شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«واشنطن بوست»: كيف أصبحت الطوارىء أمرا اعتياديا في مصر

تفجير رتل أمني في سيناء -أرشيفية

قالت صحيفة «الواشنطن بوست»، إن مصر اعتادت العيش في ظل دولة بوليسية فرضت سطوتها على المواطنين عبر إعلان حالة الطوارئ التي عاش المصريون تحت وطئتها لعقود من الزمن، ولكن بعدما اندلعت ثورة 25 يناير، بات الأمر مختلفا، وأملت الجموع في إنهاء حالة الطوارئ لينعموا بحياة هادئة، ولكن في ظل حكم عبدالفتاح السيسي أصبح الأمر مجرد أحلام، حيث عاودت مصر مرة أخرى تعاني من ويلات حالة الطوارئ.

ووفق ما ترجمته «شبكة رصد»، ما كان يبدو انتصارا للشعب متمثلا في إلغاء حالة الطوارئ، كان في حقيقة الأمر انتصارات على ارض الواقع لصالح الدولة العسكرية، وتشير الصحيفة إلى التدابير السلطوية العميقة التي تمت زراعتها في النظام القانوني المصري، لتعود حالة الطوارئ في السريان من جديد.

عودة الطوارئ

إبان كتابة الدساتير بعد اندلاع الثورة في مصر، كان الإصلاحيون يضغطون بشدة للحد من اعلان حالة الطوارئ، مع الأخذ في الاعتبار كيفية استخدامها من قبل الحكام في مصر مع انقطاعات قليلة منذ إعلانها في بداية الحرب العالمية الثانية، وقد حاول الدستور الصادر في 2014 الاحتفاظ بنقطة الحد من الطووارئ، في الوقت الذي أعادت فيه مؤسسات الدولة الأمنية سيطرتها على البلاد.

وفي حالة إعلان الطوارئ، يضع دستور 2014 قيودا هامة على الحكومة، فبدلا من السماح للسلطة بإعلان حالة الطوارئ لسنوات على أن تجدد بصفة دورية، ينص الدستور على أنه لإعلان حالة الطوارئ يجب ألا يصدق عليها البرلمان فحسب، بل أيضا لا يمكن أن تستمر أكثر من ثلاثة أشهر. ويمكن تجديدها، ولكن مرة واحدة فقط، وتتطلب هذه التجديدات أغلبية مطلقة من البرلمان.

وقد انتهت أخيرا حالة الطوارئ التي تبدو دائمة في ظل النظام القديم في مصر في عام 2012. ومنذ ذلك الحين، أعلن بعض الرؤساء حالة الطوارئ، ولكن غالبا ما كانت على مكان محدود وضمن حدود زمنية دستورية، وفي أبريل، أعلن عن حالة طوارئ تشمل البلد بأسره؛ إذ وافق البرلمان. وفي يوليه، تم تجديدها، مع حصول التجديد أيضا على موافقة النواب.

وتشير الـ«واشنطن بوست» غلى أنه وبعد ذلك بفترة، وامتثالا للدستور، كان من المفترض أن تنتهي مدة فرض حالة الطوارئ في في 10 أكتوبر، ولكن على العكس قد أعلن على الفور، ربما ليس من المستغرب، حالة الطوارئ مجددا، لتعود تحكم البلاد مرة أخرى.

ويعتبر هذا الوضع انتهاكا صارخا للدستور، إذ أن الإعلان المجدد تم إعداده بوضوح قبل انتهاء الفترة القديمة. والدليل القوي على ذلك هو السرعة في إصدار قرار التجديد، والخطوة التي اتخذت قبل فترة قصيرة من انتهاء الفترة القديمة التي أعطت بعض الصلاحيات لقسم الطوارئ التابع لمحاكم أمن الدولة، وتعمل هذه الهيئات لمحاكمة الجرائم المرتكبة في ظل حالة الطوارئ، ولم يكن هناك أي داعي لإعادة نشاط هذه المحاكم سوى إعلان حالة الطوارئ.

قانون التظاهر والمحاكم العسكرية

قضت المحكمة العليا بأن المحاكم المدنية، هي المختصة بالتقاضي في حالة الانتهاكات المنتظمة المنتهكة لقانون التظاهر وقد حاول معارضو المحاكمات العسكرية للمدنيين جاهدين الحصول على بعض الضمانات لحماية المدنيين من هذه المحاكمات المكتوبة في دستور عام 2014، ولكن تم رفض طلبهم بشكل حاسم.

وتسائلت «الواشنطن بوست» عن ما إذا المحكمة الدستورية العليا قد تمكنت من إيجاد طريقة لرد المحاكم العسكرية عبر الحكم الأخير التي أصدرته، ولكن الصحيفة تؤكد، هذا ليس صحيحا.

وتشير الصحيفة إلى أن القضية لم تكن دستورية في الأساس، بل كانت نزاعا حول المسؤولية القضائية بين محكمتين تحاول كل من المحكمة المدنية والعسكرية فيها تسليم القضية إلى المحكمة الأخرى، ولم تكن المحاكم العسكرية تتوقع فعليا ولا تطلب ولا تختص بالمحاكمة القضائية في تلك الأمور.

علاوة على ذلك، وبغض النظر عن هذا الحكم، يضمن تشريعان على الأقل أن المحاكم العسكرية ستستمر في التمتع بصلاحيات واسعة بغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها المحاكمات القضائية المدنية، ويضمن دستور عام 2014 عموما وجود العملية القضائية العسكرية ويسمح بعدد من السيناريوهات الموسعة التي يمكن فيها محاكمة مدني من خلال هذه محاكمة عسكرية.

وأشارت «واشنطن بوست» إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، ينص المرسوم الرئاسي لعام 2014 الذي ينص على إنشاء مرافق عامة وممتلكات يحميها الجيش المصري على أن أي جرائم يرتكبها مدنيون بموقع هذه المرافق أو الممتلكات تتم محاكمته محاكمة عسكرية، مما يؤدي إلى توسيع كبير للأسباب التي تجعل من الممكن تقديم أي مواطن يوميا إلى التقاضي عبر محاكمات عسكرية.

وفي حين أن المحكمة المدنية المتخصصة تتخذ خطوة تجريد المحاكم العسكرية من القضايا التي ليست مخلوه بها، فإن حالة الطوارئ تستخدم لتوسيع نطاق اختصاص قسم الطوارئ في محاكم أمن الدولة، ويسمح المرسوم الرئاسي بتوجيه النيابة العامة عدد كبير من الجرائم، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الجنايات والجنح، والتحريض على اسقاط النظام، والجرائم الاقتصادية بموجب قانون العرض والطلب، والقانون المتعلق بالتسعير الإلزامي وتنظيم الأرباح، وإهانة الرئيس، وانتهاكات قانون التظاهر، والجرائم التابعة لقانون مكافحة الإرهاب.

ذكرت «واشنطن بوست» أنه من خلال التوسع الكبير في صلاحيات أداة قضائية تهدف فقط إلى خدمة حالة «الطوارئ» وتجعل السلطات المصرية حكم المحكمة العليا مؤخرا غير ذي صلة تقريبا وتقيد نفوذ نظام المحاكم المدنية، وبدلا من ذلك تركز جهودها على خلق محاكمات قضائية موازية مضمونة من أجل إصدار الأحكام التي في صالح الدولة الأمنية.

مع حالة الطوارئ التي تسمح للسلطات بعدد أكبر من السلطات الأخرى التي تزيد مكن حالة الاحتقان، بما في ذلك مراقبة المكالمات الشخصية، والرقابة على المنشورات والصحف، وتجاوز الإجراءات القانونية اللازمة، فإن حالة الطوارئ في مصر هي الوضع الطبيعي الجديد، أو بالأحرى قد أعادت الوضع الطبيعي القديم السابق لثورة يناير.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023