عاد السفير الإسرائيلي لدى مصر ديفيد جوفرين، مؤخرًا، إلى القاهرة، بعد غيابٍ نحو 9 أشهر بحقيبة دبلوماسية تحوي 3 ملفات بارزة، ، تخللها زيارات متقطعة، فيما يشير مراقبون إلى أنها زيارة تمهد لعودة دائمة.
وبينما اقتصرت التوضيحات الإسرائيلية حول عودة السفير على تحسن الأوضاع الأمنية في مصر، من دون تعقيب رسمي من القاهرة، إلا أنّ محللين سياسيين تحدثوا، للأناضول، ربطوا تلك العودة بـ 3 ملفات.
الملفات الثلاثة مرتبطة بـ«التقارب الأخير بين القاهرة وحركة حماس الفلسطينية»، بجانب تعزيز «قضية السلام»، وثالثًا «التنسيق حيال قضايا الشرق الأوسط المتأزمة».
في ديسمبر 2016، استدعت تل أبيب سفيرها من القاهرة لـ«دواع أمنية»، في خطوة لم تعلن عنها إلا بعد مرور شهرين، ودون ترتيب معلن مع القاهرة، وفق تقارير صحفية سابقة.
وفي 6 سبتمبر الجاري، قالت الإذاعة الإسرائيلية، إن جوفرين عاد وطاقم السفارة الإسرائيلية، إلى القاهرة لمتابعة عمله.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت الشهر الماضي، إن تل ابيب والقاهرة اتفقتا على «ترتيبات أمنية جديدة (لم تحددها)، تسمح بإعادة فتح السفارة الإسرائيلية».
الملفات الثلاث:
بحسب أحاديث محللين، كانت عودة السفير الإسرائيلي لمصر مرتبطة بملفات ثلاثة هي:
أولاً: تقارب مصر – حماس
خلال الأشهر الأخيرة، تحسنت العلاقات بين القاهرة وحماس، بشكل ملحوظ، توج بتحقيق مصر فوائد اقتصادية عبر تصدير بضائع إلى غزة، وسياسية بالحفاظ على وضعها كراع رئيس للملف الفلسطيني، وأمنية عبر ضبط الحدود، مقابل سعي حماس إلى تحسين الوضع المعيشي في قطاع غزة المحاصر، في ظل تراجع مواردها المالية،
إثر إغلاق وتدمير السلطات المصرية للأنفاق الحدودية، وفق مراقبين.
وما يدلل على ذلك عقد الحركة الأسبوع الجاري، أول اجتماع لمكتبها السياسي الجديد، في القاهرة.
ويمثل هذا الاجتماع تطورًا لافتًا في العلاقة بين الجانبين، التي خيم عليها التوتر والاتهامات طويلًا، قبل أن تقول حماس أكثر من مرة مؤخرا إن هناك توافق وتفاهمات، لم تحددها، تمت مع مصر.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، في حديث للأناضول، أن «إسرائيل ترى أنه من الأفضل أن توجد في القاهرة، خصوصًا في ظل التقارب بين مصر وحماس وبين مصر وفتح، وبالتالي هي تريد متابعة هذه الأمور بشكل أدق»، مستدركًا «في كل الأحوال العلاقات المصرية الإسرائيلية ممتازة، ولن تؤثر عليها تقاربات القاهرة وحماس».
ثانيًا: تحريك جديد للقضية الفلسطينية
ويوضح جواد الحمد، أن مصر تريد أن تستعيد دورها في القضية الفلسطينية فيما يتعلق بعملية السلام، خاصة التفاوض مع إسرائيل.
ويذهب الحمد إلى أن عودة سفير إسرائيل إلى القاهرة، حتى لو كانت من الناحية الشكلية، تعد «دافعًا لتطويع الجبهة الفلسطينية الداخلية لعملية السلام».
ويشدد على أن «عودة السفير تخدم الدور المصري في القضية الفلسطينية، ما يلزمه استعادة العلاقات الحميمية مع إسرائيل».
ويشير الحمد إلى أن لدى السفير ملف بارز مهم بالنسبة لتل أبيب يجب متابعته في القاهرة عن قرب إضافة إلى الملف المتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس أيضًا.
ثالثًا: أزمات المنطقة
تشهد المنطقة العربية، عدة أزمات بارزة، وصلت حد الصراع العسكري، خاصة في سوريا وليبيا واليمن، وهي أوضاع غير مستقرة، تتابعها إسرائيل عن كثب.
والوضع الإقليمي المضطرب، يراه الخبير السياسي حسن نافعة، دافعًا إسرائيليًا حول ضرورة وجود «جوفرين» في القاهرة،«حتى لو كانت هناك أزمات أمنية تهدده».
ويضيف «الوضع السوري مثلاً، تطور واختلف جذريًا وبات مقلقًا لإسرائيل، والمنطقة العربية تمر الآن بحالة سيولة شديدة، ولا أحد يعرف إلى ماذا ستستقر الأمور، بخلاف الوضع العالمي المضطرب (..) وهي أمور تدفع بقوة نحو ضرورة عودة السفير إلى القاهرة، من وجهة نظر تل أبيب».
مستقبل مستقر
في مقابل ذلك، يستبعد طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجود أي دلالة وقتية لعودة السفير الإسرائيلي، موضحًا «حين يعود السفير إلى مصر، فهذا لا يعني أن العلاقات بين البلدين تشهد نموًا أو تطورًا، إنما هي علاقات ثابتة ومستقرة».
ويضيف «السفير الإسرائيلي كان يتردد على القاهرة من آن لآخر، خلال فترة الغياب، وعودته الحالية روتينية، حيث إنه لم يكن هناك أي مبرر لمغادرته قبل نحو 9 أشهر».
ويقلل فهمي، من أهمية دور السفير الإسرائيلي في القاهرة، قائلاً إنه «ليس بدرجة القوة، كي يفتح علاقات لمتابعة قضايا حساسة».
غير أن الخبير الأردني جواد الحمد يقول إن السفير الإسرائيلي من الممكن أن يمارس أدوارًا اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية بين الجانبين، خلال تواجده في القاهرة.
وفي سبتمبر 2015، أعلنت تل أبيب إعادة افتتاح سفارتها في العاصمة المصرية، القاهرة، بعد 4 سنوات من الإغلاق، عقب اقتحام حشود غاضبة لمقر السفارة ردا على مقتل جنود مصريين برصاص إسرائيلي على حدود البلدين، وهي الواقعة التي اعتذرت عنها تل أبيب.
وفي الأشهر الأخيرة، صدرت العديد من التصريحات عن مسؤولين إسرائيليين، تشيد بالعلاقة مع مصر، التي تعتبر أول دولة عربية تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979.
المصدر: الأناضول