة أنّ السلطة الحاكمة تعتبر نفسها ضامنة للاستقرار وحامية للشعب.
وقالت إنّ الجيش المصري سبق وأن تقلد الحكم سنة 1952 عقب انقلاب عسكري نظمه ضباط في الجيش المصري لينصبوا أنفسهم بمثابة «آباء» للشعب. وأضافت أنّ السياسيين المصريين شككوا في قدرة الجيش على تسيير شؤون البلاد، مشددين على أنه لا يريد إلا خدمة مصالحه، كما يسعى إلى تكريس نظام حكم يتعارض مع الدستور ومبادئ الديمقراطية؛ ولذلك وضع في 2014 دستورًا يتماشى مع مصالحه.
وأكدت الصحيفة أنّه وفقًا لهذا الدستور لا يمكن للبرلمان مناقشة الميزانية المخصصة لوزارة الدفاع. كما ألغيت كل آليات مراقبة القوات المسلحة، وتوسّعت مجالات اختصاص القضاء العسكري؛ ومَثُل آلاف المصريين من طلاب وناشطين حقوقيين أمام المحاكم العسكرية منذ سنة 2013.
الأذرع الإعلامية
وأضافت «تسايت» الألمانية أنّ نفوذ الجيش المصري شمل أيضًا المجالين الاقتصادي والاجتماعي؛ فأصدر السيسي في 2015 قرارًا يسمح للجيش بإنشاء الشركات الربحية. في المقابل، هاجمت وسائل الإعلام الحكومية العمال والموظفين الذين طالبوا بزيادة الأجور، واتهمتهم بأنهم يخدمون «أعداء الشعب المصري».
وقالت إنّ تشهير وسائل الإعلام المصرية بكل المنظمات غير الحكومية التي تندد بانتهاكات حقوق الإنسان وتنتقد السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، والسلطة الحاكمة استغلت هذه الظروف وأصبحت تنتهج سياسة معادية للشعب؛ مدعية أنها تخوض حربًا ضد التطرف وتسعى إلى تحقيق الاستقرار في البلاد.
وقالت إنّ «الحكومة المصرية تقمع كلّ نَفَسٍ معارض، ولهذا الغرض عدّلت السلطة الحاكمة القوانين بشكل يتعارض مع قيم العدل والمساواة ويتنافى مع مبادئ الحوكمة الرشيدة، ومن بين القوانين المُصدَرة قانون مكافحة الإرهاب»، مبينة أنه بالرغم من سعي النظام المصري إلى بسط نفوذه فإنه فشل في تحقيق الطفرة الاقتصادية المنشودة، كما فشل في فرض النظام الذي تشدّق به كثيرًا في كل مناسبة.
وأكّدت صحيفة «تسايت» الألمانية أنّ النظام الحاكم المصري يعمد إلى تهميش هموم شعبه، واتّخذ إجراءات تساهم في تهدئة الأوضاع، وتواصل الحكومة إجراءات تعسفية باسم الشعب، ومع صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم من المحتمل أن يواصل السيسي سياسته القمعية، متجاهلًا بذلك كل الأصوات التي تندد بسياسته الاستبدادية.
وقالت إنّ حقوقيين أصبحوا متخوفين من استقواء السيسي بالإدارة الأميركية الجديدة؛ لأنّ ذلك يعني تماديه في قمع أصوات معارضيه بمباركة المجتمع الدولي؛ ما سيؤدي إلى سجنهم أو نفيهم خارج البلاد.