«من شراء الأراضي وتعويض مالكيها؛ بغية تنفيذ مشروعات توسعة الحرم المكي، إلى بيع الأراضي بالمنطقة المركزية قرب الحرم؛ لإنعاش القطاع العقاري، هكذا تنقلب الأمور هنا».. بتلك العبارة يصف منصور عبد الباري، عضو اللجنة العقارية في غرفة مكة للتجارة والصناعة، مساعي الحكومة السعودية لإنعاش السوق العقارية التي اتسمت بالركود خلال الفترة الماضية.
وينطلق اليوم الخميس 5 أكتوبر بمكة المكرمة، أكبر مزاد عقاري من نوعه، من حيث الموقع والمساحة داخل المنطقة المركزية، وبإطلالة فريدة على الحرم المكي وجسر الجمرات، والذي من شأنه تغيير مسار القطاع العقاري الذي يشهد ركودًا منذ سنوات.
ويعد هذا المزاد فرصة كبيرة للربح، وتصل مساحة أراضي المزاد إلى نحو 50 ألف متر مربع، مقسمة على 3 مواقع بمنطقة محبس الجن، حيث تقع الأولى على محور طريق الملك خالد المتجه إلى الحرم المكي، وطريق الملك عبد العزيز المؤدي إلى منى، بجوار أبراج المحيسني، ومساحتها 13.076.68م2، والثانية قريبة من أنفاق الملك عبد العزيز خلف فندق الأصيل بلازا بمساحة 6.093.70م2، والثالثة بمساحة 34.651.14 م2 وتقع على إشارة مسجد القطري خلف أبراج المحيسني.
وأضاف عبد الباري لــ«هاف بوست عربي»، أن هذا المزاد يهدف إلى إحياء الاستثمارات العقارية التي «خبا بريقها تزامنًا مع انخفاض أسعار النفط في السعودية».
وأوضح أن الاستثمارات العقارية قرب الحرم المركزي تعد ربحاً مضموناً، لا جدال عليه، إضافة إلى أهمية تشجيع المستثمرين لتطوير المنطقة المركزية قرب الحرم.
لماذا المنطقة المركزية؟
تعد المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي ذات اختصاصات واستثناءات تميزها عن غيرها على مستوى المملكة، وعلى مستوى مكة بشكل خاص؛ الأمر الذي دفع أهل مكة للاستفادة منها في الأوقات التي تضيق بها الأحياء بالخدمات؛ بسبب إغلاق المحال قبل منتصف الليل، إلا أن حدود «المركزية» لا تزال محل جدل وخلاف بين كثير من المكيين؛ بسبب التغيرات التي طرأت على المنطقة في الأعوام الأخيرة.
ويعود اختلافُ كثير من أهل مكة في تعيين حدود «المركزية» بشكل قاطع، إلى امتداد خدماتها، بالإضافة إلى توسع إسكان الزوار والمعتمرين المتقاطرين إلى الحرم والمناطق المحيطة بالمركزية التقليدية التي عرفها أهل مكة قبل التقدم المشاريعي الكبير الذي تشهده مكة المكرمة في السنوات الأخيرة، حيث إن المظاهر التي كانت تنحصر في «المركزية»، مثل انتشار المعتمرين في الأسواق للتبضع وشراء الهدايا، باتت واضحة في كثير من الأحياء المحيطة بالمركزية من جهاتها الأربع.
والعامل الآخر الذي يزيد من أهمية المنطقة المركزية بالعاصمة المقدسة، هو ازدحام تلك المنطقة بالمعتمرين والحجاج طوال أيام السنة، فمنهم من يقصد المنطقة المركزية للتبضع، إضافة إلى كون تلك المنطقة ممتلئة بالفنادق، فقرب تلك المنطقة من الحرم يؤمّن لها رزقاً مستداماً طوال أيام السنة.
وبحسب إحسان الأيوبي، الذي يعمل في مجال بيع وشراء الأراضي، فإن الأراضي بالمنطقة المركزية تعد مطمعاً لكثير من التجار؛ وذلك لكونها تمثل عاملاً مهماً في زيادة حجم الأرباح عبر ارتفاع سعر المتر المربع، حيث إن معدل المتر المربع في المنطقة التجارية القريبة من الحرم يمكن أن يصل إلى 100 ألف دولار، كأغلى متر مربع على مستوى العالم.
وأضاف الأيوبي لـ«هاف بوست عربي»، أنه رغم أهمية تلك المنطقة، فإن العديد من المستثمرين عزفوا عن دفع بأموالهم إلى تلك المنطقة؛ ظناً منهم أن الحكومة السعودية ستعمل على كبح جماح إنفاقها على خطط تطوير مكة المكرمة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط، «إلا أن هذا المزاد المعلن سيسهم في إنعاش الاستثمارات العقارية بتلك المنطقة».
تعويضات خرافية مقابل الأراضي
في عام 2014، وفي أكبر عملية تعويض مالي تشهدها السعودية والعالم العربي، حصل مواطن سعودي على 9 مليارات ريال سعودي مقابل التنازل عن عقاره الذي تقدر مساحته بـ7525 متراً مربعاً.
ودخل المواطن السعودي قائمةَ أثرى أثرياء العرب بعد حصوله على التعويض الكبير مقابل العقار الذي يملكه بمكة المكرمة، والذي سيتم استغلاله في توسعة الحرم المكي.
ولامس سقف التعويضات الكلية المصروفة 100 مليار ريال في كل مراحل مشروع التوسعة للحرم المكي.
ويضيف هنا منصور عبد الباري: «بالفعل، أضحى العديد من المواطنين أثرياء، بفعل التعويضات التي دفعتها الحكومة، مقابل الحصول على أراضيهم وممتلكاتهم العقارية وإدخالها ضمن مشروع التوسعة، حيث جنى العديد منهم الملايين ومليارات الريالات، بعد تثمين تلك العقارات والأراضي، ودفع التعويض المناسب لهم».
وينظر العديد من المواطنين، لا سيما تجار الأراضي، إلى أن الاستثمار العقاري وشراء الأراضي هو أكثر الاستثمارات أمناً، بفعل زيادة الطلب الدائم، وارتفاع حجم المنفعة من تأجير تلك الأراضي للفنادق وغيرها من مؤسسات الحج والعمرة.