قالت تقارير إنّ الرئيس السوداني «عمر البشير» ينوي الحصول على مدة رئاسية ثالثة في انتخابات 2020 المقبلة، ووقع الخبر كالموسيقى على آذان مؤيديه، وفقًا لصحيفة «ميدل إيست مونيتور»؛ لكنّ هذه النقطة حاسمة للمعارضتين المحلية والدولية الشرستين اللتين يواجههما، وقبل أيام من رفع الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، موضحة أنه انتحار سياسي في ظل مساعي «ترامب» لرفع العقوبات.
وأضافت الصحيفة، وفقًا لترجمة «شبكة رصد»، أنّ العقوبات الاقتصادية الأميركية الموقعة على السودان لمدة 20 عامًا بسبب إدانة سجله في حقوق الإنسان المتدهور، ومعاملته الأقليات الدينية، ورعاية السودان للإرهاب، وتوجيه تهم ارتكاب جرائم حرب إلى «البشير» ومسؤولين حكوميين آخرين.
وقالت إنّ كل هذه القضايا كانت بمثابة العصا المثالية للضغط على حكومة السودان، في حين يتوقع المحللون تنحي البشير عام 2020، وهناك نقاشات دائرة الآن في الحزب الحاكم بشأن تعديلات ستورية تسمح له بمد ولايته خمس سنوات أخرى.
نتائج إيجابية
وخرجت رسائل مختلطة من واشنطن باحتمالية رفع العقوبات المفروضة على السودان؛ إذ رفعت اسمه من قوائم البلدان المحظور سفر مواطنيه إلى الولايات المتحدة، ويتوقع المحللون أن تأتي وراء هذه الخطوة نتائج أخرى أكثر إيجابية فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على السودان.
وقال دبلوماسي بارز، طلب ألا يُكشف عن هويته لـ«ميدل إيست مونيتور»، إنّ الاحتمالات الآن تتأرجح لصالح السودان بعد رفع اسمه من قوائم حظر السفر، وأضاف: «قبل رفع الحظر المفروض على السفر، كان يمكن أن أقول إنّ لدينا فرصة بنسبة 45% لرفع العقوبات الاقتصادية؛ لكنني الآن أقول إنها تقترب من 85 إلى 90%».
لكنه قال إنّ «دونالد ترامب» بعث برسالة إلى العضو في الكونجرس «جيم ماكجفرن» قال فيها إنه لا ينوي أن يهدئ من تصعيد الوضع ضد السودان، حتى لو جزئيًا؛ حتى يتعهد بتحسين سجله في حقوق الإنسان والحريات الدينية وجلب مرتكبي جرائم الحرب ضد الإنسانية في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ولكن، من عجائب القدر، أنّ هذه العقوبات كانت لها نتائج إيجابية؛ فمذكرة القبض على البشير جعلت الجميع يتّحد للمرة الأولى؛ إذ اتفقت جميع دول الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي على دعم السودان، لكنّ إدراج السودان قبل بضعة أيام على قائمة البلدان التي لم تفعل ما يجب لمنع الاتجار في البشر كان ضربة لجهود الخرطوم في تطبيع علاقتها مع الولايات المتحدة وبقية دول العالم، حسبما أوضح الدبلوماسي.
حلّ توافقي؟
ومع ذلك، فالأنباء التي تفيد بأنّ «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم قد يسعى إلى تغيير الدستور والسماح للرئيس بالترشح لولاية ثالثة سيؤدي إلى إشعال المعارضة الداخلية، وزيادة عداء أعضاء الكونجرس الذين وقعوا عريضة تطالب ترامب بألا يرفع العقوبات المفروضة على السودان.
ويقول الدكتور «خالد تيجاني»، رئيس تحرير صحيفة «الاقتصادية» السودانية، إنّ الآراء التي أعرب عنها بعض أعضاء الكونجرس تعني أنّ رفع العقوبات بالكامل في الأسبوع القادم لن يتم بأيّ حال من الأحوال، مضيفًا أنه يعتقد أن ترامب قد يقدّم حلًا آخر توافقيًا أكثر؛ لتقديم جزء مما يريده إلى السودان، في الوقت الذي يفرض فيه شروطًا إضافية ترضي جماعات الضغط المناهضة للسودان في الكونجرس.
وقال خالد إنّ «كثيرين في الكونجرس يرون مكافأة السودان عبر رفع العقوبات المفروضة عليه يتناقض مع الموقف الذي اتخذ ضده بعدما دعي البشير إلى زيارة السعودية من قبل لحضور القمة العربية الإسلامية في الرياض ثم أعلنت وزارة الخارجية أن البشير شخص غير مرغوب فيه وأجبرته على إلغاء خططه في اللحظة الأخيرة؛ إذ كان من المتوقع أن يتقابل مع ترامب ويحييه».
الخميس المنتظر
وظهرت تقارير إعلامية غير مؤكدة أمس تقول إنّ رفع الجزاءات بالكامل سيُعلن قبل الموعد النهائي المحدد في 12 أكتوبر، وقال وزير الخارجية السوداني «إبراهيم غندور» في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن بلاده التزمت أيضًا باتفاقات إضافية بشأن كوريا الشمالية، مضيفًا أنّه كانت هناك مخاوف من الكوريين الشماليين؛ لكن الإدارة الآن مقتنعة تمامًا بأنّ السودان لا يملك أيّ علاقات مع كوريا الشمالية على الإطلاق.
لكن خالد تيجاني قال إنّه مهما كان القرار، فمن المرجح أن تستمر الإدارة الأميركية في تهميش البشير، مضيفًا: «نعلم أنّ المخابرات الأميركية وفروع الإدارة الأميركية، بما في ذلك السلك الدبلوماسي، يضغطون لرفع العقوبات عن السودان؛ لكنّ محاولة البشير لخوض ولاية ثالثة قد تزيد من سوء الأمور وترسّخ من الجماعات المعارضة في الكونجرس».
وختمت الصحيفة بأنّ الجميع ينتظر بفارغ الصبر يوم الخميس المقبل، الموعد النهائي لرفع العقوبات عن السودان، وليس من السودانيين فقط؛ بل من الدول التي لها علاقات تجارية معها في الخليج وأوروبا والدول التي تحرص على الاستفادة من الثروة المعدنية غير المستغلة في السودان، كما سيحرصون على رؤية دلائل على أنّ الاستقرار السياسي والاقتصادي هناك يمكن تحقيقه.
ولكن، مع التكهنات التي تقول إنّ البشير سيترشح إلى ولاية أخرى؛ هناك تخوفات من اضطراب المشهد الداخلي والخارجي للسودان، والأسوأ من ذلك أنّ الضغط الدولي قد يأخذ أشكالًا أخرى من العقوبات.