على مدار عقد كامل، اصطدمت اتفاقات المصالحة الفلسطينية الموقعة بين حركتي فتح، وحماس بعدة ملفات يصفها محللون سياسيون فلسطينيون بـ«الشائكة»، تسببت في إفشالها.
ويقول المحللون، إن ملفي «الأمن والمعابر» من أبرز تلك الملفات الشائكة، يليهما ملفا الموظفين والانتخابات.
وأرجع المحللون سبب تفجر تلك الملفات على طاولة المحادثات ـ آنذاك ـ إلى عدم وجود إرادة حقيقية لتحقيق المصالحة لدى طرفي الانقسام، لكنهم اتفقوا على أن فرص نجاح المصالحة، رغم العراقيل، كبيرة هذه المرة.
وفي آخر سلسلة الاتفاقات بينهما، وقعت حركتا فتح وحماس في 12 أكتوبر الجاري، اتفاق مصالحة برعاية مصرية.
ونص الاتفاق على تنفيذ إجراءات لتمكين حكومة التوافق من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بحد أقصاه الأول من ديسمبر القادم، مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام.
ـ ملفا الأمن والمعابر
يعتبر ملفا الأمن والمعابر، بحسب مراقبين، من أكثر ملفات المصالحة تعقيدا، نظرا لتعلقه بقضيتي الشراكة بين الحركتين في تسلم وزارة الداخلية والأمن الوطني، وسلاح الفصائل.
أحمد يوسف، رئيس مركز بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات، يرى أن توافر الإرادة الحقيقية للمصالحة بين الحركتين، قادر على تجاوز مخاطر هذا الملف.
ويرجع «يوسف» سبب تعطيل هذين الملفين (الأمن والمعابر) لاتفاقات المصالحة السابقة، نظرا لتعاطي الحركتين مع كافة المسائل حزمة واحدة، في ظل غياب الثقة بينهما.
ويقول إن وثيقة المصالحة الوطنية الموقعة بين الحركتين عام 2011 في القاهرة، تحتوي على تفاصيل كاملة حول عمل الأجهزة الأمنية بغزة، وتوزيع وظائفها، مضيفا «كل هذه المسائل موجودة بتفاصيل لا يوجد عليها خلاف».
واستكمل «لا شك أنه مطلوب من حماس تقديم تنازلات كي يتم استيعاب عدد كافٍ من الرجال الذين كانوا يعملون سابقا في الداخلية وضبط الحدود والمعابر».
لكن مع التأكيد أن عمل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة يجب أن يكون عملا مشتركا، يجمع العناصر الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، والعناصر الذين وظفتهم حركة “حماس”، وفق يوسف.
وبحسب حركة حماس، فإن ملف «سلاح المقاومة لم يطرح على طاولة المفاوضات مع حركة فتح، كما أنها لن تسمح بطرحه في المستقبل.
ـ ملف الانتخابات
يشكل ملف «الانتخابات» بما يحتويه من تفاصيل سياسية (الاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة، والانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، وإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية،معضلة حقيقية في حال غياب قناعة الحركتين بمبدأ الشراكة السياسية.
ويرى مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، يرى أنه من الصعب الوصول إلى مرحلة التوافق على الانتخابات، في حال عدم إيمان الحركتين بمبدأ الشراكة السياسية.
ويُعتبر غياب مبدأ الشراكة العقبة الأساسية التي عرقلت جهود تحقيق المصالحة خلال السنوات الماضية، وفق إبراهيم، وذلك لرغبة كلا الفصيلين في الهيمنة على المؤسسات الحكومية، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وإلى جانب غياب الشراكة، يشكل اختلاف البرامج السياسية للحركتين، بحسب إبراهيم، تحديا كبيرا أمام تحقيق المصالحة.
وخلال جلسات الحوار المتعددة التي جرت في القاهرة والدوحة منذ 2006 وحتى 2014، حاول الطرفان تقليل الهوة بين البرنامجين، ولكن تمسك كل طرف بمبادئه أفشل ذلك.
فيما يُبقي غياب التفاصيل المتعلقة بالانتخابات، الملف ضمن الملفات «الشائكة» والصعبة، التي ستهدد المصالحة الفلسطينية، بحسب إبراهيم.
وبحسب الاتفاقات السابقة، فإنه يقع على عاتق حكومة الوحدة الوطنية التي من المقرر تشكيلها بناء على اتفاق المصالحة، مهمة التجهيز للانتخابات.
ويقول إن الانتخابات كما تراها حركة «حماس»، هي انتخابات لكل الملفات (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني «خارج فلسطين») يجب أن تجرى رزمة واحدة، بخلاف نظرة حركة فتح لها، حيث تطالب بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فقط.
ـ ملف الموظفين
يتخوف بعض المراقبين من حدوث إشكاليات متعلقة بملف الموظفين خلال عمل اللجنة الإدارية والقانونية التي شُكلت مؤخرا بناء على قرار رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، خاصة في الأمور المرتبطة بقضية التعيينات الحكومية بغزة.
وكان هذا الملف من أبرز معوقات نجاح اتفاق «الشاطئ» بين الحركتين الموقع عام 2014، حيث رفض الرئيس محمود عباس دمجهم ضمن موظفي الحكومة، واقترح تشكيل لجنة لدراسة ملفاتهم، وهو ما رفضته حماس.
وعينت حركة حماس قرابة 40 ألف موظف عقب سيطرتها على قطاع غزة عام 2007 لإدارة شؤونه، عقب استنكاف الموظفين الحكوميين عن العمل.
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، إن هذا الملف من وجهة نظر حركة حماس، هو «ملف هام وحيوي ولا يمكن التنازل عنه».
وأضاف «ملف موظفي غزة يمكن أن يكون من أسهل ملفات المصالحة إذا صدقت النوايا عند الطرفين».
المصدر: الأناضول