كشف تقرير للإدارة الأميركية أن مصر أخفقت في حماية حرية التعبير، والأقليات، والتحقيق في انتهاكات قواتها الأمنية والعسكرية، وحالت دون وصول مراقبين أميركيين إلى شبه جزيرة سيناء التي مزقتها الصراعات.
ونشرت الأسوشييتدبرس التقرير قبل ساعات من لقاء عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وطالبت المذكرة بأن تواصل إدارة ترامب تقديم مساعدات أميركية معينة إلى القاهرة على الرغم من إخفاقها في الوفاء بعدة شروط بشأن الحكم الرشيد. وجاء في المذكرة أن المناخ العام لحقوق الإنسان في مصر في حال تدهور مستمر.
وخفضت إدارة ترامب الشهر الماضي ما يقرب من 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر، والتي تعتبرها أميركا شريكا رئيسيا في «مكافحة الإرهاب»، وهو ما أدى مرارا وتكرارا إلى تغاضي الولايات المتحدة عن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان. إلا أن الإدارة قالت إن مصر ستستمر في الحصول على تمويل عسكري بقيمة أكثر من 200 مليون دولار في وقت لاحق إذا ما أدخلت تحسينات بما في ذلك تخفيف القيود الصارمة المفروضة على منظمات المجتمع المدني.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قالت إنها لا تستطيع أن تؤكد أن مصر استوفت شروطها للحصول على المعونة، فإن القانون يسمح لوزير الخارجية ريكس تيلرسون بالتنازل عن هذه الشروط إذا ما قرر أنها في مصلحة الأمن القومي الأميركي ويقوم بصرف الأموال على أي حال. لكن القانون يتطلب أيضًا «مذكرة تبرير» تفصيلية توضح كيف أن مصر تقصّر.
ولم يتناول السيسي بشكل مباشر الانتقادات العالمية لسجل بلاده في حقوق الإنسان في خطابه أمام الأمم المتحدة أمس الثلاثاء. إلا أنه قال إن بلاده تعمل على تمكين شعبها اقتصاديا بالرغم من أنه «محاصَر بأكثر الأزمات خطورة في العالم».
وبموجب شروط المساعدات، يجب أن تكون الولايات المتحدة قادرة على مراقبة كيفية استخدام الأموال والأسلحة التي يتم نقلها إلى الحكومات الأجنبية.
وأضاف التقرير أن «الإدارة الأميركية تستحق الثناء في الاعتراف في هذا التقرير بالواقع الوحشي المتمثل في تصعيد انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الدولة المصرية».
وذكرت الولايات المتحدة في التقرير أن القاهرة فشلت في تلبية خمسة معايير منصوص عليها في فاتورة الإنفاق السنوية التي تغطي المساعدات الخارجية. وذكرت المذكرة وقوع حوادث محددة، منها اعتقال أكثر من 30 عضوًا من أحزاب المعارضة منذ مايو. وفي الفترة نفسها، ذكر التقرير أن السلطات المصرية قامت بغلق أكثر من 100 من وسائل الإعلام عبر الإنترنت، وجمّدت أصولا لنشطاء، وفشلت في توفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجَزين السياسيين.
كما تنتقد المذكرة القاهرة لتسهيلها «الإفلات من العقاب» لقوات الشرطة والأمن على الرغم من التقارير عن «عمليات القتل التعسفي» أثناء الاعتقال. وتنتقد أيضًا توقيع السيسي قانونا في أيار يعتبر حملة ضد الجمعيات غير الحكومية، بما فيها التي تدعو إلى تحسين حقوق الإنسان في مصر.
تعتبر مصر ثاني أكبر مستفيد من المساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، وتتلقى حوالي 1.3 مليار دولار سنويا. وقد تجنب ترامب عمومًا النقد المباشر للسيسي على سجل حقوق الإنسان في بلاده، دون أن يذكر ذلك في بيان علني صدر بعد اجتماعهما الأول في المكتب البيضاوي في إبريل.
وقال تقرير سابق لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» صدر في سبتمبر الماضي إنه منذ يوليو 2013، عندما أطاح الجيش المصري بأول رئيس منتخب بحرية في البلاد، عاد التعذيب كورقة رابحة للأجهزة الأمنية في مصر، وساعد انعدام المساءلة تجاه ممارساته المنهجية في تحديد شكل نظام الحكم السلطوي الذي يقوده عبد الفتاح السيسي.
وأضاف التقرير أن السيسي حاول الوصول إلى الاستقرار السياسي مهما كان الثمن، وهو ما منح وزارة الداخلية الحرية الكاملة لارتكاب الانتهاكات ذاتها التي أشعلت انتفاضة عام 2011.
ورصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وهي مؤسسة حقوقية مستقلة، 30 شخصا ماتوا تحت التعذيب أثناء احتجازهم في مراكز الشرطة ومواقع الاحتجاز الأخرى التابعة لوزارة الداخلية، بين أغسطس 2013 وديسمبر 2015. في 2016، أفادت التنسيقية المصرية أن محاميها تلقّوا 830 شكوى بشأن التعذيب، وأن 14 شخصا آخرين ماتوا من التعذيب أثناء الاحتجاز.
المصدر: العربي الجديد