في الوقت الذي تواصل فيه مصر الشعور بالفرح بعد تأهلها إلى مونديال روسيا 2018، ما زال معظم المشجعين «الأولتراس» يواجهون حملات مكثّفة من قوات الأمن لمنعهم من الوصول إلى الملاعب. وبعد التأهل، دعا برلمانيون السيسي إلى السماح للأولتراس بحضور المبارايات وإطلاق سراح مئات المعتقلين منهم؛ لكنه لم يستجب لهم، حسبما نشرت صحيفة «العربي الجديد».
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الأولتراس عانوا على مدار السنوات الماضية وتحمّلوا الوطأة الأمنية المتزايدة ضدهم منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي. وقال «جيمس دورسي»، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة «نانيانغ» التكنولوجية، إنّ «هناك مقاومة كبرى من الأجهزة الأمنية لأن تصبح الملاعب مركزًا احتجاجيًا ضد الحكومة».
ووصفت الصحيفة الأولتراس بأنه العمود الفقري لثورة يناير، وكانوا في الخطوط الأمامية في مواجهة قوات الشرطة حتى سقوط الديكتاتور حسني مبارك، وواصلوا أداء دور رئيس في الاحتجاجات الطلابية في أعقاب الإطاحة بالدكتور محمد مرسي.
وتابع جيمس قائلا: «لدى روابط المشجعين تاريخ من الاشتباكات مع الشرطة، إنهم مشجعون ضد السلطة الاستبدادية».
بينما ركزت أطروحة ماجستير «داليا عبدالحميد»، مسؤولة ملف النوع الاجتماعي وحقوق النساء في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، على روابط الأولتراس. وقالت لـ«العرب الجديد» إن السؤال المركزي هو: من له الحق في الوصول إلى الملاعب؟ مضيفة أن الملعب فضاء متنازع عليه وتريد الشرطة المصرية بسط مزيد من النفوذ عليه.
وأضافت أن حظر المشجعين من حضور المباريات المحلية ما زال ساريًا، ورفعته السلطات مؤقتًا لمدة من أجل الاختبار؛ ومن المجهول حتى الآن ما إذا كان سيستمر أم لا. وكانت مبارايات كرة القدم نقطة انطلاق أحداث عنف؛ بدءًا من مذبحة بورسعيد ومقتل 74 مشجعًا، إضافة إلى أحداث ستاد الدفاع الجوي التي راح ضحيتها 20 مشجعًا قبل مباراة الزمالك وإنبي.
وفي الشهر الماضي، حكم على شخصين بالسجن مدى الحياة، وحكم على 12 آخرين بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات لدورهم في الحادثة.
وقال «طارق عوضي»، المحامي عن الوايت نايتس، إنّ النائب العام ألقى باللوم على جماعة الإخوان المسلمين، مدعيًا انتهاجها العنف وسيلة لنشر الفوضى، ومضيفًا أنه منذ عام 2013 تستهدف الدولة المصرية أنواع التجمعات كافة، لا سيما الشبابية منها؛ إذ تريد تجنّب ثورة يناير جديدة، مؤكدًا أنّ وسائل الإعلام عادة ما تشارك في تشويههم، داعية الشرطة إلى فرض مزيد من التضييق عليهم.
وقالت داليا في أطروحتها إنّ الأولتراس مقسمون إلى جماعات، من بينها جماعة سرية صغرى مسؤولة عن اتخاذ القرارات الخاصة بالرابطة بأكلمها «الكابو»، وعلى مدار الشهور الماضية زادت الشرطة من قبضتها عليهم.
ففي سبتمبر الماضي، اعتقلت قوات الأمن 150 من مشجعي الأهلي في ملعب برج العرب بالإسكندرية، ضمن سلسلة من الاعتقالات التي استهدفت روابطهم؛ واعتقل المشجعون بسبب ارتدائهم قمصانًا مكتوبًا عليها 74، وهو عدد شهداء مذبحة بورسعيد، وفي يوليو اعتقل مجموعة أيضا ببرج العرب في الإسكندرية.
وضغط الاتحاد الإفريقي لكرة القدم على الحكومة المصرية مرارًا للسماح بعودة الجمهور إلى الملعب، خاصة كأس الأمم الإفريقية، على مدار العامين الماضيين؛ ولم ينتج سوى مزيد من التوتر والاعتقالات. وقالت داليا إنّ «هذا جزء من التصعيد الذي يمارس في ظل مناخ قمعي»؛ فهناك المئات منهم خلف القضبان، وحوّل بعضهم إلى محاكمات عسكرية.
وفي مايو 2015، حُظرت روابط الأولتراس واعتبروا جماعة محظورة، واستولي على مواقع اجتماعاتهم وأموالهم. وقال «طارق العوضي» إنّ القرار يعتبر عقوبة سياسية، والروابط ليست لها علاقة بالسياسة؛ لكنها تشكل تهديدًا للسلطة، بسبب مشاركتهم في ثورة يناير 2011..
وقال محمد الجوهري، الزميل في المجلس الأطلسي، إنّ الرابطة انسحبت من المشهد السياسي بعد إدراكها أنّ مشاركتها فيه غيّرت من طبيعتها وأثّرت على تماسك تنظيمها الداخلي وولائهم للنادي الأهلي؛ ما أدى في النهاية إلى تركيزهم على محاولة الوصول إلى الملاعب فقط.
وبسبب الخطاب الإعلامي المعادي لهم، يُنظر إلى الأولتراس اليوم على أنهم مجموعة من المتشددين؛ ما أفسد صورة كرة القدم في مصر.