بالرغم من مرور 12 عاما على الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إلا أن الأوضاع متأزمة ما بين أزمة اقتصادية حادة في الضفة الغربية، وحصار مفروض على قطاع غزة منذ 6 سنوات، وتصاعد عمليات التهويد في القدس.. فكل هذه الأوضاع أعادت إلى أذهاننا من جديد فكرة الانتفاضة الكبرى التي ستعم أرجاء فلسطين للتخلص من قيود الاحتلال ومن هنا اختلفت آراء المحللين ما بين مؤيد ومعارض لقيام انتفاضة فلسطينية كبرى في الأيام القادمة.
من جانبه يقول حمدي المرسى -المدير التنفيذي السابق لمؤسسة القدس الدولية فرع القاهرة- لشبكة "رصد" الإخبارية إن فلسطين مرشحة بقوة لأن يكون بها أكثر من انتفاضة لأن الأوضاع المتأزمة تتصاعد فيها كل يوم و الأزمة الاقتصادية و هجوم الاحتلال على المقدسات و محاولاته لتهويد القدس ما هي إلا محاولة لإلغاء شعب بأكمله.
الخيارات مفتوحة
و أكد المرسى أن الربيع العربي أعطى زخم ونوع من الأمل للشعب الفلسطيني لإمكانية التغلب على الاحتلال، مشيرا إلى ان الانتفاضة الكبرى يمكن أن تأتى في شكل خروج الشعوب العربية في مظاهرات سلمية لدعم الشعب الفلسطيني، فتحدث تعبئة لرأى عام قوى في الشارع العربي يجعل الاحتلال في حالة ارتباك قوية .
وعند سؤاله عن سبب تأخر اندلاع الانتفاضة حتى الآن قال المرسي: "إن ما يؤجل الانتفاضة هو تهدئة من قبل الطرف الاقوى، حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبسبب الانقسام بين الفصائل الفلسطينية".
و يتفق معه بركات الفرا -السفير الفلسطيني في القاهرة- حيث يقول إن الشعب الفلسطيني على استعداد كامل ان يقدم كل ما هو مطلوب من اجل الحصول على حقوقه المشروعة في وطنه .
و أضاف الفرا أن "بدايات الانتفاضة على المحتل كانت في الستينات وكانت انتفاضة مسلحة ضد الصهاينة ، ولكن اتخذنا بعدها طريق المفاوضات إلى أن وصلنا إلى اتفاقية أوسلو و سرنا في طريق المفاوضات ولكن إسرائيل أغلقت كل الأبواب وجعلت عمليه السلام فارغة".
واستطرد أن كل هذه الأسباب تجعل الشعب الفلسطيني يفعل أي شيء لاسترداد حقوقه من المحتل والأمم المتحدة كفلت كفاح الشعوب ضد المحتلين في ميثاقها وبالتالي فإن الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني .
و أكد الفرا أن استمرار الوضع المتأزم في الضفة وغزة يجعل حل الانتفاضة الشعبية السلمية مطروحا بقوة فلابد ان يتغير الوضع الحالي.
فيما يقول البروفيسور مناحيم كلاين -المحاضر في العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية- في مقالة له بعنوان "العنوان مكتوب على الجدار"إنه : "في ظل الثورات في العالم العربي وانسداد الأفق أمام الفلسطينيين، وإدراكهم أن الخلاص لن يكون عن طريق الولايات المتحدة، فإن مسألة اندلاع انتفاضة لا ينقصها إلا شرارة لإشعالها".
الأوضاع غير مهيأة
و على الجانب الآخر يقول المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين إنه على الرغم من تأزم الوضع في الضفة وغزة إلا إن الأوضاع هناك غير مهيأة لقيام انتفاضة كبرى ذلك لأنها تفتقد إلى الحد الأدنى من شروطها المتمثلة في قيادة فلسطينية موحدة و برنامج إجماع وطني وضغط شعبي .
و يضيف ياسين أن حدوث انتفاضة بحاجة إلى ضغط شعبي يحدث عندما يصل الناس إلى درجة يتمنون فيها تغيير جذري لأوضاعهم و قيادة موحدة غير منقسمة وفرقة ثورية تستطيع أن توظف هذه الشروط و يمكن بعد ذلك أن تحدث انتفاضة ، مؤكدا أن الضفة وغزة لا تمتلك هذه الشروط وبالتالي استبعد حدوث انتفاضة كبرى .
ومن ناحيته يقول عبد الله الأشعل -مساعد وزير الخارجية الأسبق- إن إسرائيل والسلطة الفلسطينية فرضوا إجراءات أمنية مشددة ققلوا بها فرص حدوث انتفاضة في الضفة وقطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ سنوات ، مضيفا إن إسرائيل أعدت خرائط للبيوت وأصبحت على معرفة كاملة بكل فلسطيني بالضفة والقدس حتى إذا أراد أي شخص التحرك يتم اعتقاله أو رصده.
و أكد إن تعاون السلطة مع إسرائيل والدول المانحة خلق طبقة من المنتفعين من المعونات التي تقدمها الدول المانحة بحيث لو حدثت انتفاضة يساهموا في إخمادها لأنها ستحرمهم من أموال المعونات .
و أشار الأشعل إلى أن الانقسام بين فتح وحماس قلل من فرص حدوث انتفاضة ، موضحا أنه من الناحية النظرية لا يمكن حدوث انتفاضة كبرى في فلسطين .
يذكر أن التقديرات الاستخبارية والإستراتيجية الإسرائيلية لهذا العام ، أكدت احتمال اندلاع انتفاضة فلسطينية و إن "انتفاضة الحجارة الفلسطينية قد تعود مرة أخرى على حد قولهم، مشيرة إلى "تصاعد العمليات الفلسطينية خلال المسيرات والمظاهرات ورشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة"، مما يعزز المعادلة الصراعية الطبيعية في ظل الاحتلال، فطالما تتواصل سياسة "البلدوزرات" والاستيطان في الضفة الغربية، فـ"إن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة"، حسبما ذكرت تقارير صحفية .
