لم يمر يومين على استخدام روسيا لفيتو تاسع بمجلس الأمن بشأن عمل لجنة تحقيق في هجوم بالكيماوي، حتى أصدرت الأمم المتحدة تقرير لها يتهم النظام السوري بإطلاق غاز السارين على خان شيخون في 4 أبريل 2017، وأرسلته إلى مجلس الأمن.
وذكر التقرير الأممي ان «الجمهورية العربية السورية» مسؤول عن هجوم خان شيخون الذي راح ضحيته أكثر من 100 مدني، وأصيب ما يزيد على 500 آخرين.
مشروع قرار بمجلس الأمن
وأعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أمس الجمعة أنه سيناقش مشروع قرار يحاسب بموجبه المسؤولين عن هجوم في خان شيخون في سوريا، بحسب ما قال سفير بريطانيا إلى المنظمة الدولية.
وفي إبريل الماضي، دعا مجلس الأمن، منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى أن تعد سريعا تقريرا يتضمن ما خلصت إليه بشأن الهجوم.
وكانت لجنة التحقيق في الهجوم الكيماوي، شكلت عن طريق مجلس الأمن في عام 2015، عبر آلية تحقيق مشترك، وتم التجديد لها في 2016، إلا أن فيتو روسي أوقف عملها يوم الثلاثاء، بعد رفض مقترح بمد تفويضها عاما آخر.
مطالبات بفرض عقوبات
وبمجرد صدور التقرير وإرساله إلى مجلس الأمن، توالت الدعوات الدولية والحقوقية، لمحاسبة نظام بشار الأسد في الجريمة التي أثبتها التقرير الأممي.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس الجمعة، إلى فرض عقوبات على الحكومة السورية وقالت في بيان «على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك سريعًا لضمان المحاسبة عبر فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولة عن الهجمات الكيميائية في سوريا».
وعلقت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة نيكي هيلي على مضمون التقرير قائلة إن «الكم الهائل من الأدلة التي قدمها التقرير يدل على تجاهل مقصود للمعايير الدولية المتفق عليها على نطاق واسع. ولذلك يجب على مجلس الأمن أن يبعث برسالة واضحة مفادها أن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي شخص لن يتم التسامح معه».
ومن جهتها لفتت وزارة الخارجية الفرنسية، إلى أن «انعدام المحاسبة «أمر غير مقبول».
وقالت المتحدثة باسم الوزارة أنييس روماتيت اسبانيو، إن تقرير خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هو «تأكيد للانتهاكات الخطيرة للنظام السوري» الذي التزم في 2013 بتفكيك أسلحته الكيميائية وأن الافلات من العقاب غير مقبول»
كما حثت بريطانيا مجلس الأمن، على فرض عقوبات على النظام السوري، على خلفية التقرير الصادر بمسؤوليته عن الهجوم الكيماوي على خان شيخون، مؤكدة أن «الرد الدولي الحازم أساسي الآن لمحاسبة المسؤولين».
قال سفير بريطانيا ماثيو رايكروفت في تصريح صحفي «يقع الآن على عاتق مجلس الأمن الدولي ان يتحرّك بناء على هذه النتائج وأن يفرض العدالة».
وأضاف أن بريطانيا تتشاور مع الولايات المتحدة بشأن مشروع قرار يفرض عقوبات على سوريا.
توقعات بموقف روسي معادي
ورغم التقرير المؤكد بمسؤولية النظام على مجزرة خان شيخون، إلا أن شكوك أثيرت حول فاعلية تلك التقارير وجدوى مناقشتها في مجلس الأمن، خاصة في وجود عضو مثل روسيا له حق الفيتو، والداعم الرئيسي لنظام بشار الأسد في روسيا، بل إن الكثير من الهجمات تقوم بها طائراته وقواته.
وفي أول تعليق من النظام السوري على التقرير، وقالت وزارة خارجية النظام السوري إن «دمشق تدين اعتماد آلية التحقيق المشتركة على أقوال المجرمين الذين ارتكبوا هذا العمل اللاأخلاقي في خان شيخون وشهود مشبوهين قدمهم الإرهابيون لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ولآلية التحقيق المشتركة إضافة لما قاموا بتسميته المصادر المفتوحة ما يعكس هزلية هذا التحقيق الذي افتقد الحد الأدنى من المصداقية والشفافية».
ولم يكن الموقف الروسي مختلف كثيرا، فرفض نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، نتائج التقرير، واتهمه «بتضارب محتواه» – على حد قوله.
وقال ريايكوف: «أخطاء منطقية، وشهود مشكوك فيهم، وأدلة غير مؤكدة»، بحسب وكالة أنباء انترفاكس الروسية.
الموقف الروسي والنظامي في سوريا من التقرير، يؤكد احتمالات استخدام فيتو عاشر، لوقف مشروع يفرض عقوبات على نظام بشار الأسد، وهو ما حض مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة بالتصريح بأنه «على الرغم من هذه التقارير المستقلة، ما زلنا نرى بعض البلدان يحاول حماية هذا النظام. وهذا يجب أن ينتهي الآن» – في إشارة إلى روسيا.
وفي ذات السياق، اتهم وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، روسيا، بمحاولة التستر على استخدام حكومة بشار الأسد لغاز السارين، مشيرا إلى إن سلوك موسكو يقوض الإجماع الدولي ضد الأسلحة الكيميائية.
وتساءل السياسي والإعلامي السوري، عمر مدنية «هل ترون قيمة بتقرير الامم المتحدة حول قصف خان شيخون بالكيماوي وإثبات بأن الفاعل هو الأسد؟»
وعلق مدنية على نتائج التقرير الأممي، وقال عبر حسابه على «تويتر» «طالما ان التحقيقات اكدت ان الاسد قام بقصف خان شيخون بالكيماوي، سوف يتم عرض مخطط في مجلس الامن لمعاقبة الأسد، والفيتو الروسي جاهز للاعتراض»
وشكك في الإرادة الدولية لمحاسبة الأسد وقال «مجلس الأمن يبحث مشروع قرار بمحاسبة نظام الأسد لمسؤوليته عن هجوم خان شيخون، «لو انهم يردون محاسبة الاسد حقا لن ينتظروا الفيتو الروسي».
ومن جهتها توقع المعارض السوري البارز بسام جعارة، رد الفعل الروسي داخل مجلس الأمن، وقال «روسيا ستستخدم الفيتو اليوم لمنع اصدار قرار يعاقب عصابة الحيوان بسبب استخدام السارين في الهجوم على خان شيخون»، منتقدا موقف المعارضة السورية «وسيذهب المرتزقة الى استانا».