تشترط الحكومة العراقية إلغاء استفتاء إقليم كردستان العراق على الانفصال قبل الدخول في أي مفاوضات مع مسئوليه، من أجل رفع الإجراءات العقابية التي اتخذتها بغداد وعدد من الدول المحيطة ضد الإقليم الذي أصر على إجراء الاستفتاء. وعلى الجانب الآخر جدد رئيس الإقليم مسعود البارزاني تمسكه بالحوار دون شروط.
ومع استمرار الأزمة دون تسويات، فإن الإقليم يبحث طرق مواجهة العقوبات المفروضة عليه سواء بإجراءات داخلية أو الحصول على دعم خارجي.
تصعيد بغداد مستمر
وتستمر بغداد في إجراءاتها العقابية ضد إقليم كردستان، على إثر الاستفتاء الذي أجراه في 25 سبتمبر، لتأييد الانفصال عن الدولة العراقية.
وفي آخر تطور لفرض العقوبات، أعلنت السلطات العراقية في بغداد إعادة فتح خط أنابيب نفط قديم يصل من كركوك إلى ميناء جيهان في تركيا، وذلك من أجل تجاوز خط النفط الذي يسيطر عليه الإقليم.
وتنفيذا لهذا لقرار، طلب الوزير جبار اللعيبي من شركة نفط الشمال -المملوكة للدولة وتتولى تشغيل حقول كركوك- وشركتي المشاريع النفطية وخطوط الأنابيب الحكومية بدء تأهيل وإصلاح شبكة الأنابيب الناقلة للنفط الخام من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي.
وطالبت الحكومة العراقية كلا من تركيا وإيران بإيقاف جميع التعاملات التجارية، خصوصاً المتعلقة بتصدير النفط، مع إقليم كردستان، وهو الامر الذي أعلنته تركيا تنفيذا لطلب بغداد.
وفي إطار استكمال الإجراءات العقابية، تتابع الحكومة إجراءات رفع دعوى لملاحقة موظفي الدولة العاملين بالإقليم الذين نفذوا إجراءات الاستفتاء المخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية.
وقررت نقل مقرات شركات الاتصالات والهواتف النقالة من الإقليم إلى بغداد.
موقف الإقليم
وفي مقابل الإجراءات العقابية المفروضة على الإقليم، يصر رئيس كردستان العراق مسعود البارزاني على عدم إلغاء نتيجة الاستفتاء، ولكنه جدد استعداد الإقليم للحوار مع بغداد بأجندة مفتوحة ودون شروط.
وعبر الباحث السياسي الكردي، عدالت عبد الله، عن تفاقم الأزمة بين الحكومة العراقية، والإقليم، وقال إن «اللغة الطاغية بين الإقليم وبغداد، هي التصعيد السياسي والإعلامي، ما يشير إلى أن احتواء الأزمة أصبح شبه مستحيل».
وقال عبد الله، في تصريح لـ «رصد»، إنه «في ظل فرض بغداد المزيد من العقوبات على الإقليم، وعدم تنازل إربيل عن نتائج الاستفتاء، بات احتواء التوتر بين الطرفين بات شبه مستحيل».
وعن العقوبات التي تفرضها بغداد، يرى الباحث السياسي، أنها لم تجدي نفعاً حتى الآن، لأن «الديبلوماسية الكردية تحاول امتصاص عواقبها في أكثر من اتجاه»، لافتا إلى أن «حكومة الإقليم بدأت باتخاذ بعض الإجراءات لتخفيف الأضرار الاقتصادية والتجارية التي ربما ستلحق الإقليم».
وأضاف أن «المواطنون في الإقليم، استعدوا لتفاقم الأزمة عبر شراء مواد غذائية تكفيهم لشهور، حتى يحدث انفراجه»، موضحا أنه في الوقت ذاته أن «الطرف الكردي يعمل على الحل السلمي للخلافات، وربما مستعد أيضا لتجميد نتائج الاستفتاء، إلى ما بعد الانتخابات العراقية المقبلة والتأكد من مدى جدية السلطة القادمة في العراق، في تنفيذ البنود الدستور والحفاظ على مبادئ الشراكة والتوافق والكف عن السياسات الطائفية الإقصائية تجاه المكونات الأخرى».
استعداد عسكري وتدخل دولي
وأشار الباحث إلى أن «الإقليم على استعداد عسكري تام للدفاع عن المناطق المتنازع عليها التي حررتها أو حمتها قوات البيشمركة بالدم».
وقال، إن «الأطراف الدولية ولاسيما أمريكا وفرنسا وعدتا الإقليم بالرد على أي هجوم أو اعتداء عسكري من قبل بغداد أو جهات إقليمية»، مؤكدا أن «هناك اجتماعات سرية بهذا الخصوص».
وفي المقابل، دعا رئيس الوزراء العراقي، قوات البيشمركة إلى عدم التصادم مع القوات الأمنية الاتحادية في المناطق المختلف عليها حفاظا على وحدة الدم والأرض، محذرا من «وجود أجندات لإثارة النعرات العنصرية».
وقال العبادي في تصريح صحفي إن «إدارة الأمن في المناطق المختلف عليها من صلاحيات الحكومة الاتحادية وليس غيرها».
حوار مشروط
وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، رفضه جميع المبادرات المطروحة، وإجراء حوار مع مسؤولي الإقليم، إلا بشروط ثلاثة، حددها في تصرح له وهي «وحدة البلاد، والدستور، ورفض الاستفتاء».
ولفت العبادي أنه «لن يقف مكتوفي الأيدي أمام محاولات تفتيت وحدة البلاد» – في إشارة إلى استمرار العقوبات.
ومن جهتها اعتبرت النائبة في مجلس النواب عن الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير، أن زيارة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، إربيل نقطة تحول ايجابية في العلاقة بين المركز والاقليم ضمن مبدأ الحوار الهادف الى صياغة الحلول لكافة الاشكالات.
وأشارت إلى أن هذه الزيارة كسرت الجمود الحاصل بين المركز والاقليم بمنأى عن نتائجها المتحققة.