شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوس أنجلوس تايمز»: ثلاثة أسباب لإصابة السعودية بانفصام في الشخصية

العلم السعودي - أرشيفية

وصفت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» المملكة السعودية بأنها مصابة بانفصام في الشخصية؛ بسبب السياسات المتناقضة التي اتّبعتها مؤخرًا في محاولة لمواءمة التغيّرات الشرق أوسطية. واعتمدت السعودية من قبل على ثرواتها النفطية الهائلة، وأيضًا على الولايات المتحدة فيما يتعلق بأمنها، مستخدمة المملكة في شراء الأصدقاء وردع الأعداء المحتملين؛ بينما استخدمت أميركا لضمان بقائها، وباستثناءات قليلة، لم تشارك السعودية في حروب مع جيرانها.

غير أنّ هذا الوضع تغيّر في العقد الماضي؛ إذ تدخّلت السعودية عسكريًا في البحرين واليمن، وساعدت في تمويل انقلاب عبدالفتاح السيسي في مصر (2013)، ودعمت أيضًا المعارضين في ليبيا وسوريا، وشكّلت تحالفًا دوليًا يزعم أنه يحارب الإرهاب، وقادت أيضًا حملة مجلس التعاون الخليجي ضد جارتها الصغرى قطر.

لماذا التغيير المفاجئ؟

وأضافت الصحيفة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّه استنادًا إلى التطوّرات الأخيرة، من الواضح أنّ المسؤولين السعوديين يفترضون أنهم لم يعد بإمكانهم الاعتماد على ضماناتهم الأمنية التقليدية للنفط والولايات المتحدة، ويبدو أنهم يتصورون أنّ الضمان الوحيد لأمنهم هو قوتهم العضلية.

وأضافت أنّ هناك ثلاثة أسباب للتحوّل في الموقف الأمني ​​في السعودية: «الثورات العربية، سياسات أوباما الجديدة تجاه المنطقة، انهيار أسعار النفط».

1- الثورات.. تهديد متصوّر للسعودية

نظرت المملكة العربية السعودية إلى الانتفاضات العربية باعتبارها كارثة محتملة، فدعمت الأنظمة الاستبدادية في المنطقة. ولم تكن الانتفاضات مهددة للحلفاء الاستبداديين لها مثل مصر والبحرين فقط؛ ولكن للنظام الإقليمي وأسس شرعية المملكة العربية السعودية أيضًا. كما هددت الانتفاضات أيضًا بتوسيع نطاق الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة؛ وهو ما يخشاه النظام السعودي.

إضافة إلى ذلك، تخشى السعودية من أن تمهّد الانتفاضات الطريق أمام توسيع النفوذ الإيراني في جميع أنحاء المنطقة؛ ما أدى إلى تدخل السعودية في اليمن، لاعتقادها أنّ الإيرانيين تدخلوا فيها. لكنّ الواقع يقول إنّ المظالم المحلية، وليس التدخل الإيراني، أدت إلى نشوب حرب أهلية في اليمن، واُتُّهمت السعودية بالاتهامات نفسها في بالبحرين؛ على الرغم من أنّ اللجنة الملكية التي عينها ملك البحرين فشلت في العثور على أي دليل على التخريب الإيراني هناك.

كما هدّدت هذه الثورات بتمكين الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة، وتعتقد الأسرة المالكة السعودية أنّ الإخوان يوفّرون نموذجًا للتوفيق بين الدين والسياسة؛ ما يتنافس مع رؤيتها الخاصة في التوفيق بين الاثنين، وبينما ربط الإخوان بين الدين والسياسة سعت الأسرة المالكة السعودية إلى منع أحدهما من الآخر؛ لمنع نشوء حركة إسلامية محتملة لزعزعة الاستقرار، وهي استراتيجية المملكة من أجل البقاء منذ عام 1932.

وبناءّ على طلب من «عبدالعزيز بن سعود»، مؤسس الدولة السعودية الحالية، أكّد علماء دين سعوديون أنّ المسلمين يجب أن يطيعوا قادتهم ما دام أنّ هؤلاء القادة مسلمون؛ وما زالت هذه القاعدة سارية حتى الآن في السعودية.

غير ذلك، غضب السعوديون لاعتقادهم أنّ أميركا دعمت الثورات العربية. وفي الواقع، تناقضت الحكومة الأميركية تجاه الانتفاضات؛ لأن من أُطلقت ضدهم الثورات كانوا يحمون المصالح الأميركية في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية؛ فالسعوديين غاضبون من أنّ الولايات المتحدة لم تقدّم دعمها غير المشروط للحكومات الاستبدادية التي كثيرًا ما دعمتهم.

2- السعودية مقابل أوباما

تقود العوامل السابقة إلى سبب ثانٍ للبارانويا السعودية: سياسة أوباما الجديدة تجاه الشرق الأوسط؛ إذ سعى إلى تغيير رؤيته تجاه الشرق الأوسط، بعكس سلفه جوررج بوش، ورأى أنه من الأفضل تحويلها إلى شرق آسيا؛ إذ سيُحدّد المستقبل العالمي وليس لمنطقة معرضة للصراع وركود اقتصادي مثل الشرق الأوسط.

وهكذا كان أوباما يتطلع إلى خفض التزامات أميركا تجاه المنطقة وحل نزاعاتها أو على الأقل بطريقة سلسة؛ بحيث يمكن للولايات المتحدة أن توجّه انتباهها إلى مكان آخر، وهو أحد الأسباب التي أدت إلى توقيع الاتفاق النووي الإيراني، ومحاولته لاستئناف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والأهم من ذلك سعيه ليتحمّل الحلفاء الأميركيون في الشرق الأوسط مسؤولية الدفاع عن أنفسهم.

غير أنّ استراتيجية أوباما الكبرى جعلت حلفاء أميركا التقليديين في المنطقة يخشون التخلي عنهم، وارتعبت السعودية من فكرة أنّ عليها تقاسم النفوذ مع إيران، عدوها اللدود.

3- اعتماد المملكة على النفط

يرجع السبب الأخير للجنون السعودي إلى انهيار أسعار النفط من يونيو 2014 إلى أبريل 2016 بنسبة 70% لأسباب مختلفة، بما في ذلك وفرته في السوق والمصادر البديلة للوقود.

ويعتقد معظم الاقتصاديين أنّ أسعار النفط ستنتعش، وإن لم تكن إلى مستويات الذروة؛ ولكنّ هذا لم يمنع الدول المنتجة للنفط من اتباع نصيحة صندوق النقد الدولي لاتخاذ خطوات لتنويع اقتصاداتها، وكانت السعودية مستقبلة بشكل خاص لتدخلات صندوق النقد الدولي؛ ففي ربيع عام 2016 كشف نائب ولي العهد محمد بن سلمان آنذاك عن مشروع «رؤية 2030»، وتتضمن قائمة توصيات السوق الحرة المتعبة نفسها المطبّقة دوليًا منذ السبعينيات، والأمر ليس ابتكارًا من ابن سلمان.

وتشمل خطة ابن سلمان خصخصة الأصول الحكومية، بما في ذلك التعليم و5% من شركة النفط الوطنية «أرامكو»، وتقليل الدعم المقدم على النفط والكهرباء والمياه، وإضافة ضريبة الدخل وخلق 450 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع الخاص.

وقالت الصحيفة إنّه بالرغم من هذه الرؤية، فاحتمالات قدرة السعودية على تحويل اقتصادها في 13 عامًا لتصبح منافسة عالميًا ليست عالية، وهذه الإجراءات الموجودة في رؤية 2030 ضد الأدوات التي استخدمتها للمحافظة على نظام الحكم؛ إذ تمكّنت السعودية من منع امتداد الثورات إليها، بعدما وزعت منحًا قيمتها 130 مليار دولار أميركي على مواطنيها لمنعهم من الثورة ضد النظام الحاكم.

كما أنه يعني أيضًا ضمان التدفق الحر للمعلومات في بلد لا توجد فيه شفافية على جميع مستويات الحكم والتجارة، واحتلت السعودية في عام 2017 المرتبة 168 من بين 180 بلدًا في حرية الصحافة. وتشكّل المرأة 22% فقط من القوى العاملة في المملكة.

وتوقّعت الصحيفة أيضًا فشل هذه الرؤية؛ بسبب نية ابن سلمان التراجع عن مقترحات وادرة. وغير ذلك، ساهمت حرب اليمن الفاشلة، التي خاضها ابن سلمان، بشكل كبير في إضعافها.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023