إذا فزت بأربعة ملايين يورو، ماذا يمكنك أن تفعل بها؟ بالتأكيد قبل أن تعرف الإجابة، فأنت استغرقت رأسك في مجموعة من الخيالات وأحلام اليقظة، لكن ماذا عن قيادتك للسيارة ووصولك لوجهتك دون أن تشعر أو تتذكر كيفية حدوث هذا، هناك دائما وقت ومكان لأحلام اليقظة، لكن لا نملك دائما السيطرة عليها، ويقدر العلماء بأن من 50% إلى 60% من الوقت الذي نسير فيه بمكان ما، تستغرقنا أحلام اليقظة، ألا يدعو الأمر للقلق؟
فماذا لو استغرق طبيب الأسنان الخاص بك في أحلام يقظته وهو يقوم بالحفر داخل أسنانك؟
بحسب صحيفة «الجارديان»، تشير الدراسات والأبحاث، إلى أن أحلام اليقظة تجعلنا غير راضين دائما؛ لأننا لا نركز على ما هو حولنا، بل نفكر في الماضي أو المستقبل، واقترحت ورقة علمية، أن «العقل المتجول أو المشتت هو عقل غير سعيد»؛ لأن السعادة متواجدة فقط في اللحظة التي تعيشها.
لكن دراسة أخرى نشرت هذا الشهر، في مجلة «نيوروسيكولوجيكا»، وجدت أن الناس الذين يهيمون بعقولهم ويسرحون كثيرا، سجلوا درجات أعلى بكثير في الاختبارات المتعلقة بقياس القدرات الفكرية والإبداعية.
وقاس الباحثون أنماط الدماغ لأكثر من 100 شخص، باستخدام الماسح الضوئي وأجهزة الرنين المغناطيسي، أثناء تركيزهم على نقطة مملة لمدة 5 دقائق، وتمت مقارنة هذه البيانات مع اختبارات على القدرة الإبداعية لأشخاص آخرين لم يتم وضعهم في بيئة تسمح بأحلام اليقظة.
ولوحظ أن الذين استغرقوا في أحلام اليقظة، حازوا درجات أعلى على مقياس الإبداع والقدرات الفكرية، كما سجلت الأجهزة عمل أنظمة الدماغ بكفاءة أكثر.
ومن الأمثلة، على كفاءة العقل أثناء استغراقه في أحلام اليقظة، أنه إذا كنت في خضم حديث ما أو مهمة محددة واستغرقت في التفكير، فإنك تستطيع أن تعود لاستكمالها بشكل طبيعي دون أن تفقد نقطة أو خطوة مهمة.
وتقترح الدراسة أن هناك فرق بين عمل العقل واستغراقه في الأفكار أثناء عمله، فتفكيرك في أشياء غير المهمة التي تقوم بها، فهذا يعني أنك في خضم أحلام اليقظة، على سبيل المثال، عندما تستقل قطار فإنك تنسى المكان المتواجد فيه وتستغرق في أشياء أخرى غير فكرة ركوبك القطار.
وتقول «كريستين غودوين»، المؤلف الرئيسي للدراسة، من كلية علم النفس في معهد جورجيا للتكنولوجيا، إنه إذا كنت تركز على آداء مهام صعبة، فإن آدائك سيضعف لو تشتت عقلك، لكن إذا كانت المهمة سهلة، أو تقوم بأشياء غير مطلوبة منك، فإن الأشخاص ذوي القدرات المعرفية العالية بإمكان عقولهم أن تتشتت لأنها لا تؤثر على أدائهم.
وغير ذلك قد تجد حلولا لمشاكل كانت تواجههم أو تحدد أهدافهم القادمة بسهولة، وهي إحدى ميزات أحلام اليقظة.
وتشتت العقل من الممكن أن يتنوع ما بين حلا لمشكلات أو أن يستغرق في المشاعر والعواطف، ويقترح الباحثون أن ما يقوم به العقل خلال تشتته، يساعدنا على تنفيذ رؤيتنا التي لن ننفذها أثناء استغراقنا في شئ آخر، وأفضل ما يمكن أن يقوم به في هذه الحالة، هو حل لمشكلة قديمة مثلا، لذا فأحلام اليقظة لا تعد مضيعة للوقت على الإطلاق.
