قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إنّ الجاليات اليهودية في مصر أعلنت دعمها لترشيح مشيرة خطاب لتولي منصب المدير العام الجديد لليونسكو، في الوقت الذي ترفض فيه الجمعيات الحقوقية في مصر ترشيحها؛ بسبب صمتها المتواطئ أحيانًا مع سياسات النظام القمعية ووقوفها ضد القيم التي تدعو إليها الأمم المتحدة.
وأضافت، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ الهيئة الثقافية اليونسكو بدأت اليوم الاثنين التصويت لاختيار رئيس جديد، وسط ضغوط شديدة من الاحتلال الإسرئيلي لتقويض توجّه الهيئة المنحاز ضد «إسرائيل».
ملتزمة بقضايا «إسرائيل»
وقالت ماجدة هارون، رئيسة الجالية اليهودية في مصر، إنّ «مشيرة خطاب أظهرت التزامًا حقيقيًا بقضيتنا، المتمثلة في حماية التراث اليهودي في مصر»، وأضافت أنّ «مشيرة خطاب، التي تعرّضت إلى انتقاد النشطاء الحقوقيين في مصر، امرأة شجاعة لديها القدرة على النجاح في التصدي لقضايا صعبة»، وتتكون الجالية اليهودية من ستة يهود؛ منهم ماجدة.
مشيرة خطاب، التي عملت دبلوماسية في الولايات المتحدة مدة طويلة، تتنافس مع مرشحين آخرين للوصول إلى أعلى منصب في اليونسكو؛ خلفًا لإيرينا بوكوفا، التي تنتهي ولايتها.
وفي دعم ماجدة هارون لمشيرة، استشهدت بحملة في التسعينيات من أجل حقوق المرأة، كانت مشيرة حينها المساعدة الأولى للسيدة الأولى سوزان مبارك في البلاد آنذاك، كما عملت في منصب رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، وكانت واحدة من أهم مؤسسي التشريعات التي تجرّم زواج القاصرات وختان الإناث.
تواطؤ مع قمع الحكومة
في المقابل، رفضت جمعيات مهتمة بحقوق الإنسان ترشح مشيرة؛ إذ قال المحامي الحقوقي البارز جمال عيد إنّ المرشحة إلى منصب اليونسكو ليست مؤهلة له، بعد صمتها و«التواطؤ أحيانًا» مع سياسات الحكومة القمعية، وتحدّث جمال أنه حاول الحصول على مساعدة مشيرة بعد اقتحام رجال الأمن ثلاث مكتبات من أصل ستة أقيمت في الأحياء الفقيرة أسسها من جائزة مالية حقوقية فاز بها؛ لكن دون فائدة.
وبعد أن قدّمت مشيرة وعودًا بالمساعدة، قيل له إن الأمر بات بين يدي القضاء، الذي سيفصل في الأمر، وهو موقف أكده عبدالفتاح السيسي بعد، وقال جمال عيد إنه لا توجد قضية أساسًا تتعلق بشأن إغلاق المكتبات.
كما انتقدت جماعات حقوق إنسان ترشّح مشيرة؛ من بينها معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ونظرة للدراسات النسوية، ويرى هؤلاء أنها متواطئة في هجمات الدولة على القيم والأفكار التي تأسست عليها الأمم المتحدة.
تأثير دبلوماسي
تغادر إيرينا منصبها رئيسة للهيئة بعد مدة من العمل شابتها مشاكل تتعلق بالتمويل وتوترات بشأن إدراجها فلسطين عضوًا في الهيئة. ومن بين المرشحين الرئيسين الآخرين على المنصب «تشيان تانغ» من الصين، ووزير الثقافة السابق القطري حمد بن عبدالعزيز الكواري.
أثّرت الخلافات الدبلوماسية الحادة على السباق بين السبعة مرشحين المتنافسين على منصب المدير العام القادم لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، وأرادت الدول العربية منذ مدة طويلة أن تقود المنظمة؛ على الرغم من أن الانقسامات بشأن عضوية الفلسطينيين أدّت إلى تعقيد الأمر.
وأشعل منح اليونسكو العضوية الكاملة للفلسطنيين عام 2011 غضب «إسرائيل» وحليفتها القوية الولايات المتحدة؛ ما ترتّب عليه قطع الدولتين تمويلهما للوكالة في أعقاب هذه الخطوة.
مؤخرًا، أعلنت منظمة اليونسكو مدينة الخليل القديمة في الضفة الغربية موقعًا للتراث العالمي معرضًا للخطر، كما أصدرت قرارات تتجاهل فيها الصلات اليهودية تاريخيًا بالقدس وتنكرها؛ ما أثار غضب المسؤولين الإسرائيليين.
وكثّف المسؤولون الإسرائيليون الضغوط على المنظمة العالمية في السنوات الأخيرة، موجهين لها تهمًا بتمرير قرارات من جانب واحد تستهدف «إسرائيل» بشكل جلي؛ إذ قال المبعوث الإسرائيلي لليونسكو الأسبوع الماضي: «نرى كثيرًا صعودًا ملحوظًا للخطابات الحصرية بغية تشويه تراثنا واختزاله في مجرد قطع؛ عبر نزاعات لا تنتهي بشأن ماذا يخص من، يخص هذه الثقافة أم أخرى، وأي تراث هو الأعظم والأقدم والأقدس».
وقال مبعوث الاحتلال الإسرائيلي إنه المحتمل أن تؤجل أي قرارت مناهضة لـ«إسرائيل» في قمة اليونسكو الكبرى هذا الأسبوع؛ ما يعدّ بمثابة انتصار دبلوماسي هام لـ«إسرائيل»، وكما حدث مرات سنويًا في السنوات الماضية، صاغت دول عربية في اليونسكو قرارين يدينان «إسرائيل» بسبب الأعمال التي تقوم بها في القدس وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وأماكن أخرى.
ولكن، نتيجة للضغط الشديد الذي تمارسه دولة الاحتلال، لن يُصوّت على قرارات من هذا القبيل في الاجتماع الثاني والعشرين للمجلس التنفيذي لليونسكو، الذي بدأ اليوم الاثنين في باريس؛ وبدلًا من ذلك، من المتوقع أن يصدر بالإجماع قراران يستبعدان هذه المقترحات لمدة ستة أشهر.
وقال شاما هاكوهين لصحيفة «التايمز الاسرائيلية» إنه «من المتوقع أن تُمرّر قرارات التعطيل بالإجماع؛ ما لم تخرق الدول الأعضاء التزامها في الوقت الأخير»، وأضاف أنّ «الوقت هو ما سيحدد إذا كان هذا التغيير التكتيكي والتقدم الكبير نحو محو أساليب التحريض والتسييس ضدنا مجديًا أم لا».