مع تأخر تنفيذ الوعود الروسية بعودة السياحة إلى مصر، لجأ النظام إلى التفكير في إجراء جديد لاستجداء الأجانب، وهو إلغاء تأشيرات دخول المواطنين الروس مؤقتا، حسبما كشفت الرابطة الروسية للشركات السياحية «توربوموش» اليوم الأربعاء.
محمد مسعود عضو لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، قال: «إن إلغاء تأشيرات الدخول مؤقتا للمواطنين الروس قد يساعد على تطوير الاقتصاد المصري وتعزيز الاتصالات الثقافية بين مصر وروسيا».
من جهتها أكدت جمعية الشركات السياحية الروسية (أتور) أن إلغاء تأشيرات الدخول للروس سيتيح استقطاب مصر لعدد كبير من السياح، وسيدل على اهتمام مصر باستعادة تسيير الرحلات الجوية في مجال السياحة بأسرع وقت ممكن.
وأشار النائب المصري إلى أن استئناف الرحلات الجوية بين بلاده وروسيا يعتبر أولوية بالنسبة للحكومة المصرية، لأنها تؤثر بشكل ملموس على عودة السياح الروس في مصر.
يشار إلى أن قيمة تأشيرة الدخول المصرية للمواطن الروسي تبلغ 25 دولارا يدفعها السائح في المطار .
يذكر أن روسيا أوقفت حركة الطيران مع مصر في نوفمبر عام 2015م، بعد تحطم طائرة روسية نتيجة لعملية إرهابية، أقلعت في مطار شرم الشيخ متوجهة إلى سان بطرسبورغ، وقتل في الكارثة الجوية 224 شخصا كانوا على متن الطائرة.
وأعرب الرئيس فلاديمير بوتين، مطلع سبتمبر الحالي عن أمله بأن تستأنف الرحلات الجوية بين بلاده ومصر في وقت قريب وبشكل كامل، وذلك بشرط ضمان سلامة الرحلات الجوية الروسية في المطارات المصرية.
وكانت الحكومة الروسية، أعلنت الإثنين 17 أبريل 2017، توقيعها على مرسوم يسمح لمواطني 18 دولة، بينها تركيا وعدد من الدول العربية، بالسفر إلى مناطق الشرق الأقصى الروسي، دون تأشيرة دخول، ولم تكن بين هذه الدول مصر.
معونات قطاع السياحة
يذكر أن القطاع السياحي في منتجع شرم الشيخ، تعرض لانتكاسة عقب سقوط الطائرة الروسية في الحسنة بشمال سيناء في أكتوبر من العام الماضي، ما ترتب عليه حظر السفر من قبل عدة دول أوربية على رأسها إنجلترا وروسيا، ونتج عن ذلك تشريد آلاف العمال وغلق ما يقرب من 100 منشأة سياحية وفندقية لعدم وجود سائحين.
وصرفت محافظة جنوب سيناء، مساعدات لمتضرري السياحة في مدينة شرم الشيخ قبل عيد الأضحى المبارك، خاصة بعدما يعاني العاملين في القطاع من نشاط ضعيف لا يفي باحتياجات الدولة، فضلا عن فشل السياحة الداخلية في تعويض غياب الوفود الأجنبية، وذلك منذ سقوط الطائرة الروسية في 2015 والذي اعقبها تحذيرات دولية من السفر إلى مصر.
وقال اللواء محمود عيسى سكرتير عام محافظة جنوب سيناء عيسى، أن مديرية التضامن الاجتماعي قامت بصرف إعانة عاجلة بمبلغ 10 آلاف جنيه لنحو 50 مواطنا بقيمة 200 جنيه للفرد، و صرف دعم نقدي شهري قدره 300 جنيه لكل أسرة لمدة 6 أشهر بإجمالي مليون و341 ألف جنيه.
تعليق رحلات الطيران
وكان وزير الطيران المصري، شريف فتحي، قال إن مصر نفذت جميع المطالب الروسية؛ لاستئناف رحلات الطيران من موسكو إلى القاهرة، المتوقفة منذ نحو عامين.
وأكد الوزير، عقب اختتام مؤتمر وزاري إقليمي لأمن الطيران المدني، في 25 أغسطس الجاري، إن «المطارات المصرية مستعدة لاستقبال الرحلات الروسية في أي وقت، وموعد عودة الرحلات يحدده الجانب الروسي فقط؛ إذ لم نتلق أي إخطار حتى الآن بشأن عودتها».
وعلقت موسكو ولندن ودول أخرى رحلات الطيران إلى مصر في نوفمبر 2015، بعد شهر من تحطم طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء، بعيد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، شمال شرقي البلاد، نتيجة عمل إرهابي، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها الـ217، وأفراد طاقمها الـ7.
وفود أمنية
ومنذ يناير 2017، توالى وصول الوفود الأمنية من روسيا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة إلى مطار شرم الشيخ، ومطار القاهرة الدولي، لتفقد الإجراءات الأمنية قبيل عودة السياحة الروسية والبريطانية لمصر، لكن ذلك لم يحدث إلى الآن، خاصة بعد تعرض مواقع سياحية لهجمات مسلحة في الآونة الأخيرة.
مصر لا تزال خطرة
رغم تولي الروس مهام تدريب قيادات المطارات المصرية على عمليات التأمين، حيث تعاقدت مصر مع شركات أنظمة مراقبة روسية، إلا أن ذلك لم يشفع للسلطات الروسية السماح لمواطنيها بعودة السفر إلى مصر، وقررت استكمال مدة تأجيل حظر السفر إلى مصر.
وقالت سفيتلانا سيرغييفا مستشارة رئيس الوكالة الفدرالية الروسية للسياحة، في بيان لها في 26 من يوليو الماضي، إن الجانب المصري لم يحل جميع المسائل المتعلقة بأمن الطيران.
وأكدت سيرغييفا أن الهجمات الأخيرة على السائحات في شاطئ مدينة الغردقة تسبب للوكالة بمزيد من القلق.
توقعات قصف المنتجعات
ورجح نائب وزير الخارجية الروسي «أوليغ سيرومولوتوف» في 22 فبراير 2017، إلى إمكانية قصف «تنظيم الدولة» للمنتجعات السياحية، وهو ما يعقد عودة السياح الروس إلى مصر».
وقال سيرومولوتوف خلال إجابته عن سؤال وكالة «سبوتنيك» الروسية، بهذا الشأن: «بالطبع، كل شيء سيحل، في حال تم ضمان سلامة مواطنينا.. هل تعتقدون أنه من السهل اتخاذ هذا القرار بعد وقوع مثل هذه الحوادث؟».
وأضاف: «ولو أنهم توسعوا أكثر بقليل وقصفوا المنتجعات؟ إنها المنتجعات قريبة. وتنظيم داعش الآن خطير بشكل جدي».
وكانت طائرة تابعة لشركة «كوغاليم آفيا” قد سقطت يوم 31 أكتوبر 2015 وسط سيناء، بعد دقائق من إقلاعها من منتجع شرم الشيخ، وقتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 224 شخصا، وقال تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة الإسلامية إنه أسقطها بوضع قنبلة بدائية الصنع على متنها.
وتسبب الحادث في إعلان روسيا وقف رحلاتها الجوية لنقل السياح إلى مواقع سياحية في مصر، وهو الموقف الذي تبنته عدد من الشركات الأخرى.
قتل سائحتين
وقتلت سائحتين ألمانيتين في منتجع الغردقة، يوم 14 يوليو الماضي، في هجوم بسلاح أبيض، مما ضاعف من متاعب السياحة في مصر التي شهدت تراجعا في عائداتها خلال السنوات الماضية.
وفي عام 2014، حافظت مصر على مكانتها كأهم وجهة سياحية للمواطنين الروس، وبلغ عدد السياح الروس، الذين زاروا مصر لأول مرة في العام الماضي، 47% من جملة الوافدين، في حين بلغ عدد، الذين زاروا مصر أكثر من 3 مرات، نحو 30%، ونسبة الذين زاروا مصر أكثر من مرتين نحو 22.6%، من جملة السياح الروس.
وبحسب بيانات وزارة السياحة، فقد حقق السياح الروس 2.5 مليار دولار إيرادات لمصر العام 2014، من أصل 7.3 مليار دولار حققها قطاع السياحة ككل خلال العام نفسه.
وتتركز السياحة الروسية الوافدة إلى مصر في زيارة المناطق الساحلية على شاطئ البحر الأحمر وجنوب سيناء؛ في حين تذهب نسبة ضئيلة للغاية في رحلات لزيارة المناطق الأثرية في المدن المصرية.