قال موقع «لوب لوج» الأميركي إنّ مناقشات وسائل الإعلام بشأن الحرب في اليمن ركّزت بشكل عام على دور حملات القصف التي تقودها السعودية وقتلت آلاف المدنيين واستهدفت المستشفيات والأسواق، وحتى الجنازات. وفي الأسبوع الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إنّ السعودية أطلقت غارة أسفرت عن مقتل 16 مدنيًا؛ بينهم سبعة أطفال، بـ«قنبلة» زوّدتها بها الولايات المتحدة.
وأضاف أنّ هذا الأمر نوقش في الكونجرس، وصوّت أعضاء على منع تصدير الأسلحة إلى السعودية؛ لكنّ جميع المناقشات أغفلت دور الإمارات في ما وصفته الأمم المتحدة بـ«أسوأ كارثة إنسانية في العالم».
«شواء» الإمارات
وقال الموقع، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ ما يزيد الأمور سوءًا هو معارضة النظام السعودي بشدة للجهود الرامية إلى إجراء تحقيق مستقل للأمم المتحدة في جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع. وبالرغم من الرغبة الملحة في إيقاف السعودية، هناك نظام آخر مدعوم من الولايات المتحدة يشارك في الأنشطة العسكرية هناك ويتحمّل جزءًا كبيرًا من الآثار المدمرة التي طالت اليمن، وهو الإمارات العربية المتحدة.
وكانت الإمارات من أهم المشاركين في الحرب البرية والحصار البحري على اليمن؛ ما صعّب وصول المساعدات الإنسانية لمن يحتاجونها للغاية. ومؤخرًا، كانت هناك ادّعاءات بأنّ الإمارات وحلفاءها المحليين يديران شبكة من السجون السرية في اليمن؛ حيث يتعرّض المشتبه بهم بانتظام إلى أعمال تعذيب وحشية، بما في ذلك تقنية تسمى «شواء».
وسائل الدعم
ويقول «لوب لوج» إنّ للولايات المتحدة علاقات وثيقة طويلة الأمد مع الجيش الإماراتي؛ بدءًا من المشاركة في التدخلات العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة في الصومال والعراق (1991) وكوسوفو وأفغانستان وسوريا، وكان الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة غزو إدارة بوش للعراق عام 2003. ولفت وزير الدفاع «جيمس ماتيس» ومسؤولون أميركيون آخرون إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ مدة طويلة بأنها «ليتل سبارتا»؛ تقديرًا لفعالية قواتها الجوية والبرية.
وأضاف أنّ ما يؤكد هذه العلاقة عمل «جيمس» مستشارًا غير مدفوع الأجر للجيش الإماراتي بعد تقاعده رئيسًا للقيادة المركزية الأميركية وقبل أن ينضم إلى إدارة ترامب وزيرًا للدفاع. وتقول بيانات وتقارير إنّ الولايات المتحدة درّبت أكثر من خمسة آلاف فرد من الجيش الإماراتي منذ عام 2009.
وأكّد أيضًا أنّ الولايات المتحدة أدّت دورًا تمكينيًا لجهود الحرب الإماراتية في اليمن؛ فقدّمت لها معظم الأسلحة، ودرّبت الآلاف من أفرادها العسكريين، وزوّدت طائراتها بالوقود، وأعطتها كثيرًا من الأسلحة ذات الصلة المباشرة بالحرب في اليمن، بما في ذلك أكثر من 30 ألف قنبلة منذ بدء التدخل الذي تقوده السعودية في مارس 2015 في اليمن. وبينما يرفض «البنتاجون» الكشف عن عدد القنابل المُسلّمة إلى الإمارات حتى الآن؛ فما يحدث يلفت إلى أنّ واشنطن تؤيد سلوك الإمارات في اليمن.
وقال الموقع إنّه «على أيّ حال، أكثر من نصف القوات الجوية لدولة الإمارات تتكون من نماذج أميركية من طراز F-16، وهي أكثر قدرة من تلك التي تمتلكها القوات الجوية الأميركية».
وعلى الرغم من أنّ إدارة أوباما بدت منقسمة داخليًا بشأن الدعم الأميركي المستمر للسعوديين وحلفائهم في الصراع اليمني، كما يتضح من تعليق بيع القنابل الموجهة في وقت متأخر من ولاية أوباما؛ لم يكن لـ«إدارة ترامب» مثل هذه التحفظات. ويرى ترامب التدخل السعودي في اليمن استجابة سريعة وطبيعية للتوسع الإيراني في المنطقة، بدعمها للحوثيين؛ لكنّ معظم الخبراء في المنطقة قالوا إنّ الدور الإيراني في اليمن محدود، وقوى الحوثي لديها مظالم طويلة من شأنها أن تقودهم إلى الكفاح من أجل حصة كبرى من السلطة السياسية والاقتصادية داخل اليمن؛ بغض النظر عما إذا كانت إيران متورطة في الصراع أم لا.
وقال الموقع إنّ «الأمل الوحيد» لسياسة الولايات المتحدة هو تزايد المعارضة داخل أميركا نفسها للنهج الحالي؛ بسبب الدعم العسكري غير النقدي للسعوديين وحلفائهم في الحرب، بقيادة أعضاء مثل السيناتور «كريس ميرفي» و«راند بول» و«تيد ليو»، وغيرهم، الذي ركّز على أنّ دعم واشنطن للسعوديين والإماراتيين ينطوي على تورّط أميركا في جرائم حرب تخلق حالة من الفوضى تساهم في إيجاد فرص وقواعد جديدة لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة.
وطالب الموقع بأن تتبنى أميركا سياسة أكثر صرامة تجاه اليمن؛ لدعم إجراء تحقيق مستقل بشأن انتهاكات حقوق الإنسان من جانب جميع أطراف النزاع، وطالبت أيضًا بتعليق الأسلحة والتدريبات الأميركية للسعوديين والإماراتيين؛ حتى تُحلّ مزاعم التعذيب والاستهداف المتعمد للمدنيين، والضغط على حلفاء الولايات المتحدة للمشاركة في محادثات السلام الشاملة، مضيفة أنّ أيّ شيء أقلّ من ذلك سيقوّض أمني الولايات المتحدة والمنطقة.