شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الجارديان»: «العفو عن الفاسدين».. خطة تونس للشفاء من الجروح القديمة

من نشاط لحركة «مانيش مسامح»

قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إنّ البرلمان التونسي أقرّ قانونًا مثيرًا للجدل ينصّ على العفو عن متورطين في جرائم فساد من عهد نظام الديكتاتور المخلوع زين العابدين بن علي. وبالرغم من إثارة القانون جدلًا كثيرًا في تونس، أقره البرلمان؛ وحوّل إلى «السبسي» للتوقيع عليه.

وادّعت حركة تونسية ناشطة تسمى «مانيش مسامح» أنها تلقّت وثيقة مسربة توضّح بالتفصيل مداولات اللجنة الداخلية في البرلمان التونسي الخاصة بالقانون، وتثبت بالفعل أنّ هناك نية للعفو وليس المصالحة؛ وإذا كان الأمر صحيحًا فهذا يعني أنه يتعارض مع دستور 2014.

وقدّمت اللجنة التشريعية في 2015 مشروعًا مشابهًا طالب بالعفو عن رجال أعمال فاسدين، وفشلت محاولتان سابقتان لتمرير القانون؛ بسبب المعارضة الشعبية الواسعة الانتشار ضده.

وقال نشطاء إنّ نجاح الحكومة في إقرار القانون بالبرلمان وإرساله إلى مجلس الوزراء بغرض العفو عن الفاسدين يمثّل إضعافًا للثورة التونسية، ويثير أسئلة عن شرعية الحكومة التي تحمل عنوان «الحرب على الفساد».

وفي سبتمبر الماضي، ربط «محمد سوف»، من حزب نداء تونس الحاكم، بين القانون والمصالحات التي ساعدت رواندا وجنوب إفريقيا في تجاوزهما أخطاء الماضي. وقال لـ«رويترز» إنّ «الوقت حان لوقف عزلة هؤلاء المسؤولين الذين يمكن أن يسهموا في بناء تونس الجديدة».

وفي السياق ذاته، عزا مسؤولون ومراقبون الحالة الاقتصادية المتردية التي أصابت تونس في أعقاب الثورة إلى سياسة الشك داخل الإدارة التونسية بشأن مستقبل الأفراد الرئيسين في النظام السابق.

بينما لا تزال الجماعات المعارضة، مثل «مانيش مسامح»، متشككة. وتقول «ندى ترجي»، ناشطة ضمن الحركة البالغ عددهم 80 ألفًا عبر الإنترنت: «لا نعتقد أنّ هذا قانون للمصالحة؛ إذ لا يمكن تحقيق المصالحة من دون مساءلة، ولا يمكننا أن نشفى من جراح الماضي ما دام من آذونا وسرقونا من قبل أنّ لم يحاكموا، ويحصل ضحاياهم على العدالة؛ لهذا السبب لا نسمي القانون مصالحة، بل «عفو عن الفاسدين».

وقالت ندى: إذا كان الحديث في القانون عن المصالحة مع الأشخاص في المجال الإداري فسيكون من الخطأ الكبير إعادة الفاسدين سياسيًا، الذين «مثّلوا نسيجًا من الفساد لنظام ابن علي ونشروا الفساد المؤسسي في البلد».

وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان أنّ السبسي أصدر «القانون الأساسي المتعلّق بالمصالحة في المجال الإداري» فقط.

ولا يزال كثير من الإداريين في النظام السياسي السابق الخاص بابن علي موجودين في أماكنهم، بالرغم من المكاسب الديمقراطية التي تحقّقت في البلاد في السنوات الست الماضية، ولا يزال الفساد يشكّل مصدر قلق كبيرًا ومصدرًا للمعاناة في ظل اقتصاد فشل في مكافحة معدلات البطالة التي وصلت إلى 20%، وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه المعهد الجمهوري الدولي الأميركي في سبتمبر أنّ 89% من التونسيين يعتقدون أنّ الفساد أعلى الآن مما كان عليه قبل عام 2011.

وقال أشرف العوضي، رئيس هيئة الرقابة على الفساد في تونس، إنّ «تقريرًا لصندوق النقد الدولي صادرًا قبل 2011 أشار إلى أنّ قرابة 25% من إجمالي اقتصاد البلاد متركز بيد ابن علي وعائلته، وغيرهم هناك طبقتان أو ثلاث من الفساد أسفلهم، تشمل الحزب وأصدقاءه، وبطبيعة الحال هناك الإدارة التي ساعدت هؤلاء».

ويرى مشاركون في المجتمع المدني أنّ الماضي يكرر نفسه، وعلى الرغم من الحملة ضد الفساد التي قام بها رئيس الحكومة في تونس يوسف شهد، عاد خمسة أعضاء من الحزب الحاكم في النظام القديم من حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» إلى حكومته في وقت سابق من هذا الشهر.

وأضاف أشرف: «كنت واحدًا من عدد قليل جدًا من الناس الذين شاركوا في المجتمع المدني الذين دعموا حربه على الفساد؛ فإذا كان يريد محاربة الفساد حقًا فأنا إلى جانبه. ومع ذلك، لا يمكنك محاربة الفساد حقًا ثم تعيّن بعد رجال أعمال فاسدين».

وأضاف: «في هذا القانون، لم تُذكر أبدًا كلمة الضحية»، موضحًا أنه لا يحوي أيّ ضمان بأنّ الفاسدين لن يعودوا فاسدين مرة أخرى، ولم يبذل جهدًا للحفاظ على الثورة التونسية، ومضيفًا: «لدينا الآن فرصة واحدة إذا لم نقتنصها فستبدأ دورة الفساد بأكملها من جديد».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023